
سوريا بعد سقوط الأسد: 222 مدنياً قتلى في شهر واحد… من يوقف دوامة العنف؟
بعد أكثر من عقد من الصراع، وسقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024، لم تنتهِ معاناة السوريين. لا تزال البلاد مسرحاً للفوضى الأمنية، حيث تحصد التفجيرات والألغام والاشتباكات أرواح المدنيين بلا تمييز.
في شباط/ فبراير 2025، وثّقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” مقتل 222 مدنياً، بينهم 17 طفلاً و37 سيدة، و9 أشخاص تحت التعذيب، بالإضافة إلى وقوع مجزرتين نتيجة تفجير سيارات مفخخة.
هذا التقرير يسلط الضوء على استمرار الانتهاكات في سوريا، رغم المتغيرات السياسية، ويطالب بمحاسبة مرتكبي الجرائم وتأمين العدالة للضحايا.
أولاً: الضحايا المدنيون… استمرار القتل رغم سقوط النظام:
بحسب تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فإن المدنيين لا يزالون يدفعون الثمن الأكبر، حيث قُتل 222 مدنياً خلال الشهر الماضي. وعلى الرغم من انتهاء حكم الأسد، إلا أن بعض الضحايا ما زالوا يسقطون بسبب مخلفات قواته، سواء عبر الميليشيات الموالية له أو انفجار الذخائر والألغام التي زرعتها قواته سابقاً.



الجهات المسؤولة عن مقتل المدنيين في شباط/ فبراير 2025:
قوات الأمن العام: 13 قتيلاً
قوات سوريا الديمقراطية (قسد): 5 قتلى بينهم طفل وسيدتان
الجيش الوطني: قتيل واحد
جهات أخرى: 203 قتلى، بينهم 16 طفلاً و35 سيدة
ثانياً: المجازر والتفجيرات… موت جماعي بلا هوية:
شهد الشهر الماضي وقوع 4 مجازر، اثنتان منها نتيجة انفجار سيارات مفخخة، ما أدى إلى مقتل 25 مدنياً بينهم طفلان و21 سيدة. هذه التفجيرات، التي استهدفت مناطق سكنية مكتظة، تطرح تساؤلات خطيرة حول الجهة التي تقف وراءها، وأسباب استمرار هذه التكتيكات الدموية في ظل غياب سلطة مركزية تحمي المدنيين.
ثالثاً: القتل تحت التعذيب… الجريمة مستمرة:
لم يتوقف التعذيب في سوريا، حيث وثّقت الشبكة مقتل 9 أشخاص تحت التعذيب، بينهم:
7 على يد قوات الأمن العام
1 على يد الجيش الوطني
1 على يد قوات سوريا الديمقراطية
إن هذه الأرقام تعكس استمرار الممارسات القمعية في السجون والمعتقلات، مما يستدعي تحقيقات دولية جادة لمحاسبة المسؤولين وضمان عدم إفلات الجناة من العقاب.
رابعاً: الاعتداءات على المنشآت المدنية… استهداف ممنهج:
رصد التقرير 10 اعتداءات على مراكز حيوية مدنية، بينها:
3 على يد قوات سوريا الديمقراطية
7 على يد جهات أخرى، منها 3 على يد الاحتلال الإسرائيلي
إن استمرار استهداف المنشآت الطبية والتعليمية والبنية التحتية الحيوية يؤكد أن الحرب لم تنتهِ بعد، بل إن المدنيين ما زالوا في قلب الخطر.
خامساً: الألغام الأرضية… القاتل الصامت:
ما زالت الألغام التي زرعتها قوات الأسد قبل سقوطها، بالإضافة إلى الألغام التي استخدمتها أطراف النزاع الأخرى، تفتك بالسوريين. ورغم مرور سنوات، لم تقدم أي جهة خرائط تحدد مواقع هذه الألغام، مما يفاقم معاناة السكان، خاصة في المناطق الريفية والزراعية.
سادساً: التوصيات… من أجل العدالة وحماية المدنيين:
إلى الحكومة السورية الجديدة:
التعاون مع الأمم المتحدة والجهات الحقوقية لتوثيق الجرائم السابقة والتحقيق في الانتهاكات المستمرة.
تأمين حماية المواقع التي تحتوي على أدلة لجرائم الحرب مثل المقابر الجماعية والسجون السرية.
الإفراج عن المعتقلين تعسفياً، خاصة الناجين من التعذيب، وإنشاء آليات لتعويض الضحايا.
العمل على إزالة الألغام ومخلفات الحرب لحماية السكان من مخاطرها القاتلة.
إلى المجتمع الدولي ومجلس الأمن:
إحالة الجرائم إلى المحكمة الجنائية الدولية لضمان عدم إفلات المسؤولين من العقاب.
تجميد أصول النظام السابق والمقربين منه واستخدامها لدعم العدالة الانتقالية.
دعم عمليات إزالة الألغام وتقديم المساعدات الإنسانية للمناطق المتضررة.
ضمان حماية اللاجئين السوريين والامتناع عن ترحيلهم قسرياً قبل تأمين بيئة آمنة لعودتهم.
إلى القوى المسيطرة على الأرض:
وقف استهداف المدنيين والبنية التحتية فوراً.
تقديم خرائط توضح مواقع الألغام لتمكين المنظمات المختصة من إزالتها.
محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات بحق المدنيين وضمان عدم تكرارها.
إلى متى يستمر النزيف؟
رغم سقوط النظام، لا تزال سوريا مسرحاً للموت والانتهاكات، وكأن الدم السوري أصبح مجرد رقم في إحصائيات القتل. استمرار المجازر، والتعذيب، والتفجيرات، واستهداف المدنيين، يطرح سؤالاً ملحاً: متى ينتهي هذا الكابوس؟
إن محاسبة الجناة، وإنصاف الضحايا، وحماية المدنيين، ليست مجرد شعارات، بل هي مسؤولية المجتمع الدولي والحكومة السورية الجديدة. فبدون عدالة حقيقية، ستبقى سوريا تدور في دوامة العنف، ولن يكون هناك سلام دائم.