دون خوفٍ منه.. أيمن فارس يتحدى الأسد في قلب حاضنته ويطالب برحيله
لم يكن أحدٌ يتخيّل أن يظهر شخص ما ينتمي لحاضنة النظام في منطقة الساحل السوري في فيديو، يهاجم فيه رأس النظام وزوجته وحاشيته وأجهزة أمنه، ويخاطب كل هؤلاء قائلاً لهم: أنتم بلاء سورية وكارثة عليها وسبب كل مصائبها.
هذا الشخص يدعى أيمن فارس، وهو ما كان ليجرؤ أن يظهر بتسجيل كهذا لولا أن الجوع والرعب من الأيام القادمة هي من دفعته إلى فعل ذلك، لقد انتهى زمن كذب النظام حول الثورة السورية، وباتت حاضنة النظام “المخدوعة بإعلامه، والمقموعة من شبيحته من آل أسد واتباعهم، على يقينٍ، أن النظام كان يتاجر بدمائهم ليبقى محتفظاً بالسلطة ولو فني غالبية السوريين على مذبح مصالحه الضيّقة.
قال أيمن فارس في تسجيل فيديو نُشر على يوتيوب: ” بدل أن تتمرجل عليّ يا بشار الأسد، وأنا لا أفعل أكثر من الكتابة والنشر، تمرجل على إسرائيل التي تضربك كل يوم ولا تفعل شيئاً معها”.
واتهم فارس في الفيديو المذكور أسماء الأخرس زوجة طاغية سورية قائلاً فيها: “زوجتك ابادت الساحل إبادة، وجوّعت أهله عن قصد لتفقرهم”.
وأضاف في تسجيله: “لم يفقر السوريين إلا أنت يا بشار الأسد وزوجتك”.
هذا الوضوح والصراحة المباشرة في حديث السوري المقهور أيمن فارس لم يكن “فشّة خلق”، بل كان تعبيراً عميقاً عن إحساس أهل الساحل السوري بخديعة نظام بشار الأسد لهم، فهذا النظام، أخذ أبناءهم حطباً في حريق حربه على الشعب السوري، الذي طالب سلميّاً برحيل رأس النظام ورموز سلطته الأمنية الفاسدة، والتي نهبت ثروات سورية، وباعتها رخيصاً لداعمي حكمه من الروس والإيرانيين.
لم يكن أيمن فارس وحاضنة النظام في الساحل والجبال الساحلية ليتصوروا أن انعكاسات حرب نظام أسد على السوريين ستنعكس عليهم خسائر بشرية في أرواح أبنائهم، وأن هذه الحرب القذرة التي افتعلها بشار الأسد تحت كذبة كبرى “حرب على قوى إرهابية”، لم تكن سوى دمار للبلاد والعباد، مما جعل اقتصاد سورية في حالة احتضار حقيقي، فلا إنتاج صناعياً، ولا إنتاج زراعياً، ولا مشاريع لخدمات جديدة، توفّر فرص عمل ودخل جديد للسوريين، بل انحطاط في الإنتاج، وتحويل للاقتصاد إلى خدمة حرب ظالمة.
هذه نتيجة حرب بشار الأسد على الشعب السوري، هذه النتيجة جعلت موظفي الدولة يعملون برواتب لا تتجاوز 22 دولاراً أمريكياً لكبار موظفي الدولة، وتنتهي برواتب عند حدود عشرة دولارات أمريكية لموظفي المراتب الدنيا الحكومية.
هذه الحالة المعيشية المزرية، والتي يقبع ما نسبته أكثر من تسعين بالمئة من السوريين الموجودين في مناطق ميليشيا الأسد تحت خط الفقر الأشد، هي من دفعت ايمن فارس لقول حقيقة الواقع الذي يعيشه السوريون وهم يموتون جوعاً، ويخافون من الموت تعذيباً في أقبية أجهزة مخابرات الأسد، التي رُبيت على احتقار المواطن، واعتباره مجرد شيء تافه في مزرعة آل الأسد.
لم يخف الر جل أيمن فارس حقيقة الوضع في سورية، فهو اتهم علانية بشار الأسد وحكمه بأنهم أجبن من أن يدافعوا عن دولتهم أمام ضربات إسرائيل على منشآتهم ومنشآت حلفائهم الإيرانيين، وهو قال بالفم الملآن أن فقر السوريين مسؤول عنه بشار الأسد وزوجته، فهم من يجوّع الشعب، وهم من لا يدافع عن البلاد، وهم من جاءوا بالمليشيات الطائفية الأجنبية لحمايتهم والحفاظ على كرسي حكمهم.
إن ظهور أيمن فارس بهذه الجرأة البطولية النادرة، سيفتح باب الاحتجاجات في حاضنة النظام، كما فتحتها مظاهرات جبل العرب وأبناء السويداء الأبطال، والذين لخّصوا جوهر احتجاجاتهم بقول صريح “ارحل يا بشار”. هذا التلخيص هو لسان حال كل السوريين باستثناء أجهزة أمن النظام وتجار حربه وعملائه.
إن من نهبكم هو النظام، وإن من أفقركم وجوّع أبناءكم هو النظام، وأن من قاتل بأبنائكم ليموتوا ليبقى في الحكم هو بشار الأسد وزوجته التي تدير اقتصاد سورية.
صرخة ألم أيمن فارس هي صرخة كل أسر الساحل، التي غرّها نظام الأسدين وجعل من أبنائها مجرد حطب لحرائقه، وهذا ما حدث.
حديث أيمن فارس أيقظ وعي حاضنة النظام المغشوشة بأكاذيبه وادعاءاته، وهو حديث سيزيح جدار الرعب الذي وضعهم خلفه بشار الأسد وأجهزة مخابراته المرعبة المتوحشة.
لهذا ينبغي على قوى الثورة والنشطاء الثوريين السوريين أن يحتفوا بأيمن كبطلٍ سوري فضح نظام القتل والتدمير من داخله، ويجب أن يكون خطاب السوريين حيال أهلنا وشعبنا في مناطق الساحل المختلفة وجبالها خطاب وحدة حالٍ ومصير، خطاب دولة مؤسسات وطنية يتساوى أمام قوانينها ودستورها كل السوريين، دولة لا تميّز دينياً ولا طائفياً ولا إثنيّاً ولا مناطقياً.
إن قوى الشعب السوري من كل مكوناته الوطنية معنية بالدفاع عن احتجاجات أهلنا في منطقة الساحل، أو غيرها من مناطق سورية، فهي احتجاجات تقرّب السوريين بعضهم من بعض، وتصهرهم في بوتقة الوطنية السورية، ولهذا يجب انتهاج خطاب سياسي وإعلامي وطني بامتياز، مما يسرّع من سقوط منظومة الاستبداد والإبادة، ويسرّع في انتقال البلاد إلى نظام حكم وطني على قاعدة الديمقراطية واستقلال السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية عن بعضها.
إن نظام أسد يقترب من نهايته، وإن فتح أبواب التضامن بين المكونات الوطنية مع بعضها هو طريق أساسي لزوال نظامٍ عاش على خلق الخلافات بين هذه المكونات.
فهل يستفيد السوريون بعد أثني عشر عاماً من هذه الحقيقة؟.