حركة التحرير والبناء ومهام ترتيب البيت الداخلي في المحرر
ما تشهده مناطق الشمال المحرر من حملة أمنية، هدفها القضاء على كلّ أشكال الفساد والجريمة، هو في الحقيقة استمرار لحملات سابقة، قامت بها حركة التحرير والبناء بالتعاون مع جهاز الشرطة العسكرية في عموم هذه المناطق.
حركة التحرير والبناء التي تنتمي لمرتبات الفيلق الأول في الجيش الوطني السوري، التابع لوزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة، عملت وفق رؤيتها التي تقول: قبل أن تبدأ بحملتك لتحرير الأرض المحتلة، ينبغي إحاطة نفسك بالأمان في مناطقك.
هذه الرؤية ليست جديدة، فلا أحد يستعد لتحرير أرضه المحتلة من قوى أجنبية أو عميلة للأجنبي قبل أن يحقق الأمن في بيته الداخلي، فكيف يمكن لجيش الثورة أن يقاتل وخلفه من يعيث فساداً وتخريباً وقتلاً؟
وقبل عرض الحملة الأمنية وأهدافها، يمكن القول إن الحملة تستهدف فئات محددة تقف خلف عالم الجريمة في مناطق الشمال المحرر.
هذا هو جوهر ما تقوم به حركة التحرير والبناء في مناطق المحرر جميعها في هذه الآونة،
حيث استهدفت الحملة ثلاث فئات، هي من تقف خلف الفساد والعبث بالأمن العام الاجتماعي، وهؤلاء هم فئة لصوص السيارات والدراجات النارية وتزوير العملات، هذه الفئة المستهدفة، لم يكن استهدافها جديداً، بل كانت هدفاً مستمراً لحركة التحرير والبناء في حملات سابقة.
الحملة الأمنية الواسعة، التي لا تزال مستمرة في مناطق المحرر، التي تنهض بها قوات حركة التحرير والبناء بالتعاون مع جهاز الشرطة العسكرية، تستهدف المفسدين في هذه المناطق، وهؤلاء هم ممن يقوم بعمليات سلب الناس أموالهم وأشياءهم، ومن يفرض الإتاوات.
كذلك تستهدف الحملة الأمنية تجار المخدرات ومروجي هذه السموم الفتاكة بحيوية وعقول الشباب، فهؤلاء المجرمون يريدون استهداف جيل الشباب من أجل تعطيل قدراته وانتمائه الوطني، مما يضعف مقاومة الشعب السوري لقوى الاحتلال والعدوان.
إن قيام حركة التحرير والبناء بهذه الحملة الهامة، يتطلب بالتوازي معها القيام بحملات توعية إعلامية واسعة، تستهدف القضاء على هذه الأوضاع الخارجة على القوانين وأنظمة الأمن الداخلي للمحرر، أي أن يكون هدف الحملات متعدد المهام، فمن جهة أولى، يتم القبض على كل هؤلاء المجرمين، وإحالتهم إلى القضاء لينالوا جزاءهم، ومن جهة أخرى وعبر الحملات الإعلامية، ينهض الشعب بواجباته في المساعدة على تحقيق أهداف هذه الحملة الأمنية.
أي إن أفراد الشعب يساعدون القوى الأمنية في مكافحة هذه الجرائم، التي تشكّل خطراً على حياتهم، وهذا لن يتمّ بغير حملات إعلامية واسعة، عبر الإعلام المرئي والمكتوب والمسموع، وعبر ندوات ثقافية ومحاضرات فيزيائية، وعبر مناهج التعليم الوطني في المدارس، حيث يتم عبرها شرح مخاطر هذه الجرائم المختلفة على الأمن الاجتماعي في المحرر.
إن نجاح حملة حركة التحرير والبناء في مكافحة عالم الجريمة في عموم مناطق الشمال المحرر، سيكون عاملاً مهماً في ترسيخ الأمن العام، مما يجعل هذه المناطق بؤرة استقطاب للباحثين عن العيش بأمان وسلام، وكذلك سيجعل هذه المناطق مقصداً حقيقياً للاستثمار الاقتصادي، إذ لا استثمار اقتصادي في حالة الفوضى أو غياب الأمن العام والأمن الاجتماعي.
الاستقرار الأمني الذي يشكّل هدف حملة حركة التحرير والبناء حالياً، هو وعي بأهمية هذا الاستقرار، وعلاقته بتطور وتنمية هذه المناطق على كافة المستويات الاقتصادية، والاجتماعية، والعلمية، والإنسانية.
وعي حركة التحرير والبناء بهذا المفهوم ليس طارئاً على بنيتها، فهذه الحركة منذ تشكلها في شباط عام 2022، وضعت نصب عينيها تكامل مهامها الوطنية في مجالي الدفاع عن الشعب وتحرير الأراضي المحتلة مع باقي قوات الجيش الوطني، ووضعت النهوض ببناء الانسان والوطن هدفاً مكملاً لكفاحها الثوري.
ومع ذلك يمكننا القول، إن وضع استراتيجية متكاملة لمفهوم الأمن العام والأمن الاجتماعي، هو حاجة ضرورية لتحقيق الاستقرار بأشكاله كافة في مناطق المحرر، وهذه الحاجة الكبرى، ينبغي أن تتبناها الحكومة المؤقتة، وتستفيد فيها مما حققته حركة التحرير والبناء كقوةٍ رائدة في تحقيق الاستقرار في الشمال المحرر.
فهل سنرى تطويراً لبرنامج الأمن العام وأدواته ووسائله بصورة ملموسة وفعّالة، أم أن حملة مكافحة الجريمة ستبقى قيد الفعل الأمني لا أكثر؟.