fbpx

“جبهة السلام والحرية”.. التفاف على فشل

0 498

بدت خطوة إعلان تشكيل جبهة “السلام والحرية” وكأنها محاولةٌ لإجهاض الثورة السورية، هذا الإجهاض مصدره تقسيم الشعب السوري إلى قوميات وأديان وطوائف، وهم يعدون من خلالها أجزاء هذه التركيبة بمكاسب وحصص، وربما بتقسيم سياسي وقد يكون جغرافياً.

والسؤال، من هو المستفيد هنا؟، وما هو المخطط؟.

ربما الغاية من الخطوة تتمثل بمحاولة ملاقاة القوى الدولية أولاً، ومحاولة إعادة تنشيط دور قسد ثانياً، وصولاً إلى توافق مع النظام السوري، وهذا يعني أنها عملية التفاف آخر على استحقاقات وحقوق الثورة، وعلى تضحيات شعبنا السوري.

بيان تشكيل جبهة “السلام والحرية” أراد “جمركة” PYD وقسد القديمة، وعودتهما لساحة الحل السياسي، بانتظار آخرين، ينضمون أو تتم عملية ضمهم. لذلك يمكن اعتبار أن مرجعية البيان كانت خارجية، ولم تكن مصادفة، كذلك لم يقع البيان بالسهو حين أغفل مسؤولية النظام، وجرائمه الكبيرة، وحق شعبنا في تطبيق العدالة على من تلوثت أياديهم بدمائه.

أرادت التشكيلة الموقعة على بيان ما يسمى “جبهة السلام والحرية” الإيحاء بأنها خطوة جديدة، ولكن هذه الجبهة تخطط لتجربة حكم محلي لمنطقة شرق الفرات، عبر تجمعات تنتمي أصلاً لقوات سوريا الديمقراطية، أو تتعاون مع هذه القوات منذ زمن طويل، ولكن يعتقد هؤلاء أن الناس نسيت أن الدور الوطني لبعضهم مشكوك بمصداقيته، ومعروف بتبعيته للممولين ومصالحهم.

لكن الجديد في الأمر، هو مشاركة المجلس الوطني الكردي، فهذا المجلس هو في حالة انتماء تنظيمي وسياسي لائتلاف قوى الثورة والمعارضة، فبالرغم من حالة غياب الروح التي يعاني منها الائتلاف، فإن المجلس الوطني الكردي يذهب للتشارك في تجمع آخر، يخطئ فيه الطريق والرفيق، بمعنى آخر، كان من المفترض أن يكتشف المجلس الوطني الكردي أن “المجرّب لا يجرّبُ”.

إن ذهاب المجلس الوطني إلى تشكيل جبهة السلام والحرية مع قوى هامشية، يكشف عن انسداد أفق التوافق بينه وبين pyd، حول السعي لإقامة حكم فيدرالي في المنطقة الشرقية، يفرض بالقوة عبر تحالفات أشبه ما تكون بجبهة النظام الأسدي، المسماة “الجبهة التقدمية”، وفي ظلّ تعدد الوجود الأجنبي، وتعدد مصالح القوى الدولية والإقليمية، والذي لن يؤدي إلى حل.

إن الدول المنخرطة في الصراع السوري، أعلنت مراراً عن رغبتها في حل تكون فيه الدولة السورية واحدة، رغم أن الظروف الحالية لا تساعد في رسمها، ومع ذلك لا إمكانية ولا فائدة محلية أو دولية لقيام دويلات أو فيدرالية، كذلك ليس هناك إمكانية لتحقيق نصر عسكري من أي طرف، أو توسع جيوسياسي مؤثّر لأيٍ من هذه الدول، أو المجموعات المسلحة التابعة لها في المنظور القريب.

إن وجود دويلات وفيدراليات يعني استمرار التوتر والصراع لعشرات السنين في سوريا والعراق، حيث يوجد على أرض الأخير تنظيم PKK.

إن الحل الذي طرحته جبهة السلام والحرية، رغم صياغته بصورة خطوة أولى لمؤتمر وطني منقذ، هو حل يعبّر عن التفاف جديد خلف مسميات تجربة وطنية ديمقراطية، يراد لها أن تنطلق من المنطقة الشرقية، لتتمدد في سوريا كلها.

إن هذا المشروع المطروح هو مشروع يضمن استمرار مصالح الرعاة المباشر، عبر هيمنتهم ووجودهم العسكري، رعاة يستخدمون تنظيمات مسلحة مناطقية مثل تنظيم pyd، إضافة لألوية عربية وسريانية جديدة أو قديمة، أو ما شابهها في المنطقة الشرقية، وألوية عربية تركمانية في شمال سوريا تديرها تركيا، وأخرى في حوران تديرها روسيا، إضافة إلى القوة المنتظرة التي يديرها النظام حالياً في مناطق نفوذه المتوزعة بين روسيا وإيران.

إن هذا الاتجاه يعزّز محاولة إعادة الحياة والشرعية لكتلة النظام، عبر توافقات مع هذا الجسم الجديد (جبهة السلام والحرية).

إن إنشاء جبهة السلام والحرية غايته تثبيت حل مؤقت في ظل غياب معارضة وطنية مستقلة ذات مصداقية، ويمكننا القول أيضاً إن هذه الجبهة ولدت على أرضية فشل الحوار الكردي/الكردي، بعد وقفة الأكثرية الشعبية العربية في المنطقة.

لكن الأهم في الأمر أن مشاركة المجلس الوطني الكردي هي تمهيد لانسحابه من الائتلاف، وبالتالي خلط مسار المفاوضات ولجنة الدستور وممثليها. خطوة تتبعها خطوات تنتهي بتوافق ما مع النظام مغلف ببيان جنيف والقرار 2254. 

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني