تجارة الأسلحة.. مهنة رائجة في إدلب
تنتشر الأسلحة في إدلب على نطاق واسع، حيث تباع في الأسواق أنواع الأسلحة كافة الخفيفة منها والمتوسطة، بنادق وقنابل ورشاشات ومسدسات وعتاد عسكري، وبات السلاح في متناول غالبية الأهالي، كما انتشرت ظاهرة الإتجار بالسلاح عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، ومجموعات خاصة على تطبيقي “واتساب” و”تليغرام” للتواصل بين الباعة والمشترين.
عبد الوهاب الديوب “اسم مستعار” من مدينة سرمدا يعمل تاجر أسلحة يتحدث لنينار برس عن عمله بالقول: “أصبحت تجارة الأسلحة مصدر رزق لكثير من الأشخاص، ومصدرها غالباً من مقاتلي الفصائل العسكرية، بينما نحصل على عمولة بنسبة 25% مقابل كل قطعة نبيعها.”
ويتابع الديوب: “تعتبر الأسلحة الحربية والشخصية الأكثر مبيعاً، وفي بعض الأحيان نبيع أسلحة ثقيلة، نحصل عليها من الفصائل العسكرية التي اغتنمتها في معارك سابقة، ويوجد إقبال كبير على شراء الأسلحة من قبل مختلف الأطياف والشرائح، على الرغم من ارتفاع أسعارها.”
ويبين الديوب أن معظم زبائنه يشترون السلاح بغرض الدفاع عن النفس بحكم عملهم كصرافين للعملات وصياغ للذهب، أو حراس أو تجار.
ويضيف مبرراً: “من الطبيعي أن يقبل الأهالي على شراء السلاح في ظل الوضع الأمني المتردي، والفلتان الأمني وما تبعه من حوادث قتل وسرقة وسطو مسلح، من أجل حماية أنفسهم وأرزاقهم.”
المدرس عادل الحمود من مدينة معرة النعمان يقول لنينار برس: “انتشار الأسلحة ووقوعها بأيدي الشبان والأطفال ظاهرة سلبية ووباء على الأهالي، تتسبب بوقوع العديد من الجرائم مخلفة قتلى وجرحى، إذ بات اللجوء إلى استعمال الأسلحة أمراً شائعاً عند حصول المشاجرات، فضلاً عن حوادث إطلاق النار العشوائي التي أزهقت أرواح العديد من المدنيين.”
يشير الحمود إلى ضرورة وجود ضوابط أمنية رادعة من قبل حكومة الإنقاذ لكل من يريد حيازة السلاح أو المتاجرة به، إلى جانب إبعاد محلات بيع الأسلحة عن التجمعات السكنية.
تكمن مخاطر انتشار الأسلحة من خلال استخدامها في ارتكاب الجرائم الجنائية بكثرة، ما رفع من معدلات جرائم السرقة والخطف والقتل، والشروع في القتل وتصفية الحسابات.
حيث أقدم رجل ستيني نتيجة خلاف عائلي على قتل ابنته وزوجها بطلق ناري، خلال شهر آب/آغسطس في مدينة سلقين شمال غرب إدلب، خلال زيارتهما لمنزله الواقع في محيط مدينة سلقين من الجهة الشرقية.
أم حسين من مدينة سراقب نزحت إلى مخيم في بلدة كللي بريف إدلب الشمالي، نجت من الموت جراء إطلاق رصاص طائش لا تعرف مصدره، وعن ذلك تقول: “كنت في الخيمة، حين سمعت أزيز رصاصة مرت من جانبي، واخترقت الخيمة القماشية لتخرج من الجانب الآخر.”
وتتابع قائلة: “أصبح الكبير والصغير يحمل السلاح ويتباهى بذلك أمام الناس في ظل غياب المحاسبة والقوانين الرادعة، أما تجار الأسلحة فيملؤون جيوبهم على حساب الأهالي والنازحين الذين يعتبرون الضحية الأكثر تضرراً.”
لا تقتصر مخاطر محلات الأسلحة على انتشار الجرائم بل تتسبب أيضاً بتفجيرات في الأسواق، وتعرض حياة الأهالي للخطر، حيث وقع انفجار ضمن محل لبيع الأسلحة في مدينة الدانا بريف إدلب الشمالي بتاريخ 28 تموز/يوليو، جراء انفجار قنبلة يدوية، ما أدى لإصابة شخصين بينهم طفل بجروح خطيرة.
كما انفجر محل لبيع الأسلحة في مدينة إدلب، ضمن سوق شعبي في شارع الجلاء بتاريخ 26 تموز/يوليو الماضي، ما أدى لإصابة أكثر من 15 شخصاً، بجروح متفاوتة، وسط استياء شعبي كبير من وجود أكثر من 20 محلاً لبيع الأسلحة تنتشر في أسواق المدينة.
توفر السلاح وسهولة الحصول عليه يشكل خطراً كبيراً يهدد حياة المدنيين بسبب الحوادث والأخطاء، إلى جانب حالة الفلتان الأمني غير المسبوق الذي تعيشه المحافظة منذ سنوات دون رقيب أو حسيب.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”