بعد أن جفت موارده المالية.. النظام يبتكر أخرى
بعد سنواتٍ من حرب النًظام السوري على شعبه، يعلن انتصاره الزائف إثر استحواذه على 63%من مساحة الجغرافيا السورية، وذلك بعد أن استجلب الروسي والإيراني والميليشيات الطائفية التي كان لها دور كبير بفوزه بالكرسي.
نتيجة ذلك الانتصار سويت مدن كاملة بالأرض، وخرجت معظم القطاعات الحيوية عن الخدمة مع انهيار تام للبنى التحتية فضلاً عن الخسائر البشرية التي طالت نصف الشعب السوري بين قتيل ونازح ولاجئ وهذه الخسارة غير مدرجة بجدول اهتمامات النظام.
أما الخسارة الأكبر للنظام فهي التدهور الاقتصادي، نتيجة تسخير موارد الدولة واستخدامها لخدمة الصراع، وتوقف الإنتاج الزراعي والصناعي، وخروج القطاع السياحي عن الخدمة وشلل الحركة التجارية والترانزيت بعد خروج المعابر الحدودية عن سيطرة النظام والعقوبات الغربية.
انتهت الحرب بانتصار النظام حسب زعمه، وجاء موعد تسديد الفواتير، لتستحوذ روسيا على المرافئ وحقول الغاز والفوسفات والقطاعات السياحية، وتسعى إيران لتحصيل ديونها بالاستيلاء على ما تبقى من مؤسسات ومصانع واستثمارات، وتعود مقولة نفط سوريا ليس للسوريين للتداول بعد خروج حقول النفط عن سيطرة النظام لتقتع تحت سيطرة قسد بدعم القوات الأمريكية.
بظل هذا التدهور الغير مسبوق تواصل الليرة السورية مسيرها المرهق إلى أدنى مستوياتها لتقترب من 4 آلاف ليرة للدولار الواحد، ويعيش 90% ممن تبقى من الشعب السوري تحت خط الفقر في جمهورية باتت تسمى تهكماً جمهورية الطوابير نسبةً لانتشار ظاهرة الطوابير لتأمين ضروريات الحياة.
بينما ينعم الـ 10% من المحسوبين على النظام بثراء فاحش نتيجة مهارتهم باستغلال ظروف الحرب والتسهيلات المقدمة من النظام لتحصيل المكاسب بالوسائل كافة.
إذاً على النظام تأمين موارد مالية جديدة بعد أن جفت موارده نتيجة الضغط المالي الذي يعانيه والذي خلفته الديون والعقوبات الغربية وأيضاً لدفع رواتب الأجهزة الأمنية والعسكرية وتوفير الغذاء والوقود للمناطق الخاضعة لسيطرته.
استنفر خبراء الاقتصاد السوري لوضع خطط اقتصادية تزيد مردود النظام على حساب الشعب المنهك الذي صمد خلال سنوات الحرب فكانت المكافأة إغراقه بأعباء تفوق قدرته مع حرمانه من مقومات العيش الكريم أو حتى الحد الأدنى منها.
وبدأت عمليات التقنين تطال المواطنين من تقنين الطاقة إلى تقنين الخبز الذي أصبح يباع ببطاقة ذكية وبكميات محدودة لا تسد الرمق.
بالعودة إلى خطط النظام المالية فقد بدأ بتطبيق بعضها مع بداية الثورة وربما قبل ذلك من خلال
- ملف الاختفاء القسري:
استغل النًظام ملف المعتقلين والمغيبين منذ بداية الثورة كوسيلة لجني الأموال و زيادة سلطة و نفوذ ضباطه، فكل معتقل هو مشروع صفقة تجارية لضبًاط الأفرع الأمنية وعناصرها ،حسب تقرير صادر عن رابطة معتقلي ومفقودي صيدنايا ،استطاع النظام من خلال سماسرته الحصول على900مليون دولار بين عامي2011و 2012 مقابل معلومات عن معتقلين.
- العفو المزعوم:
أضاف العفو الكاذب الذي أعلنه النظام مؤخراً وسيلة جديدة تمكن من خلالها السماسرة ومحامين محسوبين على النظام من تحصيل أموال طائلة وبأسعار تبدا من 100ألف ليرة سورية مقابل إدراج اسم المعتقل بقوائم العفو التي لم تصدر، إلى أتعاب محامين متعاونين مع الأجهزة الأمنية تصل إلى عشرات الملابين.
- مصادرة أملاك المعتقلين:
على الرغم من أن القانون السوري والقانون الدولي يمنع الحجز إلا على أملاك الشخص المكلف نفسه لكن النظام استخدم هذا القرار كوسيلة لإجبار السوريين على بيع أملاكهم بسعر بخس حيث ينشط سوق العقارات لصالح الإيرانيين.فضلاً عن الأملاك التي صودرت بالفعل والتي وصلت إلى 1,5مليار دولار عائدة لمواطنين متهمين بالانتماء للحراك الثوري، و فقاً لصحيفة الغارديان فإن 40%من المعتقلين بعد الثورة تعرضت أملاكهم للمصادرة.
- جواز السفر:
الوسيلة الاكثر ربحاً و استمرارية والذي يُسمح بإصداره لجميع السوريين داخل وخارج البلاد دون تمييز، لكن النظام استخدم خبرته باقتناص المال السوري وابتكر ما سُمي بالجواز المستعجل بحجة توفير الوقت والجهد على المواطن وذلك مقابل 300الف ليرة سورية، أما استصدار الجواز من الخارج تصل تكلفته إلى 1000دولار وذلك من خلال سماسرة متعاونين مع إدارة الهجرة لدى النًظام.
- استغلال الحوالات المالية للمغتربين واللاجئين:
وذلك من خلال صرفها للمستفيدين بالليرة السورية حسب سعر صرف المركزي لتعود نصف قيمة الحوالة للنظام وبالقطع الأجنبي.
لم تتوقف حنكة النظام عند هذا الحد بل تعدتها إلى الصفقات الكبيرة وأبرزها:
- مصادرة أملاك التجار وأصحاب رؤوس الاموال لشُبهة انضمامهمللحراك الثوري
- مصادرة أملاك شخصيات مقربة من النظام انتهت صلاحيتها وبذلك تكون الفائدة مضاعفة، أولها الاستيلاء على الأموال، وثانيها المضي بخطة مكافحة الفساد التي تعد وسيلة لامتصاص غضب الجماهير جراء الأوضاع الاقتصادية المتردية.
ولعل أبرز حملات مكافحة الفساد التي قادها رأس النظام مع عقيلته أسماء كانت على رامي مخلوف وتجريده من شركاته وأرصدته.
وأيضاً الحملة التي طالت شركة MTN ورضخت الشركة لحكم صادر عن القضاء السوري المشكوك بنزاهته وتم تسليم أحد موالي النظام إدارة الشركة ودفع ملايين الدولارات.
أما المورد الأهم والأكثر سخاءً، هو تجارة المخدرات، التي استولى النظام مع حليفه حزب الله على أسواق التصريف، بل والتصنيع، فقد أصبحت سوريا المصدر الأول للكيبتاغون والحشيش إلى مصر والسعودية والأردن وتجاوزت الأسواق العربية لتصل للأسواق الأوربية من خلال إيطاليا ورومانيا واليونان مع طرق مبتكرة بتهريبه من حشو حبات الفواكه والحلويات إلى أحشاء المواشي.
الخطف:
تجارة مستحدثة بظل الانفلات الأمني الذي تعاني منه مناطق سيطرة النظام، وبتعبير أدق هي عمليات ترعاها الدولة وتباركها وترخصها وتقدمها هدية للميليشيات الطائفية التي ساندت النظام بحربه على معارضيه، فتقوم تلك العصابات بعملها بسلاسة وبدون مساءلة، وبمساعدة الأجهزة الأمنية، وغالباً ما تكون هذه العصابات مرتبطة بشراكة مع ميليشيات حزب الله المتنفذ على الحدود السورية اللبنانية، ولا يخفى على سوري اسم “شجاع علي” الذي حول قريتين من قرى ريف حمص الغربي إلى معتقل كبير يحتجز فيه المختطفين لحين افتدائهم بمبالغ طائلة وبالقطع الأجنبي.
هذا غيض من فيض مما يجري في سوريا جراء النصر المزعوم وانتهاء الأزمة كما يسميها موالو النظام الذين خرجوا من أزمة ودخلوا في نفق من الأزمات تبدأ بمهمة تأمين رغيف الخبز ولا تنتهي عند حلم العودة بأمان إلى منزل ينقصه الكثير من ضروريات الحياة، التي تحولت بنصرهم إلى ضرب من ضروب الخيال. وفي الجهة الأخرى ينعم أمراء الحروب وتجارها في مطعم سيدة الصمود والتصدي لونا الشبل الذي شُيد على رفات السوريين وبأموال السوريين ويُضاء بكهرباء السوريين المسروقة من منازل الفقراء الذين سيخرجون في اليوم التالي مفتدين قائدهم بالروح والدم.