fbpx

انحياز بيدرسون ومسايرته للنظام السوري.. تعطيلٌ للقرارات الدولية

0 604

يبدو المسار التفاوضي، بين قوى الثورة السورية والنظام السوري، على قاعدة القرار الدولي 2254، موضع شكٍ جديٍ، على صعيد تنفيذ هذا القرار، فديمستورا، الذي ساير موسكو على تجزئة القرار الدولي رقم 2254 إلى سلال أربع، كان يعرف بتوجهات موسكو حول تفريغ هذا القرار عبر التجزئة من مضمونه وفعاليته، هذه المسايرة كانت على حساب القرار المذكور، وعلى حساب حقوق السوريين في الانتقال السياسي، ويصبّ في عرقلة الخلاص من نظام استبدادي فظيع، لا يزال جاثماً على صدر السوريين منذ أكثر من خمسين عاماً.

بيدرسون وريث ديمستورا في منصب المبعوث الأممي، هو الآخر ينحو منحى سلفه، فمسايرته للنظام السوري في تعطيل جلسات التفاوض، وفي محاولات التركيز على سلة واحدة هي السلة الدستورية، يعني في المحصلة مساهمة في إعادة انتاج النظام وفق الرؤية الروسية.

في هذا السياق يقول رئيس هيئة التفاوض السورية أنس العبدة في حوار له مع صحيفة (العربي الجديد): “إن فريق الأمم المتحدة الخاص بسوريا، يتغاضى عن ذكر مسارٍ أساسيٍ في العملية السياسية، وهو الانتقال السياسي”. ويرى العبدة في ذات السياق أن هذا يجعل الدور الأممي ملتبساً”

ويؤكد العبدة: “أن الجولة المقبلة من اللجنة الدستورية ستكون محورية، وستحدد طريقة تعاملنا مع هذا المسار”.

الموقف الغربي سواء موقف الولايات المتحدة الأمريكية أو موقف الاتحاد الأوربي، أو موقف باقي من يطلقون على أنفسهم مجموعة أصدقاء سوريا، هو موقف هشٌ بالمعنى الاستراتيجي، فهو لا يلحظ بجدية حقوق شعب السوري، الذي لا يزال ينزف دماً ودماراً وهدر حقوق.

الموقف الغربي، لا يمكن أن يتطور لمصلحة السوريين بصورة فعالة، بدون إحساس هذا الغرب، وفي مقدمته الولايات المتحدة، بأن الثورة السورية إذا ما استطاعت ترتيب أوضاعها الداخلية بصورة جدية، فستشكل عامل ضغط جدي عليهم فيعيدون حساباتهم المرحلية والاستراتيجية حيال ضرورة المساعدة السريعة في إنجاز الانتقال السياسي في هذا البلد.

هذا الأمر يتطلب بصورة سريعة تغييراً في مواقع وأساليب عمل قوى الثورة والمعارضة، فالمعارضة بمؤسستها الرئيسية الائتلاف لا تزال بعيدة كل البعد عن القدرة على لمّ السوريين حول موقف وطني وثوري واضح، هذا البعد له علاقة بطبيعة تكوينها وجهة تمويلها، ما يجعلها عاجزة عن فعلٍ مبادرٍ يقود قوى الثورة نحو إجبار القوى الإقليمية والدولية على تغيير مواقفهم المهادنة لبقاء نظام الأسد.

وكي لا تبدو الأمور غامضة، يمكننا التساؤل المشروع والعلني، إذا كان فريق اللجنة الدستورية سيستمر بالتفاوض، دون سقف زمني، ودون تزامن مع السلال الثلاث الباقية؟ وإذا كان فريق المعارضة والمجتمع المدني، سيضغط بصورة ملموسة، على النظام والروس وبيدرسون، من خلال رفض الانخراط بمفاوضات دستورية، لا تترافق بغير اشتراط وقف مهزلة الانتخابات التي يحضّر لها بشار الأسد ونظامه.

تبرير الاستمرار بتفاوض لا نتائج له أو لا مردود له لصالح الشعب السوري، سيكون بصراحة خدمة غير مقصودة تقدمها المعارضة المنخرطة بفريق اللجنة الدستورية.

إن قوى الثورة معنية جدياً بالسير وفق أحد المسارات التالية:

المسار الأول: يتعلق بإعادة إنتاج قوى الثورة لمؤسستها الثورية على قاعدة الإصرار على تنفيذ كل قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالصراع بين النظام وحلفه وبين قوى الثورة والشعب السوري.

هذا المسار يتطلب تغييراً عميقاً ببنية مؤسسات المعارضة ووظائفها وأدواتها، وبالتالي فتح الأفق لرفدها بالطاقات الكبرى التي يحوزها السوريون المؤمنون بالتغيير السياسي نحو دولة ديمقراطية، وهو يعني ببساطة البحث عن تمويل وطني شعبي خارج تمويل دول ذات أجندات متحكمة باستقلالية القرار الوطني للثورة السورية.

المسار الثاني: يكون عبر قبول المعارضة شروط اللعب والتسويف، اللذين يمارسهما النظام، بدعم إيراني وروسي صريحين، وهذا يعني، أن المتصدرين للتفاوض باسم المعارضة، عليهم تسمية الأمور بأسمائها، دون تورية، وغموض، واستخدام مفردات، لا دلالات واضحة لها. 

هذا المسار لن يكون عمره طويلاً، فهو يعمل ويراكم لمصلحة نظام الأسد بطمس كل الجرائم والقيام بغسل النظام لجرائم الحرب، والجرائم بحق الإنسانية التي ارتكبها، وبيان أن الدمار هو فعل حرب أهلية كما أراد الترويج لذلك وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، الذي لا يريد، أن يقول إن السوريين ثاروا سلمياً ضد طاغية، يتحالف مع عدو لهم هو إيران.

هذا المسار الثاني يعني في نهايته طي صفحة معارضة هشة ووظيفية، وانتقال فعاليتها لأطوار خارج الثورة السورية، وخارج التغيير السياسي في البلاد، على قاعدة القرارات الدولية، وفي مقدمتها القرار 2254.

المسار الثالث: وهو على ما يبدو يتم التحضير له دولياً، إذ ستكون سوريا ثلاث مناطق رئيسية وربما أربع، هذه المناطق ستتشكل بصورة جدية في شمال شرقي سوريا (الجزيرة والفرات) بإدارة أمريكية مبتكرة، ربما يراد منها استقرار هذه المنطقة لجهة التحضير لمعارك دولية أو إقليمية قادمة.

والمنطقة الثانية المحتملة، ستكون مكونة من مناطق شمال حلب وإدلب ومناطق نبع السلام، فهذه المنطقة هي الأخرى تحتاج إلى ضبط أمني وعسكري جديدين، تساعد في تحقيقهما الدولة التركية، التي يهمها ألا يقع تهديد لأمنها القومي، ويهمها كذلك تنمية المنطقة اقتصادياً، ووفق هذه الرؤية المحتملة، ستشكل هذه المنطقة عامل جذب اقتصادي وسياسي واجتماعي للسوريين الطامحين بالعودة إلى سوريا، والعيش بأمان واستقرار فيها.

المنطقة الثالثة: هي ما يضع النظام والإيرانيون والروس يدهم عليه من مناطق حتى الآن، هذه المناطق لن تشهد تطورات استقرار في ظل وجود قوى احتلالات منها إيرانية وأخرى روسية وثالثة ميليشاوية. الهدف من بقاء هذه الاحتلالات هو انتخاب الأسد، وبالنسبة لهذه القوى الدولية، وجود الأسد عامل تبرير لوجودهم، وهو يعني استمرار الاحتلالات لتغيير ديمغرافي ولمزيد من النهب الاقتصادي لثروات السوريين.

لهذا يمكننا أن نقول بملء الفم، إن استمرار المعارضة ومؤسساتها الحالية هو رهن بإفشال النظام تنفيذ القرارات الدولية، وهذا يتطلب من قيادات وطنية شريفة داخل هيئات المعارضة العمل على الانفكاك التدريجي من التدخلات الدولية، والعمل على التحصن بالحاضنة الشعبية والثورية السورية.

هل تنهض المعارضة بهذا الدور الحاسم، أم سيلفها النسيان قريباً؟. ننتظر التطورات.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني