fbpx

المطلوب مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة لتنفيذ 2254

0 275

قرابة سبع سنوات منذ صدور القرار الدولي 2254 عن مجلس الأمن بتاريخ الثامن عشر من كانون الأول/ديسمبر عام 2015، وهذا يعني بالمعنى السياسي أن مجلس الأمن الدولي لم يكن جاداً في حل الصراع الدموي في سوريا نتيجة شنّ النظام الأسدي حربه المدمرة على المدن والبلدات والقرى الثائرة ضد الاستبداد والمطالبة بنظام ديمقراطي تعددي ودولة مؤسسات قانونية.

عدم جدية قرار مجلس الأمن المذكور تنبع من كونه لم يضع جدولاً زمنياً لتنفيذ القرار المذكور، ولم يضع قوة زجر لتنفيذه تحت البند السابع، وهذا سمح للنظام الأسدي وحليفيه الروس والإيرانيين بالمماطلة والتسويف ومحاولة تفريغ القرار من مضمونه.

لنعترف بصراحة وواقعية، أن محاولات التسويف والمماطلة ما كانت لتتم لو أن قوى الثورة والمعارضة بكل أطيافها كانت تعمل ضمن إطار عمل ثوري واحد، سواء في الجانب السياسي أو العسكري أو الديبلوماسي، وهذا سمح للنظام وحلفه كما قال وزير خارجية النظام الأسدي (وليد المعلم) سنغرقهم بالتفاصيل.

كذلك لنعترف صراحة وبواقعية ملموسة، أن كميزان القوى الحالي إقليمياً ودولياً لا يسمح بتنفيذ القرار 2254 وفق مفاوضات جنيف التي اختصرها ديمستورا بما سماه (مفاوضات اللجنة الدستورية)، هذه المفاوضات هي الأخرى لا تستند على ميزان قوى فاعل لدفع المفاوضات إلى الأمام، لأن قرار الحرب والسلم ليس بيد هيئة المفاوضات وفريقها في اللجنة الدستورية. فمثل هذا القرار وهو واضح للقاصي والداني هو قرار إقليمي دولي، لم تحدث بعد تفاهمات وتوافقات على صيغة تنفيذه، وهذا يضرّ بشدّة بالحل السياسي الذي ينتظره شعبنا السوري في دول اللجوء وفي مخيمات النزوح وفي كل أماكن انتشاره القسري خارج وطنه.

فما دام التعطيل يتمّ على تنفيذ القرار 2254، فهذا طريق مسدود، ولن ينتج حلاً، ومن يدعي أنه سينتج حلاً عليه تقديم براهين ملموسة تعتمد على واقع الأمور وموازين القوى الحالية المحيطة بالصراع السوري.

وفق هذه الرؤية يتبادر إلى ذهني فكرة حل تعتمد على تنفيذ القرار 2254، آلية الحل هي عقد مؤتمر دولي للقوى الفاعلة يحضره النظام وقوى الثورة، ويكون أساس المؤتمر هو تنفيذ هذا القرار بصورة جلية، بما فيها العدالة الانتقالية والانتقال السياسي على أساس تشكيل حكومة مشتركة من عناصر تنتمي للنظام لم تتلوث أيديها بالدم السوري أو بنهب ثروات البلاد، وهذا الشرط ينطبق أيضاً على فصائل قوى الثورة التي لم تتورط بأعمال فيها انتهاك لقوانين الحرب المتفق عليها دولياً، وبالتالي فمن كان قد ارتكب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية يجب أن يخضع للعدالة الانتقالية ومحاكمها العادلة.

إن عقد مؤتمر دولي لحل الصراع في سوريا يحتاج إلى فريق عمل متخصص بالديبلوماسية والخبرات السياسية الكبرى وتكون مهمته كسب التأييد الدولي لعقد هكذا مؤتمر، وهذا ما يجب أن يشتغل عليه الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة بالتعاون مع التنظيمات الثورية السورية وقوى المجتمع المدني الرافضة لنظام الاستبداد.

صعوبة عقد المؤتمر حالياً محكومة بالحرب الروسية – الأوكرانية، فالروس ستيحججون بعدم توفر وقت لعقد هذا المؤتمر وهم في حالة حرب مع أوكرانيا وداعميها الدول الغربية، ولكن أظن أن هذا الرأي قصير النظر لسبب بسيط فحين يتم التفاوض حول الصراعات بين روسيا والغرب بما فيها حربهم ضد أوكرانيا، يكون إدراج ملف الصراع السوري أسهل بكثير مما لو أنه يطرح بصورة فردية.

هذه الرؤية يجب التعامل معها بنوع من الجدية والإيجابية، فالروس أصلاً في ورطة حرب لم يتخيل بوتين أنها ستكون أكثر من نزهة لجيشه الذي كان ذات يوم يسمى الأحمر، وليس كما يعكس إعلامهم الكاذب، فالحرب بدأت في شباط، أي مضى عليها أكثر من سبعة أشهر وهذا يعني أن دولة صغيرة كأوكرانيا قدرت أن تكسر شوكة وهيبة جيش عملاق اسمه الروسي، الذي ثبت أنه كالجيش الأسدي ليس قوياً إلا بشنّ الغارات والقتل والدمار على المدنيين.

الروس في ورطة في أوكرانيا، والغرب يدرك ذلك، وقوى الثورة والمعارضة يجب أن تدرج في حساباتها هذه المعطيات، فإذا كان فريقها الديبلوماسي لا يمتلك هذه الحنكة والقدرة على المناورة والقدرة على تسويق فكرة المؤتمر الدولي، فاعتقادي أن يخلى مواقعه لمن هو أكثر خبرة ديبلوماسية ومقدرة سياسية، وهذا ليس عيباً بل خدمة للشعب السوري للمرور نحو الخلاص من حالة الحرب والدمار، وللخلاص من نظام الاستبداد.

أظن أن شعار عقد مؤتمر دولي حول سوريا هو فكرة عملية أكثر صواباً من مفاوضات لا تزال منذ الربع الأخير لعام 2019 في مربعها الأول، أي بدون أي نتيجة.

أظن أن الائتلاف الوطني سيتعامل بجدية وواقعية مع هذه الفكرة ومع تطويرها شرط تحقيق انتقال سياسي لا مكان فيه لمجرمي الحرب أي موقع، بل مكانهم في محاكم عادلة تحقق العدالة الانتقالية ليسود السلام بين مكونات الشعب السوري دون استثناء ضمن دولة مدنية ديمقراطية تعددية بحماية دولية مؤقتة.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني