fbpx

المؤشر العربي 2019-2020 للاستطلاع والمسح

0 519

تحرص صحيفة نينار برس على نشر ومتابعة ما يتعلق بالاستطلاعات المسحية التي تعطي أرقاماً وحقائق عن واقع الحال العربي. لذلك آثرنا وضع تقرير عن نتائج المؤشر العربي 2019-2020 الذي صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، خدمة للقارئ والجمهور.

أعلن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة يوم الثلاثاء 6 أكتوبر عن نتائج المؤشر العربي 2019-2020 وهو نتاج الدورة السابعة، ويعد هذا الاستطلاع أضخم مشروع مسحي في المنطقة العربية، حيث أجري في 13 بلداً عربياً، هي موريتانيا والمغرب والجزائر وتونس ومصر والسودان وفلسطين ولبنان والأردن والعراق والسعودية والكويت وقطر، فيما حالت النزاعات والحروب في كل من سوريا وليبيا واليمن من وصول المؤشر إليها. ومع ذلك فقد غطى المؤشر ما يزيد عن 86% من سكان العالم العربي، وشمل الاستطلاع عينة قوامها 28 ألف مستجيب ومستجيبة أجريت معهم مقابلات شخصية مباشرة ضمن عينات ممثلة للبلدان التي ينتمون إليها بهامش خطأ 2-3%، وشارك في تنفيذه 900 باحث وباحثة نصفهم من النساء، استغرق العمل نحو69 ألف ساعة عمل، قطعوا خلالها ما مجموعه أكثر من 820 كيلو متر.

يهدف هذا الاستطلاع للوصول إلى اتجاهات الرأي العام العربي نحو مجموعة من الموضوعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وتوزع الاستطلاع إلى عدة أقسام:

 القسم الأول: الأوضاع العامة لمواطني المنطقة العربية:

أظهر الاستطلاع سوء الأوضاع الاقتصادية للمواطنين في البلدان العربية التي أجري فيها الاستطلاع، حيث يعيش 26% منهم بحاجة وعوز مادي، إذ إن دخل أسرهم لا يغطي نفقات احتياجاتهم الأساسية، ما يضطرهم للاستعانة بمصادر أخرى كالاستدانة من أقاربهم أو أصدقائهم، فيبقى وضع أسرهم الاقتصادي تحت خط الفقر. في حين يعيش 43% منهم في حالة كفاف مادي، بالكاد يستطيعون تغطية نفقات احتياجاتهم الأساسية دون توفير شيء زائد عنها، وتعتبر هذه النسب مرتفعة جدا مقارنة مع نسبة 27% من المستجيبين للأسر الميسورة التي يكفي دخلها لتغطية نفقات احتياجاتها الأساسية. ويظهر الاستطلاع أن النسبة الأكبر من هؤلاء ترى أن أغلب مشاكل بلدانهم ذات طابع اقتصادي كالفقر والبطالة وارتفاع الأسعار وسوء الأوضاع الاقتصادية، بالإضافة لعدم الاستقرار والتدخلات الداخلية والخارجية. واعتبر غالبيتهم أن حكومات بلدانهم لا تعمل بجد لحل هذه المشكلات.

وفيما يخص أولويات مواطني المنطقة العربية:

فقد بين الاستطلاع أن الكتلة الأكبر وتبلغ (57%) قالت: إن أولوياتها اقتصادية، إذ ذكر ما يزيد على نصف المواطنين أن البطالة، وارتفاع الأسعار، وسوء الأوضاع الاقتصادية، والفقر، هي أهم التحديات التي تواجه بلدانهم. فيما كانت أولويات 16% من المستجيبين متعلقة بأداء الحكومات وسياساتها، مثل ضعف الخدمات العامة، والفساد المالي والإداري، والحكم وسياساته، والانتقال الديمقراطي،، بينما أفاد 10% من المستجيبين أن أولوياتهم مرتبطة بقضايا متعلقة بالأمن والأمان والاستقرار السياسي. وبخصوص الهجرة خارج البلاد: فقد أشار الاستطلاع أن 22% من مواطني المنطقة العربية يرغبون بالهجرة والدوافع لدى أكثريتهم هو تحسين الوضع الاقتصادي، في حين كان دافع 15% من المستجيبين للهجرة هو التعليم أو الاستمرار فيه. و12% لأسباب سياسية أو أمنية. وتباينت اتّجاهات المستجيبين نحو الدول الأكثر تهديداً أمن بلدانهم فيرى 22% أنّ إسرائيل هي الأكثر تهديداً لأمن بلدانهم، تليها الولايات المتحدة الأميركية بنسبة 14%، بعدها إيران بنسبة 13%. من جانب آخر تشير النتائج إلى أن المخدرات، والإرهاب، والمخاطر الخارجية أو التدخلات الخارجية، والجريمة، والفجوة بين الأغنياء والفقراء، وشح المياه، يمكن أن تمثل تهديداً مباشراً للفرد لدى مواطني المنطقة العربية.

 القسم الثاني: تقييم الرأي العامّ لمؤسّسات الدول وأداء الحكومات:

ثقة المواطنين بمؤسسات دولهم متباينة فهي مرتفعة بمؤسسة الجيش والأمن، والثقة أضعف من ذلك بسلطات الدولة الثلاث: القضائية والتنفيذية والتشريعية. أما المجالس التشريعية (النيابية) فقد نالت أقل نسبة ثقة. تقييم الرأي العام العربي لأداء حكوماتهم على مستوى السياسات الخارجية والاقتصادية والسياسات العامة والخدمات غير إيجابي إجمالاً، إذ أفاد 91% أن الفساد المالي والإداري منتشر بدرجات متفاوتة، مقابل 7% أفادت أنه غير منتشر على الإطلاق. ويرى 43% من المستجيبين أن فئة السياسيين هي الأكثر مساهمة في انتشار الفساد المالي والإداري، تليها فئة كبار الاقتصاديين 23%، ثم كبار موظفي الدولة 16%. وفيما يخص تطبيق الدولة للقانون أفاد 32% من المستجيبين أن دولهم تطبق القانون بالتساوي بين المواطنين، بينما رأى 46% أنها تميز مصلحتها وتحابي بعض الفئات. بينما أفاد 20% أنها لا تطبّق القانون بالتساوي بين الناس. فيما أفاد 62% أن مبدأ المحاكمة العادلة مطبق في بلدانهم، قال 35% إنه غير مطبق.

 القسم الثالث: اتجاهات الرأي العام نحو الديمقراطية:

بيّن الاستطلاع أن أغلبية كبيرة تصل نسبتها إلى 89% من المستجيبين قدمت تعريفاً واضحاً للديمقراطية، كما أكّد الاستطلاع أن نحو 76% من المستجيبين يؤيدون النظام الديمقراطي مقابل معارضة 17%. أما ما يخصّ تقييم العرب لمستوى الديمقراطية في بلدانهم، فقد قيم المواطنون ذلك بـ 5.8 درجات من أصل 10درجات. ما يعكس عن وعي وإدراك الشارع العربي لأهمية الديمقراطية ويؤكد بوضوح أن المجتمعات العربية مؤهلة للاستجابة لأي انتقال ديمقراطي في المنطقة العربية.

وعن تقييم الرأي العام للثورات العربية التي جرت عام 2011:

أظهرت النتائج أنّ أكثرية الرأي العامّ 58% ما زالت تعد هذه الثورات ظاهرة إيجابيةً، مقابل 28% عدّتها سلبية، وعن الأسباب التي دفعت الناس للمشاركة في تظاهرات الثورات العربية وحركات الاحتجاج، أفاد 29% أن دوافعهم كانت الوقوف ضد الاستبداد والظلم، ومن أجل الديمقراطية والمساواة، فيما أفاد 30% أن دوافعهم كانت ضدّ الفساد. في حين قيم المتفائلون لثورات الربيع العربي ومستقبلها ونسبتهم 48% وقالوا إنها ستحقق أهدافها في نهاية المطاف رغم مرورها بمرحلة تعثّر، أما المتشائمون ونسبتهم 30% فإنهم يرون أنّ الربيع العربي قد انتهى وأنّ الأنظمة السابقة عادت إلى الحكم. أما فيما يخص الموجة الثانية لثورات الربيع العربي التي اندلعت أواخر 2018 والتي شملت كل من والسودان والعراق والجزائر ولبنان فإن أغلبية المستجيبين أيدوا الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها بلدانهم. فنسبة:

– 85% من السودانيين أيدوا الاحتجاجات الشعبية في السودان.

– 82% من العراقيين أيدوا الاحتجاجات الشعبية في العراق.

– 71% من الجزائريين أيدوا الاحتجاجات الشعبية في الجزائر.

– وكذلك 67% من اللبنانيين أيدو الاحتجاجات في لبنان.

 القسم الرابع: المشاركة السياسية والمدنية:

وبالنسبة لانتساب المواطنين للمنظمات المدنية والأحزاب السياسية أكد الاستطلاع أن نسبة انخراط المواطنين في منظّمات مدنيّة وأهلية طوعيّة منخفض جداً، ولا يتجاوز 15%. في حين لا يزال الانتساب إلى جمعيات وهيئات عائلية أعلى من الانتساب إلى الجمعيات الأهلية والطوعية. وبين الاستطلاع أن الثقة بالأحزاب السياسية محدودة وتتراجع عبر السنوات بل إن أكثريّة مواطني المنطقة العربيّة (61%) غير منتسبة إلى أحزابٍ سياسيّة، ولا يوجد حزبٌ سياسيّ يمثّلها. على الرغم من أن المواطنين في المنطقة العربية يؤيدون النظام الديمقراطي ضمن فهم ذي محتوى لماهية الديمقراطية، فإن مشاركتهم السياسية والمدنية محدودة. حيث أفاد 42% من المواطنين عن عدم رغبتهم في المشاركة في الانتخابات المقبلة لبلدانهم. وربما يفسر ذلك بأن أغلبية العمليات الانتخابية تجري في إطار أنظمة حكم غير ديمقراطية.

فمن الواضح أن العزوف عن الانخراط السياسي أو “اللامبالاة السياسية” هو السائد. وقد يكون هذا متوقعاً في إطار أنظمة غير ديمقراطية، حيث إن المشاركة السياسية غير متاحة، أو أن المتاح بلا معنى حقيقي لناحية التأثير.

 القسم الخامس: دور الدين في الحياة العامّة والسياسيّة:

مستوى تدين المواطنين في المنطقة العربية: 

ترى الكتلة الأكبر من مواطني المنطقة العربية أنها متديّنة إلى حدٍ ما وتصل نسبتها 63%، مقابل 23% أفادت أنها متديّنة جدّاً، و12% قالوا إنهم غير متديّنين. وتركز أغلبية الرأي العامّ (58%) على سماتٍ أخلاقية وقيمية ليعدّ الشخص متديّناً، فيما ترفض الأغلبية مقولة أنّ كلّ شخص غير متديّن هو شخص سيئ. وترفض تكفير الذين ينتمون إلى أديانٍ أخرى، أو الذين لديهم وجهات نظرٍ مختلفة في تفسير الدين. عبرت أغلبية المستجيبين أنها لا تتعامل مع الناس على أساس تدينهم من عدمه بنسبة 61%، فيما أفاد 31% أنهم يفضلون التعامل مع أشخاص متدينين.

استخدام الدين في السياسة:

ترفض أغلبيّة الرأي العامّ أن يؤثرّ رجال الدين في قرارات الحكومة أو في كيفية تصويت الناخبين، كما أنّ الأكثريّة ترفض أن تقوم الدولة باستخدام الدين للحصول على تأييد الناس لسياساتها، وترفض أيضاً أن يستخدم المرشَّحون في الانتخابات الدينَ من أجل كسب أصوات الناخبين. انحياز أكثرية الرأي العامّ في المنطقة العربيّة إلى فصل الدين عن السياسة؛ بنسبة 49%، مقابل معارضة ذلك بنسبة 44%.

 القسم السادس: اتّجاهات الرأي العامّ نحو الشعوب العربيّة:

ترى نسبة 81% من الرأي العامّ العربيّ أنّ شعوب المنطقة تشكل أمّة واحدة، وإنْ تمايزت الشعوب عن بعضها بعضاً، مقابل 16% يعتقدون أنّها تمثل أمماً وشعوباً مختلفة وبينها روابط ضعيفة. يوافق 66% من الرأي العامّ العربيّ على أنّ إسرائيل والولايات المتّحدة مجتمعتين هما الدولتان الأكثر تهديداً لأمن الوطن العربيّ، بينما جاءت في المرتبة الثالثة إيران بنسبة 12%. وفيما يخص القضية الفلسطينية فإن (78%) يرون أن القضية الفلسطينية هي قضيّة جميع العرب، وليست قضيّة الفلسطينيين وحدَهم، وفيما يتعلق بالتطبيع مع إسرائيل يرفض 88% أن تعترف بلدانهم بإسرائيل، مقابل 6% أفادوا أنهم يقبلون بذلك واشترط نصفهم أن يتم إنشاء دولة مستقلة للفلسطينيين.

 القسم السابع: اتجاهات الرأي العامّ نحو التنظيمات المتطرفة مثل تنظيم الدولة “داعش”:

أغلبية الرأي العامّ العربي لديها نظرة سلبية تجاه داعش والتنظيمات المشابهة بنسبة 88% فقط مقابل 3% أفادوا أنّ لديهم نظرةً إيجابيةً جداً، و2% لديهم نظرة إيجابية إلى حدٍ ما. 27% يرون أنّ تنظيم داعش هو نتاج المنطقة ومجتمعاتها وصراعاتها، 55% يرون أنّ تنظيم داعش هو صناعة خارجية. 33% يرون أنّها نتاج سياسات الأنظمة العربية و42% يرون أنّه نتاج التعصب والتطرف في المجتمعات.

كيف يمكن محاربة الإرهاب في المنطقة؟ الرأي العامّ العربي غير متوافق على إجراءٍ واحدٍ لمحاربة الإرهاب والقضاء على داعش؛ ذلك أنّ 17% يرون أنّ أهمّ إجراءٍ هو حل القضية الفلسطينية و15% يرون وقف التدخل الأجنبي، ويرى 13% تكثيف العمل العسكري والأمني ضد التنظيمات الإرهابية، ويرى 12% أن أهم إجراء هو دعم الديمقراطية في المنطقة العربية، وأفاد 11% أن أهم إجراء هو حلّ المشكلات الاقتصادية، وأفاد 7% تنقيح الدين من التفسيرات الخاطئة والمتطرفة، و5% إيجاد حل للأزمة السورية بما يتناسب وتطلعات الشعب السوري. إنّ عدم توافق الرأي العامّ على إجراء واحد، وإنما حزمة إجراءات، ينطلق من فهم مركّب للظاهرة تحتاج إلى إجراءات سياسية وتحولات نحو الديمقراطية، وحلّ أزمات المنطقة إضافةً إلى الجهد العسكري.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني