fbpx

اللامركزية الاقتصادية في سوريا بعد زوال الأسد

0 730

تتصاعد النداءات
بين الفينة والأخرى بين أوساط النخبة السورية المعارضة إلى وجود اعتماد نظام
لامركزي في سوريا ما بعد الأسد وبغض النظر عن مصدر هذه النداءات ومدى وطنتيها
فالواقع يقول إنه وبعد تسع سنوات من الدمار والكوارث الكبرى واختلال التوازنات في
المجتمع السوري وظهور معطيات اقتصادية وجيوسياسية جديدة على الساحة السورية فقد
يكون تطبيق اللامركزية في سوريا هو أحد عوامل البناء الفعال ما بعد الأسد.

طبعاً الكل يقصد
هنا اللامركزية الإدارية بتصورات مختلفة فالمعتدلين من التيارات الكردية يريدونها
موسعة وأشبه بالفيدرالية وآخرون يرونها مجرد توسيع صلاحيات مجالس المحافظات والبلديات.

من أبرز
التعريفات التي بسطت مفهوم اللامركزية هو تعريف عالم الإدارة هنري ماديك:

إذ إنه عرف
اللامركزية على أنها هي عبارة عن مصطلحين المصطلح الأول:

– هو تفكيك
السلطة أي القيام من جانب الإدارة المركزية بتفويض السلطة إلى إدارة بعيدة بشكل
جغرافي عنها من أجل القيام بمهام، ومسؤوليات معينة أما المصطلح الثاني منها فهو
يتعلق بعملية التحويل للسلطات أي منح السلطة الدستورية بعض صلاحياتها من أجل
القيام بمهام، ووظائف معينة.

– والبنك الدولي يعرف
اللامركزية بأنها “إسناد مهام جمع الضرائب ومهام الإدارة السياسية إلى
مستويات حكومية أقل وهو مفهوم يتم استخدامه في مختلف أنحاء العالم على مستويات
مختلفة ولأسباب مختلفة وبوسائل مختلفة”. في هذا التعريف اعتبر البنك الدولي
أن اللامركزية هي ظاهرة سياسية وإدارية وأيضا اقتصادية. وبالتالي يمكن أن يفهم
أيضاً أن اللامركزية هي التحرك أو الانتقال من الحالة المركزية ما يعطي انطباعاً
أن مفهومي المركزية واللامركزية لا يعنون بالضرورة التضاد الكامل ولا يعنون أيضاً
وجوب حصرية استخدام مفهوم واحد فقط منهما. ويمكن أن تجتمع الظاهرتين اللامركزية
والمركزية في نظام حكم واحد حيث إن المهام الإدارية والسياسية للحكومة يمكن أن
تتنوع في تطبيق المفهومين.

أما المركزية
الاقتصادية فهي باختصار:

نقل صلاحية
القرارات والإجراءات الإدارية والاقتصادية التي تصدرها الدولة مركزياً بناءً على
مفهوم التخطيط المركزي إلى الجهات والإدارات المحلية التي تضع الخطط وتصوغ
القرارات وفقاً للواقع المحلي وأولياته.

وبطبيعة الحال لا
يمكن تطبيق اللامركزية الاقتصادية بشكل مستقل عن تطبيق اللامركزية الإدارية.

في سوريا وإذا
استعرضنا بشكل سريع الاقتصاد السوري خلال العقود الأربعة الماضية فهو بلاشك كان
يتسم بمركزية شديدة وذلك ينبع عن شكل الدولة التوليتارية وطبيعة الحكم الفردي
المستبد.

فلا صلاحيات
مستقلة للمحافظات ولا حتى في تسمية الطرق والمدارس القرار مركزي من دمشق ينفذ دون
أي نقاش من قبل المجالس المحلية والبلدية كما أن موازنات المحافظات كانت توضع بشكل
متخلف وبدائي وهي على أساس الحجم الديمغرافي لكل محافظة دون النظر لحجم مساهمة تلك
المحافظة في الناتج المحلي أو مدى احتياجها لخطط تنمية استثنائية.

فمثلا نرى
المحافظات الشرقية وهي الحسكة والرقة ودير الزور والتي كانت تقدر مساهمتها في
الناتج المحلي السوري بين 40 الى 60 % من حجم الاقتصاد ويتوزع بين الثروات النفطية
والغاز والفوسفات والملح بالإضافة للزراعة وغيرها تجدها هي أكثر المحافظات إهمالاً
وفقراً.

يمكن تلخيص مزايا
تطبيق اللامركزية الاقتصادية بالنقاط التالية:

·                   
تفعيل التواصل
بين المواطن والسلطات التنفيذية ما يساهم في تعزيز الثقة بين الحكومة والشعب.

·                   
زيادة تفهم
احتياجات المواطنين والاستجابة لها وبالتالي تحسن نوعية الخدمة المقدمة للمواطن
وتقليص كلفتها.

·                   
المرونة في تنفيذ
سياسات التنمية الاقتصادية ومواكبة التطورات والتغييرات التي قد تحصل.

·                   
تعزيز المشاركة
الشعبية في اتخاذ القرار على الصعيد الاقتصادي.

·                   
زيادة الشفافية
والرقابة على أموال الدولة.

·                   
الارتقاء بأداء
الاجهزة الإدارية عبر توزيع وتفويض المسؤوليات والصلاحيات وتبسيط الإجراءات
واستخدام أنماط إدارية مبتكرة ومتنوعة تستجيب للظروف والاحتياجات المحلية.

·                   
زيادة الوعي
الضريبي والمالي لدى المواطن

·                   
يقلص من الشعور بالإقصاء
والتهميش الذي يقترن عادة بالقرارات المركزية

·                   
تؤمن نمواً
متوازناً وتشجّع السكان في المناطق والقرى على البقاء في مناطقهم أو العودة إليها.

·                   
الحد من فجوة
العدالة الاقتصادية جغرافياً بين المحافظات.

لو طبقت
اللامركزية الإدارية وبالتالي الاقتصادية في سوريا بعد زوال حكم العصابة سوف
تستطيع تلك المحافظات الاستقلال النسبي في قرارات التنمية المحلية ووضع الخطط بناءً
على الوقائع وعلى دراسات تأخذ بعين الاعتبار الفقر والأمية وحجم الدمار المتفاوت
بين المحافظات والمناطق.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني