fbpx

اللاذقية ..استغلال وتشبيح ووقوف على الطابور لساعات طويلة ..

0 158

لساعات طويلة ينتظر الحاج سليمان على الفرن في حي الطابيات بمدينة اللاذقية، ليحصل على عدد قليل من أرغفة الخبز له ولزوجته بعد أن ترك أبنائه المدينة وبقي وحيداً فيها، يصل الدور إليه عدة مرات لكن يتقدم أحدهم بصوته الخشن ولباسه العسكري أو حتى المدني لكن مع السلاح ليحصل هو قبله على ما يرغب.

يعيش الحاج هذا المشهد بشكل دائم واعتاد الصمت بحسب ما يروي لموقع نينار برس، فهو ليس مضطر لأي مشكلة مع هؤلاء الشبيحة معتبراً أن أي اعتراض أو كلمة منه أو حتى نظرة تدل على عدم الإعجاب أو الغضب من أخذهم لدوره من الممكن أن تودي بحياته لذلك يحاول ترك مكانه والرجوع إلى الخلف مع ابتسامة عريضة وإظهار البهجة والسرور.

يتابع: ليس لدي أي عمل، مستعد أن أنتظر عدة ساعات إضافية لكن دون أن أسمع أي كلمة أو إساءة من هؤلاء الأشخاص الذين يستغلون ضعف الناس والخوف من السلاح دون أي احترام لمن هو أكبر منهم سناً أو حتى له الأحقية في الدور أو المكان، فضلاً عن الخوف لأن معظم سكان المدينة لديهم أبناء خارجها لذلك يتضاعف الخوف عندهم خصوصاً من يقيم أبناءه في مناطق سيطرة المعارضة.

حوادث كثيرة:

لا يمكن إحصاء المواقف التي يقوم فيها حملة السلاح في اللاذقية بالاعتداء على المدنيين والتي نتج عنها في بعض الأحيان سقوط قتلى وجرحى لأسباب مختلفة معظمها أسباب تافهة كالرد بوجه أحدهم أو نظرة غير لائقة أو التخلّي عن الأولية في الحصول على مستلزماته.

لذلك يتجنبهم الأهالي ويسعون للابتعاد عن المحلات في حال وجدوا أحدهم يشتري، وغالباً في مثل هذه الاعتداءات لا يكون هناك أي رد من قبل المدنيين وأي خلافات تنشأ تكون بين الشبيحة أنفسهم أو أحد حاملي السلاح الذي يريد الاعتداء على أحد أصحاب النفوذ الذي يقوم بالرد.

حاجات مجانية:

يأخذ الكثير من مسؤولي الدوريات والكتائب التي تجوب شوارع اللاذقية معظم حاجاتهم بشكل مجاني، من خلال الاستقواء على أصحاب المحلات الصغيرة أو البسطات، مستغلين ضعف هؤلاء الأشخاص وحاجتهم للاستمرار بالعمل والخوف من طلب حقوقهم في هذه المدينة التي يحكمها الفساد وقوة السلاح والسلطة.

تنقل هبة إحدى السيدات في المدينة عن عدد من أصحاب بسطات الخضار الذين يعملون لساعات طويلة في ساحة أوغاريت، أنهم يفضلون أن يبنون علاقات مع هؤلاء الأشخاص للقدرة على حماية أنفسهم وضمان الاستمرار في العمل خصوصاً وأن النظام يزيل بين الحين والآخر البسطات بحجج مختلفة ولا يستمر بالعمل سوى أصحاب الواسطات والمدعومين كما يقال باللهجة المحلية، لهذا السبب لا يطلبون أي مقابل أو ثمن لكل ما يأخذه هؤلاء الشبيحة من خضار أو فواكه من على بسطاتهم، فضلاً عن عامل الخوف والقوة الذي يلعب دوراً أساسياً في حياة سكان اللاذقية.

تتابع: إن معظم أصحاب هذه البسطات يبروون سكوتهم عن هذه التجاوزات بأن من يقوم بها هم من يحمون الوطن ويحملون السلاح للدفاع عنا لذلك يجب أن يتم معاملتهم معاملة خاصة بينما السبب الأساسي هو أعمالهم الإجرامية وما يقومون به من إذلال لكل من يعترض طريقهم، منوهة إلى أن هذا الأمر معروف في اللاذقية حتى قبل اندلاع الحرب لكن انتشار السلاح بشكل كبير وإطلاق يد الشبيحة بشكل علني فيها زاد نسبة هذه الحوادث، كذلك لعب غياب القانون وانشغال النظام بالحرب لتحول المدينة إلى غابة يحكمها القوي.

عوامل مساعدة:

تلعب الكثير من العوامل في مساعدة الشبيحة وحملة السلاح على الاستمرار في هذه التصرفات أولها، ذهاب النظام إلى منح المنتسبين إلى صفوفه ضمن القوات الرديفة الكثير من الميزات وكون أغلبهم يتبع لروسيا وإيران وهو ما يزيد قوتهم وسطوتهم على الأهالي، خصوصاً أنهم باتوا يقلدون تصرفات المسؤولين الكبار الذين كانوا يعيشون على حساب الناس قبل اندلاع الثورة. 

يتحدث المقاتل في صفوف المعارضة والمنشق عن قوات النظام أبو حمزة لـ نينار برس: أنه ترك مدينته اللاذقية وقرر الانتساب للمعارضة بسبب تصرفات هؤلاء الشبيحة، كان يرى الظلم في كثير من المواقف ويسكت، يستذكر الكثير من الموقف كان أصعبها عندما يمر قائد الكتيبة في أحد الأسواق ويقوم الباعة احتراماً له ويحاولون إعطائه من بضائعهم بهدف إرضائه فقط، بينما الواقع يدل على حالتهم الصعبة وفقرهم الشديد وضعفهم وشدة الخوف الذي يدفعهم لمثل هذه التصرفات.

يتابع أبو حمزة أنه ترك المدينة ويعرف الوضع الصعب للناس فيها، فالكثير من الأهالي يمتنع من الخروج من منزله تحاشياً لمثل هذه المواقف وخوفاً على نفسه وأسرته ويفضلون البقاء في منازلهم لأسابيع طويلة لا يخرجون إلا في الحالات الضرورية ويسعون لعدم الذهاب نحو دوائر الدولة أو الأماكن التي يمكن أن يتعرضوا فيها للإهانة والذل، لاسيما من سكان بعض الأحياء التي يتم التمييز فيها على أساس طائفي.

يشار إلى أن مئات الأسر من سكان مدينة اللاذقية الأصليين تركوا منازلهم فيها وخرجوا نحو مناطق سيطرة المعارضة أو باتجاه دول عديدة أبرزها تركيا، وذلك على خلفية هذا الوضع وبعد أن انطلقت مظاهرات مناهضة للنظام وأعوانه في أحياء الصليبة ومشروع الصليبة والرمل الجنوبي وقنينص والسكنتوري ما دفع النظام لحملات اعتقالات واسعة وملاحقة كبيرة ومضايقات للأهالي ما أجبرهم على تركها والهرب.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني