fbpx

“الشبكة السورية”: التعذيب في سوريا نهج مستمر على مدى أحد عشر عاماً

0 141

بمناسبة اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب، أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان يوم الأحد 26 حزيران 2022، تقريرها السنوي الحادي عشر عن التعذيب في سوريا، وقالت فيه إنَّ التعذيب نهج مستمر على مدى أحد عشر عاماً، وأن حصيلة الذين قتلوا بسبب التعذيب قد بلغت 14685 شخصاً منذ آذار 2011 حتى حزيران 2022، بينهم 181 طفلاً و94 سيدة، الغالبية العظمى منهم قتلوا على يد قوات النظام السوري.

كما اشتملَ التقرير على كمٍّ واسع من حوادث التعذيب، وشهادات ناجين من الاعتقال والتعذيب، وكذلك حوادث موت بسبب التعذيب، التي تم تسجيلها في غضون عام منذ 26 حزيران 2021.

التعذيب في سوريا بلا حدود زمنية أو جسدية:

ذكر التقرير أن التعذيب المحظور بأقسى العبارات في القانون الدولي، ما زال يمارس بشكل واسع بحق المعارضين سياسياً أو عسكرياً، بين أطراف النزاع، أو من القوى المسيطرة بحق أبناء المجتمع الذين تحكمهم، بهدف بسط السيطرة وقمع أي مطالبات حقوقية أو ممارسة ديمقراطية.

وأضاف التقرير بأن عملية اعتقال الأشخاص في سوريا هي شكل من أشكال التعذيب، لأنها تتم دون مذكرة قضائية، وهذه ممارسة شائعة من قبل أطراف النزاع والقوى المسيطرة، يضاف إليها أنماط أخرى من التعذيب.

وأوضح التقرير بأن أقسى أنماط التعذيب في سوريا أنه غير محدود، بمعنى أنه لا يمكننا تحديد مقدار معين من التعذيب مقابل اتهام أو إدانة الشخص بجريمة معينة، بل إن ممارسات التعذيب مفتوحة، ولا تتوقف طيلة فترة اعتقاله التي قد تمتد لسنوات، فإمكان أي ضابط في مراكز الاحتجاز تعذيب أي شخص في أي وقت يريد.

وبحسب التقرير فإن ظروف الاعتقال الغاية في السوء، وبشكل خاص إهمال الرعاية الطبية، تعتبر بحد ذاتها شكل من أشكال التعذيب، يضاف إليه أنَّ الغالبية العظمى من المعتقلين يصبحون مختفون قسرياً، والاختفاء القسري يعتبر شكلاً من أقسى أشكال التعذيب.

يقول فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان: “التعذيب في سوريا يمارس بذات الوتيرة والمنهجية منذ عام 2011، ولا يوجد لدينا اعتقاد أو أمل بأنه سوف يتوقف من قبل النظام السوري أو بقية أطراف النزاع دون تغيير سياسي للقيادات الموجودة التي لم تقم بأية عملية تحقيق أو محاسبة جدية للمتورطين في عمليات التعذيب”، ويضيف عبد الغني ” ما زلنا نوثق حالات تعذيب وحشية، ووفيات بسبب التعذيب، ونخشى على مصير عشرات آلاف المختفين قسرياً”.

حصيلة ضحايا القتل بسبب التعذيب منذ آذار 2011:

وثق التقرير مقتل ما لا يقل عن 14685 شخصاً بسبب التعذيب منذ آذار 2011 حتى حزيران 2022 على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا، من بينهم 181 طفلاً و94 سيدة (أنثى بالغة).

وبحسب التقرير فإن النظام السوري مسؤول عن مقتل 14464 شخصاً بينهم 174 طفلاً و75 سيدة.

وتنظيم داعش مسؤول عن مقتل 32 شخصاً بينهم طفلاً واحداً و14 سيدة.

أما هيئة تحرير الشام فمسؤولة عن مقتل 31 شخصاً بينهم طفلين بسبب التعذيب.

وبحسب التقرير فإنَّ 83 شخصاً بينهم طفلاً واحداً وسيدتين قد قتلوا بسبب التعذيب على يد قوات سوريا الديمقراطية، فيما قتل 50 شخصاً بينهم طفلاً واحداً وسيدتين بسبب التعذيب على يد الجيش الوطني.

وسجل التقرير مقتل 25 شخصاً بينهم طفلين وسيدة واحدة على يد جهات أخرى.

ووفقاً للتقرير فإنَّ النظام السوري قد اعتقل العدد الأكبر من المواطنين السوريين، ولا يزال لديه العدد الأكبر منهم، ومن المختفين قسرياً أيضاً، ويتزامن التعذيب لديه طوال مدة اعتقال الشخص.

حصيلة ضحايا القتل بسبب التعذيب بحسب المحافظات:

أشارَ التقرير إلى أنَّ محافظتي درعا وحمص كانتا في مقدمة المحافظات التي فقدت أبناءها بسبب التعذيب، كما رصد التقرير ممارسة النظام السوري لعمليات التعذيب في كثير من الأحيان على خلفية انتماء الضحية لمنطقة ما مناهضة له، كنوع من الانتقام الجماعي في مراكز احتجازه.

حصيلة ضحايا القتل بسبب التعذيب بحسب الأعوام:

استعرض التقرير المؤشر التراكمي لحصيلة الوفيات بسبب التعذيب في سوريا منذ عام 2011، وأظهر بأن الأعوام التي شهدت أعلى وفيات بسبب التعذيب هي عام 2013، ثم عام 2012، يليهما عام 2014.

مقارنة بين حصيلة الوفيات بسبب التعذيب في سوريا منذ حزيران 2021 حتى حزيران 2022:

أظهرت المقارنة ارتفاع حصيلة الوفيات بسبب التعذيب وبشكل رئيس في معتقلات النظام السوري، مما يؤكد أن القتل بسبب التعذيب ما زال مستمر.

التعذيب وأساليبه لدى النظام السوري:

أوضح التقرير بأن النظام السوري وضع “قوانين” تسمح بالتعذيب وتمنع محاسبة المجرمين، وتعطي حصانة تامة من الملاحقة القضائية للذين ينفذون أوامره، واستعرض التقرير أبرزها.

وأكد التقرير بأن النظام السوري نظام شديد المركزية، ولا يمكن أن يعذب عشرات آلاف المعتقلين، ويقتل منهم آلاف، دون أوامر مباشرة من رأس الهرم وهو رئيس الجمهورية، ورأى التقرير أن هذا الكم الهائل من التعذيب والقتل يقتضي اشتراك مؤسسات عدة في الدولة.

وأشار التقرير أنه وفقاً للقانون الدولي الإنساني فإن القادة والأشخاص الأرفع مقاماً يتحملون مسؤولية جرائم الحرب التي يرتكبها مرؤوسوهم، وعرض التقرير أبرز أسماء المتورطين لدى النظام السوري في جريمة التعذيب، بحسب بيانات مرتكبي الانتهاكات الموثقة.

وأضاف التقرير بأن لجنة التحقيق الدولية المستقلة عن سوريا طالبت بالكشف عن أسماء الأفراد الذين تحققت من تورطهم في ارتكاب انتهاكات فظيعة تُشكل جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب ومن ضمنها جريمة التعذيب.

قوانين النظام السوري لتجريم التعذيب شكلية ويستحيل تطبيقها:

سجل التقرير مقتل ما لا يقل عن 11 شخصاً بسبب التعذيب في مراكز الاحتجاز التابعة للنظام السوري منذ صدور قانون تجريم التعذيب رقم 16 في 30 آذار 2022 إضافةً إلى العديد من عمليات الاستدعاء من قبل الأجهزة الأمنية في مختلف المحافظات السورية استهدفت ذوي ضحايا التعذيب، وقد تم التحقيق معهم وتحذيرهم من الإعلان عن الوفاة، وتهديدهم بإعادة اعتقالهم في حال قاموا بذلك، وهذا يؤكد أنَّ قانون تجريم التعذيب شكلي ويستحيل تطبيقه على أرض الواقع.

مختفون قسرياً قتلوا تحت التعذيب أقر النظام السوري بوفاتهم:

وثق التقرير ما لا يقل عن 1059 شخصاً بينهم تسعة أطفال وسيدتين وتسع حالات من الكوادر الطبية، لمختفين تم تسجيلهم على أنهم متوفون في دوائر السجل المدني لدى النظام السوري وذلك منذ مطلع عام 2018 حتى حزيران 2011.

وأكد التقرير أن جميع هؤلاء قد قتلوا تحت التعذيب، ولم يسلم النظام السوري أياً من هذه الجثامين لأهلها، وبحسب التقرير فقد شهد عام 2012 أعلى نسبة اعتقال، تلاه عام 2013 ثم عام 2014.

وبحسب التقرير فإن الحصيلة الأعلى من بين ال 1059 حالة، كان قد تم تسجيل وفاتهم في عام 2014، وذلك بحسب إخطارات الوفاة الصادرة عن دوائر السجل المدني لدى النظام السوري، تلاه عام 2013 ثم عام 2015.

كما ذكر التقرير أنه منذ بداية عام 2015 وحتى الآن، تمكنت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” من تحديد هوية ما لا يقل عن 1017 ضحية من بين ال 6786 ضحية الذين ظهروا عبر صور قيصر المسربة.

وأضاف التقرير أن “الشبكة السورية ” لدى مقاطعة ال 1017 هوية مع البيانات المسجلة للذين قتلوا تحت التعذيب، وجدت أن 836 حالة كانت مسجلة لديها مسبقاً، وبأن 181 حالة لم تتمكن من تسجيلها.

وأوضح التقرير بأن الحصيلة الأعلى للضحايا، كان قد تم اعتقالهم في عام 2012 ثم عام 2013 يليه عام 2011 وهي الأعوام الأبرز التي شهدت أكبر موجة اختفاء قسري في معتقلات النظام السوري.

وجاء في التقرير بأن غالبية الضحايا الذين تم تحديد هوياتهم، كانوا قد قتلوا في الفرع 227 “المعروف باسم فرع المنطقة” والفرع 215 “المعروف باسم سرية المداهمة والاقتحام”، وبحسب التقرير فإن هذين الفرعين هم من بين الأفرع الأمنية الرئيسة التي قضى فيها المعتقلون والمختفون قسرياً.

أهم الاستنتاجات القانونية:

أثبت التقرير أنّ جميع القوى المسيطرة في سوريا قد مارست التعذيب ضد خصومها، وبأن هذه الممارسات ما زالت مستمرة حتى الآن.

وأوضح التقرير بأنّ النظام السوري قد انتهك بشكل واضح نصوص الدستور السوري، وبنود اتفاقية مناهضة التعذيب التي صادقت عليها سوريا في عام 2004، وتلاعبَ في سنِّ القوانين والتشريعات التي تحمي عناصر قواته من أية ملاحقة.

أبرز التوصيات:

أوصى التقرير مجلس الأمن والأمم المتحدة بإيجاد آلية لإلزام كافة أطراف النزاع وبشكل خاص النظام السوري لوقف عمليات التعذيب، والكشف عن أماكن جثث الضحايا وتسليمها للأهالي.

وختم التقرير بتوصية المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات عقابية جديَّة بحق النظام السوري لردعه عن الاستمرار في قتل المواطنين السوريين تحت التعذيب، والضغط على بقية أطراف النزاع بمختلف الطرق الممكنة لوقف استخدام التعذيب بشكل نهائي… إلى غير ذلك من توصيات إضافية.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني