fbpx

الاتفاق السعودي – الإيراني، سياقات وحقائق!

0 97

ينشغل الرأي العام السوري – رغم تفاقم سوء ظروف السوريين، وتداخل أسباب معاناتهم السياسية بالطبيعيّة – بحدث إعلان بكين عن توصّل المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى اتفاق يتضمن الموافقة على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما وإعادة فتح سفارتيهما.

كما هي الحال عند ظهور حدث جديد، تعمل أقلام وأصوات عديدة على تجيير حيثياته بما يخدم أهداف أجنداتها الخاصّة؛ فتغيّب أهداف الفاعلين الحقيقيين وعوامل السياق، بما يضع الرأي العام السوري أمام موجة جديدة من حملات التضليل، تزيد انفصال السوريين عن حقائق الواقع، وتبعدهم عن دوائر التأثير والفعل.[1]

الحدث كبير، ومن مصلحة السوريين فهم طبيعته، وأبعاده، وتأثيراته المحتملة على قضيتهم الوطنية.

بعيدا عن وسائل التضليل التي يتحدّث بعضها عن دور أمريكي آخذ في الأفول وخارطة اصطفاف جديد في الشرق الأوسط، دعونا نحاول الوصول إلى مقاربة موضوعية للحدث، ونفهمه من وجهة نظر مصالح الشعب السوري المشتركة العليا، المرتبطة بالحفاظ على وحدة الدولة الجيوسياسية وبقضايا الانتقال السياسي والتحوّل الديمقراطي.

بداية، أودّ الإشارة إلى نقطة بالغة الأهميّة، تشكّل مفتاح فهمنا لطبيعة الحدث.

 إذا أخذنا بعين الاعتبار حقيقة ما تشكّله السعودية وإيران،[2] من أهمية قصوى في خطط وأدوات مشروع السيطرة الإقليمية (والعالمية) للولايات المتّحدة[3]، ندرك أهميّة دلالات أن يقوم النظام الصيني بتيسير عملية التطبيع بين النظاميين السعودي والإيراني، دون أن تظهر إلى العلن وسائل التنسيق المباشر مع الولايات المتّحدة:

الدّلالة الأولى هي حرص وسعي القيادتين على نقل الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، (التي وضعت قواعدها في مطلع السبعينات في إطار سياسات احتواء الإتحاد السوفياتي، والتي باتت الصين بفضلها تمثّل أبرز الشركاء الاقتصاديين للولايات المتّحدة)، من مستواها الاقتصادي، (الذي وصل إلى درجات غير مسبوقة على ضفّتي الخليج، بتوقيع الصين اتفاقيات شراكة استراتيجية مع دول مجلس التعاون الخليجي في كانون الأول 2022، تضمّنت عقودا استثمارية وتجارية ضخمة) إلى المستوى السياسي؛ وقد سبقها قبل فترة وجيزة تنسيق سياسي في أوروبا، لا يقلّ أهميّة، تمثّل بإطلاق الصين في الذكرى الأولى لغزو أوكرانيا، مبادرة – وثيقة من 12 نقطة، تبيّن موقف الصين من الحرب، ورؤيتها للتسوية السياسية، وتشكّل مبادرة للوصول إلى حل سياسي.

الدّلالة الثانية لقيام الصين بدور مُيسّر في خطوة التطبيع بين النظامين، تمثّل حرصاً أمريكياً على تغييب العوامل الأمريكية في سياق الحدث؛ وبما يحرم الرأي العام السوري، المعنيّ الأوّل بطبيعة العلاقات بين الدولتين وانعكاساتها على الوضع في سوريا، من فهم حقيقة السياسات الأمريكية في سوريا؛ وهو ما يقدّم لنا مؤشّرات مهمّة لفهم طبيعة الحدث، وسياقاته!

أولاً: في عوامل السياق

إنّ معرفة عوامل سياق الحدث التي تحاول الولايات المتحدّة تغييبها عن الرأي العام السوري، وكشف طبيعة تأثيرها على مسار التسوية السياسية الأمريكية في هذه المرحلة من الخيار العسكري الطائفي، كما وتوعية الرأي العام بمخاطرها، هو بالتأكيد واجب نخبوي، يصبّ مباشرة في خدمة قضايا النضال الديمقراطي للشعب السوري.

في السياق العام، الذي يعمل المضلّلون على تغييب عوامله، تبرز عوامل صيرورة التسوية السياسية الأمريكية[4] الشاملة، التي تعمل على شرعنة وجود، وتأهيل سلطات الأمر الواقع الجديدة، في مناطق سيطرة النظام وخصومه على حدّ سواء؛ التي تبلورت خلال مرحلة حروب تقاسم الحصص ومناطق النفوذ بين 2015-2020، والتي وضعت حدود سيطرتها الميدانية خارطة سوريا الجديدة التي رسمتها اتفاقيات أردوغان بوتين في 5 آذار 2020، وشكّلت الصفقة السياسية التي انهت مرحلة الحرب، وفتحت أبواب التسوية السياسية الشاملة.

 على الصعيد الإقليمي/الدولي، تأخذ التسوية السياسية الأمريكية عدّة مستويات، منها إعادة تأهيل النظام إقليميّا، والتطبيع بين الأنظمة الإقليمية ذاتها، التي تصارعت خلال الحرب في سوريا على الحصص ومناطق النفوذ – أنظمة إيران والسعودية والإمارات وتركيا ومصر…!

إذاً، الحدث السعودي/الإيراني التسووي، لا يمكن أن يخرج عن سياق صيرورة التسوية السياسية الأمريكية- التي تأتي بدورها في سياق صيرورة الخيار العسكري الطائفي[5]، – التي تتمحور حول خلق شروط تهدئة مستدامة بين قوى الثورة المضادة للتغيير الديمقراطي، في مرتكزاتها الإقليمية، وأذرعها السورية، تتضمّن سوريّاً إعادة تأهيل سلطة النظام، بشكل متزامن مع سلطات الأمر الواقع الجديدة – حكومة الإنقاذ في بعض مناطق إدلب، حيث السيطرة المشتركة التركية – الأمريكية، والحكومة المؤقتة في شمال غرب سوريا، حيث السيطرة التركية، وحكومة مسد في مناطق شرق الفرات، وصولا إلى بعض أحياء حلب، حيث تسيطر الولايات المتّحدة، بتشارك متفاوت الدرجات مع روسيا والنظام وإيران – وتشمل، على الصعيدين الإقليمي والدولي، مساري تطبيع علاقات النظام مع الجميع (ما عدا إسرائيل)، والتطبيع بين القوى الإقليمية، التي تصارعت أهداف وسياسات مشاريع سيطرتها على الحصص ومناطق النفوذ، خلال مرحلة الحرب.

ثانياً: في الاستنتاجات المهمّة

أعتقد أنّ حدث التطبيع بين النظامين السعودي والإيراني الذي أخرجه الرئيس الصيني هو خطوة طبيعية ومتوقّعة، إذا أدركنا اوّلا حجم ما تبذله السياسات الأمريكية من جهد لتحديد طبيعة العلاقات بين الأنظمة التي تشكّل مرتكزات سيطرتها الإقليمية، سواء في تصارعها أو تصالحها – وفقاً لطبيعة المرحلة ومقتضيات تحقيق أهداف سياسات واشنطن – وعرفنا، ثانياً، أنّه يأتي في السياق العام لتعزيز عوامل الشراكة الاستراتيجية بين الصين والولايات المتّحدة[6]، وطبيعة السياق السياسي التوفيقي في المرحلة الراهنة من الصراع الذي تقوده الولايات المتّحدة، على الصعيدين السوري والإقليمي، ثالثاً.

ضمن تلك السياقات، وفي ضوء رؤيتنا لنتائج حروب المرحلة الثانية التي خرج منها السعوديون بهزيمة عسكرية منكرة في سوريا واليمن، يبدو جليّاً أنّ إعادة علاقاتهم الدبلوماسية مع النظام الإيراني تشكّل اعترافاً سعودياً بحقائق الواقع الجديدة، التي تجسّد ما لحق بالسياسات السعودية من هزائم نتيجة جهلها بطبيعة العلاقات التشاركية الأمريكية – الإيرانية؛ والتي نتج عنها تقويض نفوذ السعودية في لبنان وسوريا والعراق واليمن، وحتى قطر[7] وهو أيضاً اعتراف بتراجع موقعها في أولويات شراكة السيطرة الإقليمية التي كانت تشغلها بجدارة في حقبة الحرب الباردة لصالح العلاقات التشاركية الإيرانية – الأمريكية، وتحاول تعويضها بعلاقات بديلة مع الصين!.

على هذا المستوى، تشكّل خطوة إعادة العلاقات الرسمية بين النظامين السعودي والإيراني حلقة جديدة من مسلسل هزائم السياسات السعودية في مواجهة مشروع السيطرة الإقليمية التشاركية بين النظام الإيراني والولايات المتّحدة، المستمرّة منذ غزو العراق؛ وهي في المحصّلة، والسياق، دليل على حقيقة اليد الأمريكية العليا في دفع العلاقات وتجيير الصراعات الإقليمية لصالح أهداف وأدوات مشروع سيطرتها، بعد ما أنجزته سياساتها المتساوقة مع أدوات وأهداف النظام الإيراني من نجاحات في مواجهة ثورات الربيع العربي، التي شكّلت عند تفجّرها في نهاية 2010 أخطر التحدّيات التي واجهت أدوات ومرتكزات السيطرة الإقليمية الأمريكية، وكان يمكن لنجاحها أن يقوّض كلّ منجزات الغزو، التي شكّل النظام الديمقراطي الطائفي أبرزها.

بناء عليه، وأيّ تكن انعكاسات الخطوة الممكنة على العلاقات الإقليمية، لا يمكن أن تتعارض مع خطوات وإجراءات التسوية السياسية الأمريكية، على صعيد مسارات التطبيع الإقليمي، والتأهيل الداخلي، وهو ما يضعها في تساوق مع جهود تفشيل مقوّمات الدولة السورية[8].

 يؤكّد هذا على حقيقة تقاطع مصالح وسياسات النظامين الطائفيين، الاستبداديين، الإيراني السعودي، رغم ما بينهما من صراع على السيطرة الإقليمية، في حالة المواجهة التي كانت عليها بين 2012-2020، أو مرحلة التسوية السياسية اليوم، في العداء لآمال السوريين المشتركة في حصول انتقال سياسي وتحوّل ديمقراطي؛ وبما يتقاطع مع مصالح وسياسات السيطرة الإقليمية الأمريكية، بالدرجة الأولى.

ليس خارج السياق، في أهمّ الدروس التي من مصلحة السوريين إدراكها، خاصّة الذين انقسموا في أعقاب حراك السوريين السلمي في ربيع 2011 بين خنادق الصراع الطائفي الإيروسعودي، تكامل سياسات النظامين الطائفية في جهود دفع الحراك الشعبي على مسارات التطييف والميلشة، لقطع مسارات الانتقال السياسي السلمي الإصلاحي والتحوّل الديمقراطي، بما يحقق آمال السوريين وتطلّعاتهم المشتركة في بناء مقومات المشروع الديمقراطي الحديث.

حراك السوريين كان سلميّاً، ووطنيّاً، وكان في صيرورته ثورة ديمقراطية يتعارض مع مصالح وسياسات النظامين السعودي والإيراني الاستبداديين، وكان من الطبيعي أن تتكامل أهداف وأدوات سياستيهما المعادية لقوى وأهداف التغيير الديمقراطي، وقد ساهمت جهودهم المادية والإعلامية في خداع السوريين، ودفعهم على ساحات الصراع الطائفي، وكان لتكامل أدوار النظامين السعودي والإيراني في دعم أذرعهم السوريّة أخطر عوامل نجاح صيرورة الخيار العسكري الطائفي، وما نتج عنها من عواقب!.

في الختام، لا يسعنا، نحن السوريين – الذين دفعنا أثمان الاستبداد السياسي، الذي شكّل النظامين السعودي والإيراني أهمّ داعميه الإقليميين، في تساوق مع أهداف وأدوات السيطرة الإقليمية للولايات المتحدة والذين دفعوا أثمان الخيار العسكري الطائفي، الذي ساهمت السياسيات الصينية في إطلاقه، وتساهم اليوم في تثبيت سلطات الأمر الواقع التي نتجت عنه – إلّا أنّ نبارك للنظامين هذا التوافق على تنسيق جهود تفتيت شعوب المنطقة، بعد فترة طويل من تصارع الرؤى والوسائل، وأنّ نهنّئ الرئيس الصيني، الرفيق شي جين بينغ بتجديد البيعة، التي تعبّر عن ثقة الشعب المطلقة بقيادته التاريخية، كما جاء في رسالة الزعيم الكوري الشمالي، القائد أون!.

الحقيقة، والسلام والعدالة لجميع السوريين.


[1]– يرحّب حزب الإرادة الشعبية بالاتفاق، ويرى أنه فاتحة خير لحلّ جملةٍ من الأزمات الإقليمية وضمناً الأزمة السورية

أولاً: هذا الاتفاق هو نقطة النهاية لمشروع (الفوضى الخلّاقة) الأمريكي، كناية واضحة عن الدور المهمّ للقوى الصاعدة، تقويضٌ جدّي للنفوذ الأمريكي الصهيوني الغربي في كامل منطقة الشرق الأوسط، وهو فاتحة خير نحو مزيد من التفاهم بين الشعوب التاريخية في منطقتنا.

إننا في حزب الإرادة الشعبية، نتوجَّهُ بالتحيّة لدور الحزب الشيوعي الصيني وأمينه العام في إنجاز هذا الاتفاق، ونتطلَّع إلى دورٍ أكبر للصين في حلّ أزمات المنطقة بما فيها الأزمة السورية.

دمشق، في 10 آذار 2023.

[2]– اللذين تكاملت جهودهما في دفع حراك السوريين السلمي الإصلاحي خلال 2011-2012 على مسارات العنف والتطييف والميلشة، صبّت في تيّار جهود محلية وإقليمية، وتكاملت مع جهود روسية داعمة سياسيّاً، ومع سياسات مواربة أمريكية – أوروبيّة، أدّت بمجملها لقطع مسار جهود وحل سياسي عربي – تركي، (تمّ إسقاط خطّة السلام العربية الثانية أمام مجلس الأمن في 4 شباط 2012، ونقل الملف نهائياً إلى الأمم المتّحدة حيث عملت روسيا والولايات المتحدّة على تحييده عبر مسلسل نقاط كوفي أنان، والقرار 2254، بما يتيح للخيار العسكري بالتقدّم وتحقيق أهدافه، بقطع صيرورة الثورة الديمقراطية، وتفشيل مؤسسات الدولة السورية، ومنع حدوث انتقال سياسي، بما يحافظ على السلطة، وشرعيتها الدولية.

[3]– جناحي الخليج، وضلعي مثلث الطاقة الإستراتيجي العالمي، وواقع ما يشغله نظاميهما الإسلاميين من مرتكزات السيطرة الاقليمية الأمريكية، بما يشكّلان من مراكز تصنيع وتصدير أدوات وفكر الصراع الطائفي، الشيعي/السني، التي مثّلت أيدولوجياتها السعوديّة الوهّابية وأذرعها القاعديّة اهمّ بعض أدوات مشروع السيطرة الإقليمية للولايات المتّحدة والنظام السعودي خلال حقبة الحرب الباردة، كما تمثّل اليوم، خلال حقبة ما بعد الحرب الباردة، والقطبية الأمريكية الوحيدة، الميليشيات الطائفية الإيرانية أخطر وأهمّ أدوات السيطرة الإقليمية المشتركة، الأمريكية/الإيرانية.

[4]https://cutt.us/5BLJH

[5]– فيما يتعلّق بمراحل الخيار العسكري الطائفي – حروب قوى الثورة المضادة، في مواجهة تحدّيات الربيع السوري، وآفاقها الديمقراطية – تُظهر الوقائع تتالي المراحل الرئيسية التالية:

– مرحلة المواجهات الأمنية، والتطييف والعسكرة، بين 2011-2014، وما نتج عنها من هزيمة جهود الحل السياسي، ومعها هزيمة قوى وجمهور الحراك السلمي، وسيطرة ميليشيات قوى الثورة المضادة الطائفية، المتصارعة على السلطة.

– مرحلة حروب الشركاء الخارجيين لإعادة توزيع مناطق سيطرة الميليشيات المعارضة لصالح الولايات المتّحدة وروسيا وإيران، في مواجهة مباشرة او عبر الوكلاء مع تركيا والسعودية، وتوافق ضمني مع إسرائيل، بين صيف 2014 وربيع 2020؛ ولا يغيّر طبيعة الحرب أن تأتي في إطار محاربة داعش، او الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية!.

– مرحلة التسوية السياسية الأمريكية، التي أطلقت الولايات المتّحدة وروسيا خطواتها في أعقاب اتفاقيات بوتين وأردوغان في 5 آذار 2020، وما رسمته من خارطة سياسية لتوزيع الحصص ومناطق النفوذ؛ ولا يغيّر طبيعتها ما شهدته من محاولات تركية/روسية لتغيير شروط الصفقة.

[6]– من الطبيعي أن يخالفنا الرأي أصدقائنا في الحزب الشيوعي السوري، الذي يعتقدون، كما جاء في افتتاحية جريدة قاسيون العدد 1113 الإثنين 13 آذار 2023:

يمثّل الاتفاق الذي تم عقده يوم الجمعة الماضي 10 آذار بين السعودية وإيران في بكين وبوساطتها، نقلةً نوعيةً جديدةً ومهمة، ضمن عملية ولادة عالم جديد حر من البلطجة الغربية، وخاصة الأمريكية – الصهيونية. إنّ هذا الاتفاق هو البداية العملية لنهاية المشاريع الأمريكية/الصهيونية.

[7]– يبدو لي أنّ العامل الرئيسي في دوافع المتغيّرات الجارية في السياسات السعودية، على الصعيدين الداخلي والخارجي، خاصّة الإقليميّة، هي إدراك القيادة الجديدة للملكة، بعد فوات الأوان، لطبيعة المتغيّرات الاستراتيجية في أدوات السيطرة الإقليمية الأمريكية لحقبة ما بعد الحرب الباردة، التي باتت فيها الأولويّة لأدوات المشروع الإيراني الميليشياوية، بعد أن كانت تحتل فيها الأذرع السعودية خلال مرحلة الحرب الباردة المرتبة الأولى، وقد ألمح معالي سمو ولي العهد إلى أنّ سياسات مدّ أذرع الوهابية الخارجية كانت بالدرجة الأولى إرادة أمريكية، كأداة لمواجهة الخطر الشيوعي!.

ليس خارج السياق كما أعتقد، إدراك القيادة الإسرائيلية لهذه الحقيقة الجديدة في خطط السيطرة الإقليمية للولايات المتّحدة ربّما يُفسّر محدوديّة قدرتها على ردع أدوات التغلغل الإيراني، رغم كلّ ما تشنّه من هجمات، وحرص حكومة العدو على اعتمادها على النفس أوّلا، والتنسيق مع القيادة الروسية، في درجة ثانية، لحماية مصالحها العليا خلال مرحلة الصراع على سوريا، المستمرّ بمراحله المختلفة منذ 2011.

الوقيعة المؤكّدة في سياسات السيطرة الاستراتيجية الإقليمية للولايات المتّحدة، هو ما حصلَ من تبدّل استراتيجي في أدوات مشروعها، بدأت خطواته الرئيسة، الحاسمة، مع نهاية سبعينات القرن الماضي (بالانتصار السهل والسلس لقوى الثورة المضادة للتغيير الديمقراطي الميليشياوية في طهران 10 شباط 1979)، وقد بات يجيّر بشكل رئيسي الصراع الشيعي / السني، ويستخدم أذرعه الميليشياوية لتحقيق أهداف اجنداته السياسية، (مواجهة الغزو السوفياتي لأفغانستان، مبررات غزو العراق وافغانستان، والتدخّل العسكري المباشر في سوريا 2014)؛ وقد كانت مليشيات الحشد الشعبي – الميليشيات السعودية/القاعدية، أذرع الخيار العسكري والتطييف ضد السوريين، وليس من محاسن الصدف أن تكون الولايات المتّحدة الرابح الأكبر من نتائج صراعاتها وحروب مكافحتها، يليها أدوات المشروع الإيراني.

[8]– يُضيف الرفاق في قاسيون ما يعزز انفصال الوعي السياسي النخبوي والرأي العام السوري، عن حقائق الواقع وغربة السوريين.

هي فاتحة خيرٍ صوب مرحلة جديدة مختلفة نوعياً للعالم بأسره، ولمنطقتنا على وجه الخصوص، ولبلدنا سوريا أيضاً، والذي ستسير الأمور فيه بشكل أسرع ليس فقط باتجاه تسوية سورية – تركية، بل وأيضاً وبالتوازي باتجاه حلٍ سياسي شامل على أساس القرار 2254 ينتزع للشعب السوري حقه في تقرير مصيره، وفي تحقيق تغيير جذري شامل.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني