الابتزاز الإلكتروني وخطره ووسائل الحدّ منه
يعتبر الابتزاز الإلكتروني من أخطر الممارسات التي اتاحتها الثورة الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي والبرامج الإلكترونية القادرة على القرصنة أو سرقة البيانات الخاصّة أو برامج صنع وتحرير الصور والمقاطع المرئيّة، إذ انتشرت شبكات مُنظّمة امتهنت واحترفت هذه الأعمال الدنيئة وتسببت بانهيار الأسر والعائلات وإفلاس الشركات والمؤسسات وتجنيد القاصرين والنساء في الأعمال المشبوهة كالبغاء والمخدرات وغيرها من الأعمال القذرة.
ولخطورة هذه الظاهرة يجب أن نعمل على نشر الوعي بين أهلنا السوريّين في المناطق المحرّرة الذين يعانون منها بسبب غياب الأدوات الرقابيّة والإمكانيّات التي يمكن من خلالها القضاء عليها.
قال الأستاذ الشيخ مصطفى الزرقا: إنّ مشاعر الشرف ومبادئ الاحتشام العامة والذوق العام التي تخلق إباء خلقياً يترفع عما يؤدي إلى المساس والانتقاص من الاعتداد بالكمال الخلقي الداخل بوجدان المجتمع فهي المبادئ العليا في الواقع الخلقي لمجتمع معين في وقت معين هي مجموعة القواعد والأحكام المتعلقة بالأخلاق والحشمة والمحاسن والمساوئ.
والابتزاز الإلكتروني: هو تهديد بالتشهير بمشاركة معلومات تخص شخص ما، بما في ذلك الصور والفيديو، على الإنترنت، مالم يستجيب لمطالب المُبَتز كطلب المال أو الاستغلال الجنسي أو التجنيد القسريّ في الأعمال القذرة.
الابتزاز في قانون العقوبات العام السوريّ لسنة 1949:
يستخلص تعريف الابتزاز من نصّ المادة “636” من قانون العقوبات العام على أنّه: تهديد الغير بفضح أمرٍ يخصّه أو إفشاء سِرّا من اسراره أو ترويج اخبار عنه تحطّ من شأنه أو شرفه أو شرف أحد أقاربه لحمله على جلب منفعة له او لغيره غير مشروعة.
وقد اعتبرت أنّ الأفعال تُشكّل جريمة جنحويّة الوصف وحدّدت عقوبتها بالحبس حتى سنتين وبالغرامة حتى خمسمائة ليرة.
وتجتمع هذه الجريمة مع جريمة التعرّض للآداب العامة والتعرض للأخلاق العامة إلا أنها تختلف عنهما بأنّها جريمة قصدّية بحق الفرد أو اقاربه أمّا التعرّض للآداب العامة والأخلاق العامة فهما جريمتان تمسّان الآداب والاخلاق العامة ومناط التجريم حماية الشعور العام من أيّ أذى.
كما تفترق جريمة التعرض للآداب عن جريمة التعرّض للأخلاق العامة من حيث وسائل العلنية المرتكبتين بها، فإذا كانت الوسائل بالأعمال والحركات كانت الجريمة من نوع التعرض للآداب العامة، وإذا كانت بالكلام والصراخ أو بوسائل التعبير الأخرى من كتابة ورسم وما شابه ذلك كانت الجريمة من نوع التعرض للأخلاق العامة.
ويمكن تعريفها بأنّها: كل فعل يصدر عن الإنسان باذلاً فيه جهداً عضلياً كالمشي والأكل والشرب، والوقوف والجلوس والصفير وارتداء الثياب أو نزعها والتبول والجماع وعرض الأعضاء التناسلية وتعاطي المسكرات أو المخدرات ووقوف الشخص على حائط المنزل وبقصد التلصص على بنات جيرانه.
والحركات مثل الإيحاءات كتحريك الرأس أو الأجفان أو إخراج اللسان أو هز البطن أو الأرداف، وغير ذلك من الحركات التي تُرى بالعين المجردة والتي عرفت أو اشتُهرت للدلالة على الاستهزاء أو الاحتقار أو الاستنكار أو إمساك يد الأنثى في أثناء سيرها في الطريق العام أو تطويق رقبتها، أو التربيب على خدها أو ملاحقتها في الطريق العام أو ظهور الفاعل عارياً في مكان عام، أو كشف عن عورته، أو قيامه ببعض الحركات أو الإشارات المنافية للآداب كأن يشير إلى مكان عضوه التناسلي، أو أن يحرك جسمه بحركات تفيد المعنى الجنسي أو إصدار أصوات التأفف أو التأوه والتنهد المصاحبة للعملية الجنسية، بشرط أن تدل هذه الأصوات دلالة كافية على حقيقة الفعل المرتكب.
وكذلك صنع أو تصدير أو توريد أو اقتناء كتابات أو رسوم أو صور يدوية أو شمسية أو أفلام أو إشارات أو غير ذلك من الأشياء المخلة بالحياء بقصد الاتجار بها أو توزيعها أو أعلن أو أعلم عن طريقة الحصول فيها.”
مفهوم وسائل العلنيّة: لقد حدّدت المادة “208” من قانون العقوبات وسائل العلنية بما يلي:
“الأعمال والحركات إذا حصلت في محل عام أو مكان مباح للجمهور أو معرض للأنظار أو شاهدها بسبب خطأ الفاعل من لا دخل له بالفعل.
الكلام أو الصراخ سواء جهر بهما أو نقلا بالوسائل الآلية بحيث يسمعهما في كلا الحالين من لا دخل له بالفعل.
الكتابة والرسوم والصور اليدوية والشمسية والأفلام والشارات والتصاوير على اختلافها إذا عرضت في محل عام أو مكان مباح للجمهور أو معرض للأنظار أو بيعت أو عرضت للبيع أو وزعت على شخص أو أكثر.”
وبرأيي: إنّ وسائل التواصل الاجتماعي والبرامج الإلكترونية تُعتبر من وسائل العلنيّة لأنّها تُحقِّق غاية المُبتزّ في افشاء الاسرار أو ترويج الإساءة أو فضح أمر الضحيّة وبالتالي ينطبق على هذه الأفعال المنصوص عنها بالمادة ’’636‘‘ المذكورة أعلاه بالإضافة لجريمة الابتزاز جريمتي التعرّض للآداب العامة والتعرّض للأخلاق العامة.
الإجراءات:
لكل من يتعرّض للابتزاز الحق بمحاسبة الفاعل واللجوء للشرطة بالشكوى أو اللجوء للقضاء مباشرة عبر تقديم الادعاء بحق الفاعل وله ايضا بالإضافة للعقوبة الجزائية الحق بالمطالبة بالتعويض عن اي ضرر مادي أو معنوي قد يلحق به نتيجة الابتزاز أو التعرّض للآداب والاخلاق العامّة.
نصائح: ننصح كل مستخدم أو مستخدمة لوسائل التواصل الاجتماعي أو الشبكات الإلكترونية:
الحرص على اتخاذ وسائل الحماية والامان من الاختراق أو القرصنة وعدم التفاعل مع البرامج والروابط والألعاب المشبوهة.
اعتماد طريقة آمنة لحفظ الاسرار والملفات الشخصية والعائلية الحساسة والحذر من وقوعها في الايادي الخطأ.
عدم الأخذ والرد مع الغرباء أو أصحاب الأسماء المستعارة وعدم تبادل أي معلومات شخصية معهم.
مسح كل البيانات المخزّنة على الهواتف أو أجهزة الحاسوب أو في حال بيعها أو رميها في حال التلف، أو حتى حين إرسالها إلى ورشات التصليح والصيانة.
على السلطات المحلية العمل على نشر الثقافة القانونية والوعي القانوني وخطر وسائل التواصل الاجتماعي وأثرها على المجتمع والاسرة والفرد عبر النشرات الدورية أو وسائل التواصل الاجتماعي أو عبر الإعلام أو الندوات أو ورشات العمل أو حتى في المدارس والجامعات وأعتقد أن المناطق المحررة تحتاج إلى تضافر الجهود بين السلطات ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات التعليمية والنقابات للحدّ من هذه الظاهرة الخطيرة.