اعتداء إعزاز على رئيس الائتلاف الوطني.. دوافعه وأهدافه
الاعتداء المعيب على رئيس ائتلاف قوى الثورة والمعارضة لا يمكن حسابه على أنه موقف ينتمي للثورية، فالثورية قبل أن تكون أداة تغيير للواقع، هي بنية أخلاقية رفضت بالأساس وثارت على لا أخلاقية نظام مستبدٍ قهري، فكيف يمكن تبرير الهجوم على شخص رئيس الائتلاف الوطني، وهذا الائتلاف مكوّن من ممثلين لمجالس محلية في المحرر، ولقوى المجتمع المدني، ولتمثيلات سياسية واجتماعية وعسكرية، فهل كل هؤلاء تخلوا عن الثورة؟ وهل قاموا بأي خطوة تتناقض عملياً مع أهداف الثورة كالصلح مع نظام أسد؟.
سالم المسلط رئيس الائتلاف لم يتحدث في أي مناسبة بغير أهداف الثورة، وبالتالي لا يمكن الادعاء بأن الائتلاف باع قضية الثورة السورية، سيما وأن دعاة الثورية يظنون أن رفض الائتلاف لتصريحات تركية ذات أهداف سياسية تخص الدولة التركية، ولا تضرّ بالقضية السورية، هو أمرٌ يجب أن يتمّ قبل اللقاء مع الضامن التركي.
هذا موقف لا يمكن القبول به، بسبب عدم معرفة دوافع الموقف التركي، الذي تضمّن رؤية مدروسة للتقارب مع النظام بخصوص إرهاب حزب العمال الكردستاني، الذي يقود بصورة غير علنية ما يسمّى “قوات سوريا الديمقراطية”، وهي ميليشيا ذات أهداف متعددة منها السيطرة على شمال شرقي سوريا، وتهديد الأراضي التركية عبر الحدود السورية مع تركيا، خدمة لهدف يُشهره حزب العمال المذكور، وهو بناء الدولة الكردية على أراضٍ تتبع لأربع دول في المنطقة (إيران والعراق وتركيا وسوريا).
إن تصريح الائتلاف برفض الموقف التركي من التقارب مع نظام أسد دون فهم دوافعه من المسؤولين الأتراك، هو طفولة سياسية من جهة، أو محاولة لتخريب التحالف التركي مع قوى الثورة السورية، من خلال تغليب شعارات ثوروية على قدرة قوى الشعب السوري الثائر، هذه القوى، لا تعمل في مربعٍ معزولٍ عن تأثيرات القوى الدولية والإقليمية المنخرطة بالصراع على سوريا وفيها، ولهذا يريد من يستفيد من حالة اللاحل السياسي للقضية السورية، التشويش على أي خطوة بهذا الاتجاه، من خلال ارتدائه زوراً ثوب الثورة السورية العظيمة.
لهذا يمكننا فهم من يقف خلف الاعتداء على رئيس الائتلاف الوطني، وما أهدافهم، وهل يمكنهم كما يتخيلون رسم حركة واقع سوري جديد دون وجود قوة حقيقية تفعل ذلك؟ إنها الديماغوجية، تضخيم الشعارات في ظل قدرات وقوى غير قادرة على حمل هذه الشعارات.
إن الذين ارتكبوا الاعتداء على رئيس الائتلاف هم بالأساس قوى لا تنتمي للثورة السورية، فهؤلاء ينتمون لقوى تتصف بالذهنية الشمولية القمعية، وهم يكمّمون أفواه السوريين لمنعهم عن التعبير عن رأيهم بسلطات الأمر الواقع، هذه السلطات مع أجهزتها الأمنية القمعية هي من يقف وراء الاعتداء على رئيس الائتلاف الشيخ سالم المسلط.
لذلك، وباعتبار أن الاعتداء على رئيس الائتلاف ليس اعتداءً على شخص فرد، وإنما هو اعتداء على مؤسسة قوى الثورة والمعارضة، التي تمثّل السوريين أمام العالم، وهذا يتطلب من مؤسسات قوى الثورة التابعة للحكومة المؤقتة القيام بالتحقيق بهذا الاعتداء الأثيم، ومحاسبة مرتكبيه، والكشف عن أهدافه الحقيقية للشعب السوري.
إن الصراخ بشعارات ثوروية لا يعني أن أصحابها ثوريون، سيما وأن الائتلاف الوطني لم يقم بأي خطوة تنازل تمسّ ثوابت الثورة السورية، وتحديداً محاولة الروس إعادة إنتاج نظام أسد، من خلال محاولاته تمرير ما يسمى الصلح مع نظام الأسد.
إن الائتلاف الوطني لا يمكنه القبول بأي خطوة باتجاه التصالح مع نظام أسد، وهو لا يملك الحقّ بالتنازل عن دماء السوريين الذين قتلهم النظام بالبراميل المتفجرة وبالأسلحة الكيماوية وبالقصف بالطيران الحربي وبالصواريخ، وهو من جهة أخرى يعمل بدأب على إصلاح بنيته التنظيمية، ليعزّز مواقفه السياسية والتفاوضية.
لهذا يجب على الحكومة المؤقتة التي يقودها السيد عبد الرحمن مصطفى أن تقوم بالإسراع بتثبيت مؤسسات العدل والأمن، وأن تتيح التعبير عن الرأي في مناطقها بوسائل ديمقراطية سلمية دون المساس بكرامة الناس، أو الاعتداء عليهم.
إن من يظن أن سوريا هي كما يتخيلها لوحده سيكون هذا الظن مدعاة للرفض، فسوريا هي لكل أبنائها من كل المناطق، الذين يريدون بناء دولة المواطنة والحقوق والحريات.
وأن حكومة مصطفى مدعوة للعمل على إجراء انتخابات ديمقراطية شفافة في المحرر، لتكون السلطة فيها مستمدة من إرادة الناس، وهذا أمر يمكن للضامن التركي أن يساعد السوريين في مناطق الشمال المحرر (درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام) على تحقيقه بصورة شفافة.
فهل هناك من سيردع الاعتداء على الناس وعلى الشخصيات الوطنية؟ إنه أمرٌ ضروري وفق قانون ينظّم ذلك ويشمل الجميع.