fbpx

أمراض سوء التغذية تفتك بالأطفال في الشمال السوري

0 158

تنتشر أمراض سوء التغذية في الشمال السوري، وتلاحق فئة الأطفال بشكل خاص نتيجة ﻋﺪﻡ ﺣﺼﻮﻝ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭ ﻛﺎﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺬﺍﺀ ﺍﻟﻴﻮﻣﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﺘﻮﻱ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﻐﺬﺍﺋﻴﺔ ﺍﻟﻬﺎﻣﺔ بسبب الفقر والغلاء، وما تسببت به الحرب السورية من هجرة واسعة النطاق للسكان، وتراجع في الخدمات العامة، إضافة إلى وضع سيء للأهالي والنازحين الذين يعيشون متزاحمين وفي ظروف غير صحية مع عدم كفاية فرص الحصول على الخدمات الطبية الأساسية بسبب تضرر المشافي العامة.

الطفل “قاسم” بلغ من العمر سنة ونصف، لكن حجمه ووزنه يوحيان بأن عمره 5 أشهر فقط، ﻭﻫﻮ ﻻ ﻳﻜﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﻜﺎﺀ، ﻭﻋﻴﻨﺎﻩ ﻏﺎﺋﺮﺗﺎﻥ، ﻭﺑﺸﺮﺗﻪ ﺟﺎﻓﺔ.

نزحت أسرته من بلدة جرجناز إلى مخيم الكرامة بريف إدلب الشمالي، تتحدث والدته لـ نينار برس عن حالته: “ﻟﻘﺪ ساءت حالة ولدي، وأصيب بارتفاع درجة الحرارة، وأصبح يتقيأ باستمرار، وحين عرضناه على الطبيب ﺃﺑﻠﻐﻨﺎ ﺃﻧﻪ مصاب بسوء تغذية حاد، وﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺩﺧﻮله ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ﻓﻮﺭاً.”

وبعد إسعافه أصبح قاسم يعالج بحصوله على الأﻏﺬﻳﺔ العلاﺟﻴﺔ، ﻭﻫﻮ ﻳﺴﺘﺠﻴﺐ ﻟﻠﻌﻼﺝ ﻭﻳﺴﺘﺮﺩ صحته.

استجاب الطفل قاسم للعلاج، في الوقت الذي يفقد آخرون حياتهم بسبب أمراض سوء التغذية تزامناً مع ﻗﻠﺔ ﺍﻟﻨﻈﺎﻓﺔ، ﻭﻋﺪﻡ ﺗﻮﻓﺮ ﻣﻴﺎﻩ ﺍﻟﺸﺮﺏ، ﻭدخول ﻣﻮﺳﻢ ﺍﻟﺒﺮﺩ، ﻭﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺳﺎﺕ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﺴﻠﻴﻤﺔ ﻟﺘﻐﺬﻳﺔ ﺍﻟﺮﺿَّﻊ ﻭﺍﻷﻃﻔﺎﻝ.

الطفلة “ﺷﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ ﺍﻟﺠﻮﺳﺎﻧﻲ”  عمرها 9 أشهر، فقدت حياتها بتاريخ 10 من شهر ﺗﻤﻮﺯ/ﻳﻮﻟﻴﻮ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﻣﺨﻴﻢ “ﺍﻟﺒﻞ” ﺑﺮﻳﻒ ﺣﻠﺐ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻲ، ﺑﺴﺒﺐ ﺳﻮﺀ ﺍﻟﺘﻐﺬﻳﺔ ﻭﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺍﻟﻤﻌﻴﺸﻴﺔ ﺍﻟﺼﻌﺒﺔ، ﻭﻋﺪﻡ ﻗﺪﺭﺓ ﻭﺍﻟﺪﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺷﺮﺍﺀ ﺍﻟﺤﻠﻴﺐ ﻟﻬﺎ.

ﺗﻮﺳﻌﺖ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺍﻹﺻﺎﺑﺔ بأمراﺽ ﺳﻮﺀ ﺍﻟﺘﻐﺬﻳﺔ نتيجة غلاء أسعار الحليب، ما ﻓﺎﻗﻢ ﻣﻌﺎﻧﺎﺓ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺠﺐ ﻣﻨﺤﻬﻢ ﻧﻮﻋﺎً ﻣﺨﺼّﺼﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻠﻴﺐ. 

الطفلة “شهد السليم” ذات السنتين من مدينة إدلب تعاني من تقوس الساقين والتأخر في المشي، وعند عرضها على طبيب أطفال في المدينة، تبين إصابتها بسوء التغذية، وعن ذلك تتحدث والدتها: “استمرت الرضاعة الطبيعية لابنتي مدة خمسة أشهر، وبعدها اضطررت لفطامها، ولا قدرة لنا على دفع ثمن علب الحليب، لذلك أصبحت أحضر لها الوجبات من مادة النشاء المطبوخ مع السكر، وأصيبت إثر ذلك بمرض سوء التغذية.”

خبيرة التغذية “حنان البكور” من مدينة إدلب تتحدث لـ نينار برس عن أمراض سوء التغذية: “تنتشر أﻣﺮاﺽ ﺳﻮﺀ ﺍﻟﺘﻐﺬﻳﺔ ﺑﻜﺜﺮﺓ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ السوريين ﻣﻦ ﻋﻤﺮ ﺳﺘﺔ ﺃﺷﻬﺮ ﻭﺣﺘﻰ ﺧﻤﺴﺔ ﺃﻋﻮﺍﻡ، نتيجة ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ، علماً أن ﺳﻮﺀ ﺍﻟﺘﻐﺬﻳﺔ يشكل ﺧﻄﺮاً ﺷﺪﻳﺪاً ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺔ ﺍﻟﻄﻔﻞ، ﻭﺧﺎﺻﺔ ﻗﺒﻞ ﻋﻤﺮ ﺴﻨﺘﻴﻦ، ﻓﻴﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻤﻮ ﻭﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﺍﻟﺒﺪﻧﻲ ﻭﺍﻟﻌﻘﻠﻲ، ﻭﻳﺰﻳﺪ ﺳﻮﺀ ﺍﻟﺘﻐﺬﻳﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﻣﻦ ﺧﻄﺮ ﺍﻹﺻﺎﺑﺔ ﺑﺄﻣﺮﺍﺽ ﻣﺰﻣﻨﺔ منها ﺍﻟﺴﻤﻨﺔ، ﺍﻟﺴﻜﺮﻱ ﻭﺃﻣﺮﺍﺽ ﺍﻟﻘﻠﺐ.”

وتشير إلى أعراض المرض، عدم زيادة وزن الطفل والضعف العام، وعدم القدرة على اكتساب الطول، فضلاً عن تناول الطعام بشكل قليل، مؤكدة أن ﻋﺪﻡ ﺗﻮﻓﺮ ﺣﻠﻴﺐ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﻟﻠﺮﺿﻊ ﻳﻌﻮﺩ ﺇﻣﺎ ﻟﻐﻼﺀ ﺛﻤﻨﻪ ﺃﻭ ﻟﻌﺪﻡ ﻗﺪﺭﺓ ﺍﻷﻫﻞ ﻋﻠﻰ ﺷﺮﺍئه، ﺇﺫ ﻻ ﻳﺨﻔﻰ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﺪ ﺣﺠﻢ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍلصعبة، إﺿﺎﻓﺔ إلى ﻘﻠﺔ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺆﻣﻨﻪ ﻣﺠﺎﻧﺎً، ﻭﻫﺬﻩ ﻛﻠﻬﺎ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺗﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺇﺻﺎﺑﺔ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﺮﺽ.

ﻭﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻌﻮﺩ ﺳﺒﺐ ﺍﻧﺘﺸﺎﺭ ﺍﻟﻤﺮﺽ ﻟﻘﻠﺔ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﻷﻡ ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ ﺍﻹﺭﺿﺎﻉ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ، ﻭﺍﻻﺳﺘﻌﺠﺎﻝ ﺑﺎﻟﻔﻄﺎﻡ ﻟﻠﻄﻔﻞ ﺍﻟﺮﺿﻴﻊ.”

وتؤكد البكور أن العلاج من ﺳﻮﺀ ﺍﻟﺘﻐﺬﻳﺔ يكون من خلال ﺇﻣﺪﺍﺩ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﺑﺎﻟﻤﻮﺍﺩ ﺍﻟﻐﺬﺍﺋﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﻘﺼﻪ ﺗﺪﺭﻳﺠﻴاً، ﻭﻏﺎﻟباً ﻣﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﺍﻟﺘﺤﺴﻦ ﺑﺴﺮﻋﺔ، ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﻄﻮﻝ ﻗﺪ ﻳﺘﺄﺧﺮ ﻟﻌﺪﺓ ﺃﺷﻬﺮ ﺑﻌﺪ ﺑﺪﺀ ﺍﻟﻌﻼﺝ.

تسببت الحرب السورية للأطفال بمعاناة ﺗﻼﺯمهم ﻣﺪﻯ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، وﺗﺘﺮﻙ ﻋﻮﺍﻗﺐ ﻭﺧﻴﻤﺔ ﻋﻠﻰ صحتهم ﻭﺭﻓﺎﻫﻬﻢ ﻭﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻬﻢ، وتكثر الأمراض ﺍﻟﺘﻲ تفتك بهم في ظل غياب ﺍﻟﺮّﻋﺎﻳﺔ ﺍلصحية ﻭﺍﻹﻣﺪﺍﺩﺍﺕ ﺍﻟﻤﻨﻘﺬﺓ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني