fbpx

ورقة نقدية في مقاطع من قصيدتي (كورونا ولا شيء في العبر) و(عالق) للشاعر المغربي إدريس الزايدي.

0 491

الشاعر ادريس الزايدي

منذ ظهور الإنسان على وجه البسيطة لم يعجزه شيء عن التعبير عن ذاته إما بالكلمة أو الإشارة أو الرسم وغيره، ولا يخرج الشاعر عن هذا الإطار، إذ لم ينحصر في نمط شعري واحد بل عدله وكيفه ومتطلبات العصر، فالشاعر لم يبق منحصراً وخاضعاً لصرامة وزن القصيدة العمودية ووحدته وكذا وحدة البيت والقافية، بل ركب غمار تجربة شعرية جديدة كانت أكثر ملاءمة لمقتضيات العصر وهي شعر التفعيلة.

والشاعر المغربي إدريس الزايدي والذي اشتهر بقصائده العمودية ذات اللغة العميقة والمتينة التي لا تسلمك نفسها بسهولة، زاوج بين هذين النوعين وشكل بهما قصائده التي تباينت بين العمودي وشعر التفعيلة، وقد تم اختيار نموذجين منهما معاً، إذ النموذج الأول والذي اعتمد فيه التفعيلة تناول فيه موضوعاً أقض مضاجعنا وغير معالم العالم بأكمله حولنا، وهو موضوع كورونا والنموذج الثاني والذي تناوله باعتماد الشعر العمودي أظهر انعكاسات هذا الوباء ونتائجه حتى على الشاعر نفسه.

 

كورونا ولا شيء في العبر

 

الموت يدعونا لحفل عشاء

كورونا ضيفة هذا المساء

ونشرة أخبار تقدم للمتعبين بعض هواء

وليس في البيت من يوقد النار للطعام

وأنا أنادي

لا صوت لمن تنادي

لا ترحل يا ولدي

فالطريق تقتل من تأخر عن الجحيم

يقول المنادي

هبوا لعناق نشرة جديدة

كورونا كورونا

ها عشاؤك مر عليه حول

ويد الطفل ترسم بالألوان

تلك التي تأخر استعمالها في المدرسة

وجوه وراء اللعبة

لا يأبهون

الموت الموت وراء العويل…

 

في هذه القصيدة التي عنونها الشاعر (كورونا ولا شيء في العبر)، فكورونا وهو الوباء الذي انتشر انتشار النار في الهشيم وتصدر كل المنابر والمنتديات لابد أن يكون عنواناً بارزاً لقصيدة تغوص في ثناياه، وكلمة (لا شيء) المسبوقة بواو العطف والمتضمنة لـ (لا) النافية للجنس تجعل من كورونا معضلة لا حل لها ولا شيء يمكن أن يوقفها. والعبر من فعل عبر عبوراً وعبراً فهو عابر، قد يكون بمعنى الاجتياز أو جريان الدمع أو التدبر في النفس بدون إصدار صوت أو هي الإبانة والإعراب عما في النفس.

فالشاعر إدريس الزايدي يبتدئ قصيدته بكلمة تزلزل النفوس وهي الموت وهذا الموت الذي أصبح حاتمياً يدعونا لحفل العشاء على شرف كورونا التي تستقبلنا لنكون خبراً في نشرة أخبار تسعفنا بهواء كاذب لنكون مضطرين لقبول دعوة الموت إلى العشاء في غياب من يوقد النار للطعام في البيت.

وينتقل بنا الشاعر من خلال إدخال الذاتية في الموضوع ليصور لنا كيف أن نداءه لم يجد له مجيباً وكيف أن كورونا تستمر في حصادها لنكون خبراً في نشرة جديدة، ورغم ذلك تظل يد الطفل ترسم بالألوان ليبزغ الأمل من جديد رغم حرمان هذا الطفل من ممارسة رسمه بين جدران المدرسة ليلمح الشاعر إلى كون كورونا هي نتاج لعبة نحن بيادقها في قوله (وجوه وراء اللعبة). وقصيدة (كورونا ولا شيء في العبر) لازالت طويلة أبدع صاحبها في إبراز وقع كورونا وآثاره على العالم بأسلوب لا يخلو من متعة.

أما قصيدة (عالق) والتي جاء فيها:

 

عالق 

 

يعانق سطر الأشواق موعده

يناظر الشوق في وعد يجدده

حتى توهج نار العود في حطب

يعود يوم توالى الجمر يوقده

باريس أخيلة ما هزها ألمي

كالسيف في حدق العينين تغمده

وها أنا بين طول الشهر مرتهن

أقود لحناً براني، كيف أجهده

برابع الشهر أمسيت احتماء ظما

أعلل العين في مر وأجحده

ذي أشهر حرم والقتل صار دمي

بين جدار، جدار الحلم يحشده

كم لمت كوفيد

واغتاظ الهوى سببا

لما رأيت خفي الذكر يرصده

أطل من شاهق لولا أرى وطني

فلا أرى غير طيف مد لي يده

أحتال أسرق عينا من مدامعه

والمد يلقي علي البرق يرعده…

 

فالشاعر إدريس الزايدي في هذه القصيدة ينقلنا إلى أثر كورونا عليه شخصياً إذ صار رهينة بمدينة باريس وقت الحجر ولم يتمكن من معانقة بلده المغرب إذ عنون قصيدته بـ (عالق) وهو اسم فاعل لفعل علق أي نشب في المكان ولم يستطع الخروج منه، حيث كبلت حريته في التنقل وصار ملزماً بالبقاء حيث هو رغم توقه لمعانقة وطنه، إذ من أول بيت أظهر هذه الرغبة في العناق (يعانق سطر الأشواق موعده/يناظر الشوق في وعد يجدده) لكنه يظل على جمر الانتظار دون اكثرات باريس بألمه وحرقته ليقدم هذه المدينة في أقسى حالاتها حين تغمد سيفها في حدق العينين وهو يعد أشهر الحجر والمنع.

والشاعر إدريس الزايدي يتعامل مع داء كورونا وكأنه شخص غير مرغوب فيه يغتاظ منه ويلومه ويحاول باستماتة أن يحقق العناق مع شخص أخر محبوب لديه الذي هو وطنه من خلال الإطلالة عليه ولو من بعيد، لكن هذا الوطن لا يبدو سوى طيف يمد له يده من بعيد دون أن يتم ذاك العناق.

فالشاعر إدريس الزايدي من خلال قصيدتيه، الأولى الحرة والثانية الموزونة الهائية قدم لنا موضوعا متكاملاً قدم فيه الداء وآثاره، لتبقى الخاتمة معلقة في انتظار زوال هذا الداء لتعود الحياة كما كانت، وقد قدمها بأسلوب لا يخلو من دقة التصوير وجمال الأسلوب وسلاسة الكلمة، وهذا ليس بغريب عن شاعر بقدر ومستوى الشاعر إدريس الزايدي الذي تبقى قصائده عرائس تحتاج لحفل كبير للاحتفاء بها وإبرازها وتدارسها.

نهج السيرة : إدريس زايدي
…..
1- معلومات شخصية
الاسم والنسب : إدريس زايدي
تاريخ الإزدياد:1959
مكان الازدياد : قرية عين أكرى .ضاحية مكنـاس.
الحالة العائلية : متزوج وأب لولدين.

2- شهادات جامعية ومهنية.
– شهادة الباكالوريا .
– شهادة الإجازة في اللغة العربية وآدابها..
– دبلوم المدرسة العليا للأساتذة .
– شهادة الماستر في الأدب المغربي.

3- المهمة الحالية :
– أستاذ متقاعد

4- المنشورات :
*الشعر :
– وجع النخيل
– أسأت لي
* النقد :
– ملامح النقد المغربي الحديث
– مقامات الوطن في المنجز الشعري لأحمد مفدي. تأليف مشترك.
– كتاب نقدي من 3 أجزاء معد للطبع في السرد والشعر والنقد .

5- قراءات نقدية وتقديمات لدواوين شعرية وكتب سردية ونقدية ،منها :
– نحو تاريخ لقراءة الشعر بالمغرب للدكتور مصطفى الشاوي .
– تقديم لمجموعة قصصية ( رحلة الشتاء والصيف ) للقصاص والناقد محمد إدارغة عن اتحاد كتاب المغرب ووزارة الثقافة .
– تقديم لديوان شعري( رماد الروح ) للشاعرة الجزائرية سليمة مليزي .
– قراءة نقدية في ديوان (من هاجر يأتي زمزمه ) للشاعر محمد شنوف ( مجلة رحاب الجامعة)
– قراءة نقدية في المجموعة القصصية (كسكس الجمعة) للقاص محمد إدارغة (مجلة رحاب الجامعة )
– قراءة نقدية في رواية ( قرية ابن السيد) لحسن إمامي .
– قراءة في ديوان ( الضياء الماطر ) لعمر بوحاشي بجريدة العلم الثقافي .
– قراءة في ديوان (تباريح الروح ) للشاعر حسن العابدي .
– قراءة في ديوان “امرأة سانحة “للشاعرة نعمة بنحلام .
* قراءة في المجموعة القصصية ”الظلال الخفية ”لبوعزة الفرحان
– قراءة في ديوان ( صمت الكلام ) للشاعر إدريس الرواح
…وأخرى

6- الاهتمامات والمشاركات الثقافية
* النشر في الجرائد الوطنية (في الشعر والقصة )
المتابعات الشعرية إبداعا ونشرا ونقدا .
* حوار مع التلفزيون العربي بلندن من خلال برنامج ” عصير الكتب” مع جولة عبر مآثر مكناس
* لقاءات عبر الأثير وطنيا وعربيا ومناقشات في برامج :
– حبر وقلم
– مقامات
– لقاء مع راديو الشرق بباريس
* المشاركة في المحافل الثقافية الشعرية داخل الوطن وخارجه .
* النشر في مجموعة من المنتديات الثقافية عبر وسائل التواصل الاجتماعي .
* شهادات تقديرية عن المشاركات الشعرية من طرف جمعيات ثقافية مغربية وعربية .
7- احتفاءات وتكريم من طرف جمعيات وطنية .
( جمعية أوراش الدولية بمدينة زرهون – جمعية صروح للثقافة والفن بفاس – جمعية شعراء المهحر بباريس- جمعية منتدى الفن والإبداع المغربي بمكناس )

8 – ثقافة ومجتمع
– عضو مؤسس لجمعية “إثري” للثقافة والتنمية الاجتماعية بجماعة سيدي سليمان مول الكيفان .
– عضو جمعية أصدقاء المكتبة الوسائطية بمكناس
– عضو جمعية صروح للثقافة والفن بمدينة فاس.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني