fbpx

مصابات الحرب في إدلب.. جراحات النفس والجسد

0 192

وقعت الكثير من النساء في إدلب ضحية لإصابات الحرب من بتر أو شلل أو عمى، جراء القصف العنيف المتكرر من قبل النظام السوري وحلفائه على مناطق شمال غربي سوريا، وزادت الإصابات المزمنة من معاناة المرأة السورية، فيما تحولت بعض الإصابات إلى عاهات مستديمة نتيجة الإهمال ونقص الرعاية الصحية.

تخلي الزوج

الكثير من النساء تخلى عنهن أزواجهن بعد الإصابة، بحجة عجزهن عن الاهتمام بالبيت والأولاد، فتترك المرأة لمصيرها دون حصولها على أي تعويض مادي يمكنها من العيش بكرامة، فيما يصعب على الكثيرات العمل جرّاء تأثير الإصابة التي تجعل المصابة من ذوي احتياجات خاصة غالباً.

سمر المحمد(31 عاماً) من بلدة إحسم بجبل الزاوية، أم لثلاثة أطفال، تعرضت للإصابة بشظية قذيفة من قبل حواجز نظام الأسد على منزلها قبل سنتين، ما أدّى لتضرر عمودها الفقري.

تقول سمر لـ نينار برس: “انقلبت حياتي رأساً على عقب، وأصبحت عاجزة، أعتمد على كرسي متحرك في التنقل في أرجاء منزلي، وأطلب مساعدة والدتي في إنجاز أعمال المنزل والاهتمام بأطفالي الثلاثة.”

تؤكد سمر أن زوجها تعاطف معها في البداية، ثم ما لبثت أن شعرت ببرود مشاعره تجاهها، ولم تتفاجأ حين سمعت بخبر زواجه من امرأة أخرى، مؤكدة أنها تركت منزل زوجها، وانتقلت مع أطفالها للعيش في منزل أهلها، وتضيف: ” حين تتعرض المرأة للإعاقة، لا يكفيها الألم الذي تلاقيه، بل تعاني من نظرة المجتمع لها، بالشفقة حيناً والتهميش أحياناً، وكأنها يجب أن تموت قبل أوانها أو تصبح مثل أي شيء جامد لا دور لها في هذه الحياة.”

إعاقة ونزوح.. معاناة مضاعفة

كما تتفاقم معاناة المصابات في مخيمات النزوح، فيصبحن في مواجهة حياة أصعب، يضفي عليها التشرد وانعدام مقومات الحياة آلاماً جديدة وسط غياب كبير للمنظمات التي تعنى بشؤونهن.

سوسن حاج حسين (22 عاماً) نازحة من بلدة جرجناز إلى مخيم في بلدة أطمة الحدودية مع تركيا، بترت قدمها نتيجة شظية من برميل متفجر منذ شهر آب/آغسطس عام 2019، تتحدث لـ نينار برس عن وضعها الحالي: “كنت أدرس التمريض قبل إصابتي، واليوم أواجه آلاماً لا تطاق، حيث أعيش في مخيم للنازحين، وأحاول أن أتأقلم مع حياتي الجديدة، وأتمنى أن أعود إلى دراستي وحياتي السابقة يوماً”.

الشابة تستخدم عكازين في التنقل، وتنتظر دورها للحصول على طرف صناعي من إحدى الجمعيات الخيرية، وتشكو من انعدام مقومات الحياة في المخيم العشوائي الذي تقطنه، وبعد المراكز الصحية، وغياب مراكز الدعم والتأهيل اللازمة للمصابين.

الأثر النفسي

تقع النساء المصابات في الحرب فريسة الأمراض النفسية التي تترافق مع جروح الجسد، باعتبار مأساة الإعاقة تقع على النساء بشكل أقسى وأصعب، لأن المرأة تتحمل في الحياة مسؤوليات كبيرة، قد لا تستطيع النهوض بها مع وجود إعاقة في جسدها، فالمرأة ليست مسؤولة عن نفسها فقط، بل عليها أن تعتني بمن حولها من أفراد أسرتها.

ريم البلاني (38 عاماً) من مدينة إدلب، مختصة بالإرشاد النفسي تتحدث لـ نينار برس عن الآثار النفسية للإعاقة: “تتركُ الإعاقة معاناة أكثر تعقيداً وعمقاً مما نتخيل، تتعدى كونها آثاراً جسدية أو عضوية، وتمتد إلى الآثار النفسية التي قد تبقى وتمتد سنين طويلة حتى بعد أن تشفى الجراح وتختفي.”

وتؤكد البلاني أن الإعاقة تجعل المرأة مع حاجتها للعون الخارجي تشعر بالخيبة والإحباط والدونية، كما تعاني من الأعراض النفسية كاضطراب ما بعد الصدمة، والاكتئاب والقلق نتيجة الشعور بالخسارة لفقدان عضو من الجسد، والعجز عن رعاية أسرتها.”

وتنصح البلاني بضرورة تقديم برامج إرشاد ودعم نفسي للأشخاص الذين تعرضوا للإعاقة بمن فيهم النساء، والعمل على توفير فرص عمل لهن من خلال تنمية المهارات الحرفية لديهن وتطويرها، وتحويلها إلى مرحلة الإنتاج، لتحقيق الاستقلال المادي والدعم النفسي والمجتمعي.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني