fbpx

حملات التجنيد الإجباري وتجنيد الأطفال لعنة على أبناء مناطق شمال شرق سورية.

0 273

الفوضى الخلاقة، التي رافقت الصراع السوري، وصداه الانشطاري لم تستثن شيئاً. مدن أُبيدت، عائلات تلاشت، قيم وقوانين وبنى اجتماعية انهارت، فوضى وتدمير ممنهج ساد البلاد طولاً وعرضاً، وفي الاتجاهات كافة.

وفي شمال شرق سوريا، وعلى الرغم من أنها لم تشهد الصراع والدمار نوعاً ما مقارنة مع باقي مناطق ومحافظات البلاد. إلا أن الصراع بين القوى التي حاولت فرض سيطرتها هناك لم يرحم أبناء المنطقة. فكان الشباب والأطفال هم الشريحة الأوسع واأاكثر تضرراً فيها. انهارت دعائم بناء مستقبلهم في بيئة صحية آمنة. فمن ظن نفسه ناجياً بالهروب واللجوء خارج البلاد. يعاني مستقبلاً مجهولاً في بلاد الغربة. ومن بقي فيها يتأرجح بين نار التجنيد والخطف.

حملات التجنيد الإجباري

مع بدء سيطرة الإدارة الذاتية بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي التي تشكلت بداية 2014. تم تشكيل جناح عسكري باسم وحدات حماية الشعب (ypg) ووحدات حماية المرأة (ypj) ضمت إليها لاحقاً أبناء المنطقة من (العرب والآشوريين والسريان) وتشكيل قوة باسم قوات سورية الديمقراطية (قسد) لمحاربة تنظيم داعش وحماية المنطقة. لكن بدأت بحملات خارجية شرقاً وغرباً بحسب توجيهات قوات التحالف الدولية التي أصبحت تعمل تحت إمرتها وبتوجيهات منها، وسقط نتيجة لذلك ما يزيد عن 12 ألف شهيد من المكونات كافة. الأمر الذي لاقى سخطاً شعبياً من الأهالي الذين استهجنوا زج هؤلاء الشباب في معارك لا ناقة لهم فيها ولا جمل خارج مناطقهم. ترافقت هذه الحملات مع حملات اعتقال وتجنيد إجباري للقيام بواجب الدفاع الذاتي. طالت جميع المدن والقرى والبلدات. فقررت الكثير من العائلات الهرب بأبنائها في جنح الظلام واللجوء إلى إقليم كردستان العراق ومنه إلى تركيا والدول الأوروبية.

(فاطمة عبد الرحمن) أم لأربعة أولاد “أولادي هم كل ما أملك والحفاظ على حياتهم وسلامتهم، ومستقبلهم هو كل ما أسعى إليه. لذلك قررت ترك البلاد واللجوء إلى إقليم كردستان العراق.”

وتتابع: “أخذوا صديق ابني أحمد من بيته لواجب الدفاع الذاتي ليعيدوه لأهله أشلاء في تابوت. أنا لا أستطيع تحمل فقدان أولادي ومع ضياع مستقبلهم التعليمي بعد فرض المناهج من قبل الإدارة الذاتية غير المعترف بها وإغلاق المدارس والخوف الدائم من المداهمات والاعتقالات وسوقهم للتجنيد الإجباري كان خيار اللجوء هو الأفضل دون ندم.”

تجنيد الأطفال القُصر 

يعرف القاصر بأنه كل فتى أو فتاة لم يتم الثامنة عشرة من عمره بحسب معظم القوانين الدولية. وتعتبر اتفاقية حقوق الطفل وحقوق الإنسان استخدام هؤلاء الأطفال في الأعمال العسكرية والحروب. جريمة ضد الإنسانية. لكن رغم ذلك تم تجنيد الأطفال دون 18 عاماً من قبل النظام ضمن قوات الدفاع الوطني. كما تم تجنيدهم من الجهات الفاعلة غير الحكومية والفصائل المسلحة كجبهة النصرة وأحرار الشام وجيش الإسلام وتنظيم داعش الارهابي لأغراض التجنيد والقتل والاغتصاب وذلك بحسب تقارير صادرة عن لجان حقوقية تابعة للأمم المتحدة.

كما ترافقت حملات التجنيد الإجباري من قبل الإدارة الذاتية مع عمليات تجنيد للأطفال وسوقهم لساحات القتال أو معسكرات يتلقون فيها التدريبات الأيديولوجي السياسية والعسكرية تقوم بها منظمة (جوانن شورشكر) وهو تنظم شبابي تابع للإدارة الذاتية تقوم بالتغرير بالأطفال لتجنيدهم أو خطفهم أو يلجأ إليهم بعض الأطفال نتيجة لخلاف عائلي.

(ملكة علي) “اختفى ابني (محمد 15 عاماً) وبعد عمليات بحث كبيرة علمنا بوجوده في أحد معسكرات التدريب التابعة للإدارة الذاتية وبصعوبة بالغة ووساطات ومناجاة سمحوا لي برؤيته مرة واحدة قال لي ابني خلالها أنه يتلقى التدريب العسكري ليقاتل تنظيم داعش ويدافع عن أهله وأرضه”

وتتابع “بعد 45 يوم أنهى الدورة وسمحوا له بإجازة لمدة ثلاثة أيام استطعنا خلالها تهريبه خارج البلاد بعد اقتناعه بذلك لما واجه من قسوة وشظف العيش خلال الدورة وهو طفل مكانه الطبيعي مقاعد الدراسة.”

وتتحدث بألم “كان فراقه صعباً لكنه أفضل من أن يعود إليّ جثة هامدة وهو مازال طفلاً لا يستطيع حمل السلاح”

وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش قد اتهمت في تقريرها السنوي، المتعلق بأوضاع حقوق الإنسان في الشرق الأوسط، حزب الاتحاد الديمقراطي بانتهاكات تتعلق باعتقالات تعسفية، وحملات لتجنيد الأطفال. رغم توقيع قوات سورية الديمقراطية (قسد) خطة عمل مع منظمة نداء جنيف غير الحكومية عام 2015 للالتزام بعدم تجنيد الأطفال وتسريح 149، طفلاً من صفوف القوات المسلحة لكن رغم ذلك استمر تجنيد الأطفال. فقد نشرت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقريرها آب 2018 أن الوحدات جندت الأطفال للقتال في صفوفها ومن ضمنهم أطفال المخيمات وبلغ عدد الحالات في تقارير الأمم المتحدة لعام 2017 وحدها 224 حالة.

وفي تموز 2019 تم توقيع اتفاقية في مقر الأمم المتحدة بجنيف بين فرجينيا غانيا الممثلة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالأطفال والنزاع المسلح وبين الجنرال مظلوم عبدي قائد قوات سورية الديمقراطية (قسد) التي تتضمن الالتزام بعدم تجنيد الأطفال دون سن 18 وتسريح الفتيان والفتيات المجندين، وفصلهم من القوات المسلحة، وإنهاء تجنيد الأطفال دون سن 18 عاما. لكن رغم ذلك لازالت عمليات التجنيد والخطف مستمرة حتى يومنا هذا. فقد تم اختطاف الطفلة رونيدا دارا ذات العشر سنوات من مدينة عامودا بتاريخ 29/6/2020 والطفلة لينا عبد الباري خلف 14 عاماً من قرية تل كرم الدرباسية بتاريخ 2/7/2020.

كما تم اختطاف الطفل جودي عدنان محمد 14 عاماً من قبل فان أبيض تابع لمنظمة جوانن شور شكر. ولا تزال النداءات والاستغاثات من قبل الأهالي لجميع الجهات والمنظمات لاستعادة أطفالهم وعدم إقحامهم في العمليات العسكرية مستمرة، ولا تزال القوانين غير قادرة على إنصاف الأطفال وإعادتهم إلى أماكنهم الطبيعية وهي مقاعدهم الدراسية.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني