fbpx

حزب الله اللبناني.. تناقض بنيوي مع الواقع وعراء طائفي صريح

0 174

نشرت
هذه الدراسة في مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا

 

مقدمة:

يعتبر
حزب الله اللبناني حزباً طائفياً واضح البنية والأهداف رغم محاولة قيادته السياسية
إضفاء صفة “المقاومة الوطنية “عليه. فحزب الله اللبناني لم يهبط على
اللبنانيين بمظلة من السماء، ولم يزرع عابر غريب بذوره في التربة اللبنانية، وإنما
هو وُلدَ ضمن بنية اجتماعية سياسية، تمَّ رسمها وفق قاعدة تقاسم النفوذ الطائفي في
البلاد، فلكل طائفة حصة سياسية من نواب ووزراء وموقع في هرم السلطة. إنّ ولادة حزب
الله في لبنان عام 1982 لم تأت من خارج سياق التطورات السياسية الداخلية
والإقليمية، فلبنان في هذه المرحلة كان لم يخرج بعدُ من دائرة الصراع الداخلي بين
مكوناته السياسية الذي تفجّر عام 1975. وكان النظام لا يزال يملك نفوذاً ووجوداً
في الساحة اللبنانية، ولا ينبغي نسيان سرقة الخميني وأنصاره للثورة الشعبية
الإيرانية التي أطاحت بنظام الشاه عام 1979، وتبني هذه المجموعة مفهوم “تصدير
التشيع” إلى جوارها الإقليمي وتحديداً العربي. مما تقدم يمكن إضاءة كلّ هذه
العوامل والظروف الموضوعية التي ساعدت على ولادة حزب الله، وعملت على تقوية نفوذه،
وساعدت على إظهار حقيقة دوره في الحياة السياسية اللبنانية والإقليمية.

حزب الله.. النشأة والظروف الموضوعية:

بدايةً
لا يستطيع أيّ حزب أن يشكل محوراً سياسياً دون بيانه لأهدافه، ودون أن تكون هذه
الأهداف تمثيلاً لحاجات واقعية حياتية، تعبّر عن قاعدة اجتماعية سواء كانت فئة
اجتماعية محددة، أو كانت مكوناً دينياً أو طائفياً أو قومياً.. الخ. فالأحزاب ليست
مجرد تجمعات بشرية عادية، بل هي تعبيرات سياسية عن مصالح فئات اجتماعية ضمن درجة
تطور اقتصادي سياسي اجتماعي محددة. وحزب الله لا يخرج في ولادته عن هذه القاعدة
فهو “تأسس في لبنان عام 1982، وقد وُلدَ هذا الحزب من رحم حركة أمل الشيعية
المدعومة من إيران، وأخذ صورة (المناضل المقاوم) الذي يحمل همّ الدفاع عن الأمة
وحماية مقدساتها”(1).

إنّ
معرفة الهوية الفكرية والسياسية لحزب الله تأتي من معرفة أدبياته التي تعرّف به،
وتُظهر بنيته الفكرية، ومرجعيته السياسية، فهذا الحزب لم يُخف بنيته عن الآخرين،
فهو يتفاخر باعتباره جزءاً من بنية نظام سياسي في مكان آخر هو النظام الإيراني في
طهران. وقد جاء في بيان حزب الله التأسيسي “إننا أبناء أمة حزب الله التي نصر
الله طليعتها في إيران، وأسست من جديد نواة دولة الإسلام المركزية في العالم،
تلتزم بأوامر قيادة واحدة حكيمة عادلة، تتمثل بالولي الفقيه الجامع للشرائط،
وتتجسد حاضراً بالإمام المسدّد (آية الله العظمى روح الله الموسوي الخميني دام
ظله، مفجّر ثورة المسلمين، وباعث نهضتهم المجيدة)”(4). إن قراءة البيان
التأسيسي، والبحث في كلّ الممارسات والمحطات التي مرّ بها حزب الله داخلياً
وإقليمياً، ستساعد بشكل ملموس على تشكيل رؤية واقعية عن بنية هذا الحزب، ونشأته،
والدور المنوط به، ويمكن القول إنّ حزب الله اللبناني هو حركة وُلدت على قاعدة
“تصدير التشيّع” الإيراني، الذي انتهجته قيادة الخميني منذ قفزها إلى
السلطة، وهيمنتها على القرار السياسي. ولكن ثمة أمور أخرى لعبت دوراً هاماً في
ولادة هذا الحزب، مثل وجود قاعدة فكرية وعقائدية سبقت تأسيس الحركات الشيعية
اللبنانية. وقد لعب الدور الأبرز في تشكيل هذه الحركات الشيخ الشيعي “محمد
حسين فضل الله” من خلال دوره في نشر الفكر الشيعي في لبنان وتحديداً في
جنوبه. إنّ “معظم أفراد حزب الله اللبناني هم من الشيعة المرتبطين مذهبياً بـ
(مرشد الثورة) الإيرانية علي خامنئي، حيث يعتبرونه واحداً من أكبر المراجع الدينية
العليا لهم، ويُعتبر حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله الوكيل الشرعي لعلي
خامنئي في لبنان”(3). على قاعدة هذا الاعتراف الصريح بهوية حزب الله ومرجعيته
يمكن القول إن هذا الحزب يبني استراتيجيته على استخدام الطائفة الشيعية كقاعدة عمل
وكحاضنة له وفق منظومة فكرية وسياسية غير وطنية، فهذا الحزب يروّج لربط لبنان عبر
هيمنته الشيعية فيه على القرار السياسي ببلدٍ يشكّل مركزاً في وقت يصبح فيه لبنان
تابعاً لهذا المركز. ولتحقيق هذه المهمة الاستراتيجية كان حزب الله يحتاج إلى دعم
مالي وعسكري من إيران بحجة مقاومة إسرائيل، ويحتاج إلى ربط الطائفة الشيعية بمصالح
اقتصادية، ومعونات، وخدمات مدفوعة القيمة إيرانياً، لذلك لجأ الحزب منذ البدايات
إلى تشكيل مؤسساته الاجتماعية المختلفة، ومن أهم هذه المؤسسات الخدمية (مؤسسة “جهاد
البناء” التي تشكلت عام 1988، وتهتم بالزراعة والبيطرة وغيرهما، والهيئة
الصحية الاسلامية، وجمعية القرض الحسن، ومؤسسة الشهيد)(4). هذه الخدمات مع توسيع
بنية الكيان العسكري للحزب ربط فعلياً مصالح الشيعة اللبنانيين بمركز قرار غير
وطني، مركز قرار خارجي له وظائف عابرة مهمتها الهيمنة السياسية والاقتصادية والإيديولوجية
على الجوار العربي برمته.

مما
تقدّم يمكن فهم طبيعة نشأة حزب الله والذي “يُعدُّ مؤسسة سياسية وعسكرية
واجتماعية، وله وجود قوي في البرلمان اللبناني، ووزراء في الحكومة، وعلى الرغم من
وجود كيانات شيعية أخرى في لبنان “فإن حزب الله برز على الساحة كقوة كبيرة
خلال العقدين الأخيرين بعد انسحاب القوات الإسرائيلية عن جنوب لبنان في مايو عام
2000”.

“المقاومة” حجة وقناع:

إنّ
مرحلة الثمانينيات من القرن المنصرم كانت مرحلة صراعات عسكرية واختناقات سياسية
بين الفصائل الفلسطينية الموجودة على الأرض اللبنانية، ومعها الحركة الوطنية
اللبنانية من جهة وإسرائيل من جهة أخرى، هذا الاحتقان دفع إسرائيل إلى عملية
اجتياح كبرى للبنان، استطاعت على إثرها القوات الإسرائيلية احتلال العاصمة بيروت،
ما أدى إلى اتفاقات لخروج المقاومة الفلسطينية من لبنان إلى تونس واليمن وغيرهما،
هذه الأرضية الصراعية هي التي لعبت دوراً سمح بتشكيل حزب الله اللبناني، أي أرضية “مقاومة
الاحتلال الاسرائيلي”. إضافة إلى مقاومة القوات الأمريكية والفرنسية اللتين
نزلتا على الأراضي اللبنانية، “حيث قام هذا الحزب بعمليتين انتحاريتين
استهدفتا قوات المارينز والقوات الفرنسية في بيروت في 23 أكتوبر/تشرين أول عام
1983. وأدّت هاتان العمليتان إلى قتل 299 جندياً أمريكياً وفرنسياً”(6).
العمليات العسكرية ضدّ إسرائيل والتي استمرت حتى عام 2000 منحت هذا الحزب صورة
“المقاومة الإسلامية”، ولكنها أغفلت من جهة أخرى احتكاره العمل العسكري
في الجنوب اللبناني ما يؤشر على رغبته وتصميمه أن يكون القوة الوحيدة التي تحمل
السلاح في الجنوب. لكنّ حزب الله الذي بقي بعيداً عن التجاذبات السياسية، ومهتماً
بمقاومة إسرائيل كما يقول “لم يغب عن الحياة السياسية اللبنانية، وتحديداً
منذ توقيع اتفاق الطائف عام 1990 والذي أيّده مع التحفظ على بعض بنوده، وقد فاز
الحزب بـ 12 مقعداً في أول انتخابات يخوضها عام 1992″(7).

إنّ
انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية كان سيجبر حزب الله على الكشف عن أوراقه
السياسية الداخلية والإقليمية، فالحزب كان فعلياً دولةً ضمن الدولة اللبنانية، حيث
“استغلّ الحزب الهالة الدينية ووهجها لإعادة ترتيب المجتمع بما يناسب مزاجه
التنظيمي، ويستخدم شعار “المقاومة” النضالي في تأمين توسعه”(8).
إنّ حزب الله أو المقاومة الإسلامية في لبنان هو تنظيم سياسي عسكري موجود على ساحة
لبنان السياسية والعسكرية على مدى أكثر من ثلاثين عاماً، وهدفه كما جاء على لسان
أمينه العام حسن نصرالله “إقامة الجمهورية الإسلامية في لبنان لتكون جزءاً من
الجمهورية الإسلامية الكبرى التي قامت إثر “الثورة الإيرانية الإسلامية”
والتي يحكمها صاحب الزمان ونائبه بالحق الولي الفقيه”(9).

إذاً
ليست “مقاومة” إسرائيل هي الهدف، ولا تحرير المقدسات، ولكن هذه المقاومة
والتحرير مجرد أقنعةٍ لأداة سياسية داخلية ترتهن للخارج، وبالتالي هدفها الرئيس
تحويل لبنان إلى حلقة من حلقات الإمبراطورية الإيرانية التي يحلم نظام طهران
الشيعي ببنائها على حساب الدول العربية وشعوبها.

العراء الأول:

وجد
حزب الله نفسه في ورطة عسكرية وسياسية حين قامت عناصر مقاتلة منه بعبور الحدود اللبنانية
الإسرائيلية، وتنفيذ عملية استهدفت أُسر عددٍ من الجنود الإسرائيليين، بغية
مبادلتهم بأسرى وسجناء لدى إسرائيل. وقد أدت العملية إلى مقتل ثمانية جنود إسرائيليين
وأسر جنديين آخرين. هذه العملية دفعت إسرائيل إلى شنّ حرب على كلّ لبنان، استمرت
33 يوماً. وكان من ضمن أهداف الحرب الإسرائيلية على لبنان “تدمير حزب الله
ونزع سلاحه بما يسهّل عملية انتقال لبنان إلى القبضة الأمريكية، وتحرير يد إسرائيل
بعد تخليصها من تهديد الصواريخ، وتحرير الجنود الإسرائيليين بعد رفض أي
عملية تبادل مع حزب الله”(10).

إنّ
المتتبع للسياسة في الشرق الأوسط وتحديداً “بعد مقتل رئيس وزراء لبنان الأسبق
رفيق الحريري في الرابع عشر من شباط عام 2005″(11) يدرك بالضرورة أن حزب الله
تنتظره أيام ليست مريحةً تتعلق باحتفاظه بسلاحه وقوته خارج نطاق الدولة اللبناني،
هذا الأمر وضع حزب الله تحت مجهر السياسة الداخلية والإقليمية والدولية. وللهروب
من هذا الأمر وجد حزب الله نفسه معنياً بخلط الأوراق، واستعادة الدور الذي بدأت
أضواؤه تخبو، فكانت عمليته التي أطلق عليها ما أسماه “الوعد الصادق”
التي جرّت لبنان إلى حرب مدمرة. لم تنجح إسرائيل في مسعاها بتدمير حزب الله،
ولكنها استطاعت أن تكشف عن مخاطر هذا الحزب على لبنان والمنطقة العربية من خلال
أمرين اثنين هما رفض حزب الله التحول إلى حزب سياسي كباقي القوى، وامتلاكه ترسانة
أسلحة خارج نطاق الدولة اللبنانية. بهذا المعنى يكون حزب الله دولةً ضمن دولة، وهو
ما يتعارض مع الاستقلالية، ويجعل من لبنان رهناً لسياسات دولة بعيدة وأجنبية هي
إيران. إنّ السلاح الضخم والمتجدد لدى حزب الله والذي تقوم إيران بمدّه به له
أهداف أبعد من حماية لبنان أو الحفاظ على استقلاله، وأنّ “القدرة التسليحية
لحزب الله اللبناني وصلت إلى حد امتلاكه لقذائف صاروخية قادرة على إصابة أهدافها
بدقةٍ متناهية بالإضافة إلى قدرات جيش منظم”(12).

العراء الثاني:

يبدو
أن تطور الأحداث السياسية في العالم العربي التي تولدت مع موجة “الربيع العربي”
كان حاسماً في الكشف عن الدور الإيراني ودور أذرعها في المنطقة العربية، ويأتي في
مقدمة هذه الأذرع حزب الله اللبناني، فهذا الحزب لم يكن يوماً حزباً وطنياً، بل
كان حزباً إيرانياً بجسد لبناني، والدليل القاطع على ذلك هو امتثال حزب الله في
أدبياته وعملياته وفي كلّ ما يصدر عنه للقرار السياسي الإيراني. فإيران استخدمت
نموذج حزب الله للهيمنة على العراق وسورية، وذلك من خلال “تبني إيران شبكات
اجتماعية ودينية تتمحور حول المذهب الشيعي، وتدعم الثيوقراطية الإيرانية من خلال
الدعم التقني والاستخدام المتطور للدعاية السياسية، وتعمل إيران على تضخيم صوت
وكلائها، وجماعياً يتيح هؤلاء الوكلاء المجال لطهران للتحايل على السلطات المحلية
والوطنية، وتشكيل الحكومات في نهاية المطاف، وتسوية النزاعات، وبالتالي التحكم بالسياسات”(13).
هذا الدور الذي يلعبه حزب الله لا يقف عند هذه الحدود، بل يتعداه إلى تحويل لبنان
إلى قاعدة متقدمة للتجسس على المحيط الإقليمي برمته، فحزب الله الذي يمتلك قدرات
صاروخية وعسكرية كبيرة يمتلك سلاحاً جديداً هو سلاح “الحرب الالكترونية”
الذي مضى على استخدامه له وتطويره والعمل عليه قرابة عشر سنوات، ويسمى البرنامج
“ماجيك كيتن” وهو برنامج متخصص بالقرصنة الالكترونية تحت قيادة إيرانية،
وبالتالي هو برنامج تجسس يشمل الشرق الأوسط وأوربا، ويمكن القول “إنّ لدى حزب
الله اللبناني كل الإمكانيات المطلوبة التي ستساعده على القيام بعمليات هجوم
الكترونية مختلفة ضدّ أهداف إسرائيلية وأمريكية وخليجية”(14).

إنّ
عراء دور حزب الله كذراعٍ إيرانية برز بشكل واضح في الصراع الداخلي بين النظام
السوري وشعبه، فالصراع فعلياً شكّل خطراً مباشراً وكبيراً على الاستراتيجية الإيرانية
في المنطقة العربية، “وشكّلت الحرب في سورية تهديداً كبيراً للتحالف الاستراتيجي
لإيران وسورية وحزب الله، فالحكومة السورية حيث تشكّل قناةً حيويةً بين إيران وحزب
الله تتعرض لخطر السقوط، ولا يمكن أن تخسر إيران موطئ قدمها الأهم في بلاد الشام،
ولا يمكن أن يخاطر حزب الله بفقدان قدرته على الوصول إلى الدعم الإيراني السوري
الحاسم”(15).

إن
تدخلات حزب الله كذراعٍ إيرانية في
الصراعات السياسية الداخلية للبلدان العربية كاليمن والبحرين والعراق والمغرب
ساعدت على سقوط مصداقيته كـ “حركة مقاومة “، وبالتالي تحوّل هذا الحزب
من موقع “المقاوم” إلى موقع “المشارك” في انتهاكات النظام
السوري بحق الشعب السوري.

أفول متوقع:

إذا
أردنا رسم خط بياني لتطور وضع حزب الله اللبناني من لحظة تشكّله عام 1982 إلى هذه
المرحلة سيكون لدينا في المرحلة الأولى مرحلة الصعود وصولاً إلى القمة التي انتهت
عام 2005 عام تصفية رئيس وزراء لبنان رفيق الحريري، أما المرحلة الثانية فهي تبدأ
بعد تصفية الحريري، وهي مرحلة هبوط وتراجع سياسي وشعبي لحزب الله اللبناني، ففي
عملية الصعود توسل حزب الله من عملياته في محاربة إسرائيل التي كانت تحتل بعض
الأراضي اللبنانية الوصول إلى أوسع قاعدة شعبية ليس في لبنان فحسب بل في المنطقة
العربية، حيث كانت ضرباته العسكرية وتراجع إسرائيل أمامها يجعلان منه القوة
العسكرية العربية الوحيدة التي استطاعت أن تحقق انتصاراً ولو جزئياً على إسرائيل،
ولكن هذا الانتصار فقد بريقه بعد عام 2000، إذ تراجع الدور “التحريري”
ليتقدم الدور “التدخّلي” لحزب الله في السياسة اللبنانية الداخلية،
الدور التدخلي كان يتطلب من الحزب نزع سلاحه لمصلحة الدولة اللبنانية وجيشها
الرسمي، والتحول إلى حزب سياسي كباقي الأحزاب. لكن هذا الطرح لا يتناسب مع المهمة
الحقيقية التي وُجدَ حزب الله لأجلها، فهو وكما جاء في أدبياته يسعى إلى إقامة
الجمهورية الإسلامية في لبنان، والتي تكون جزءاً من الدولة الإسلامية الكبرى التي
تسعى إيران لإنشائها على مستوى المنطقة تحقيقاً لحلم إمبراطوريتها.

إذاً
وفق هذا المنظور يكون حزب الله مجرد أداة سياسية وعسكرية تأتمر بأمر (مرشد الثورة
الإيرانية)، ويعمل من أجل وصول هيمنة المرشد إلى الساحة اللبنانية، أو إلى ساحات
أخرى. هذا التعارض البنيوي بين حزب يُفترض أن يكون لبنانياً، في وقت يمارس فيه
سياسة واستراتيجية تشكّل تهديداً لاستقلال لبنان وسيادته الوطنية، فالعلاقة بين
الطائفة والوطنية هي علاقة احتواء الثاني للأول، وليس العكس، فليس من الطبيعي أن يحتوي
الجزء الكل، ويطلب منه أن يماثله في البنية والهدف، سيما وأن الهدف ليس هدفاً يمثل
جميع مكونات البنية. إذاً العلاقة بين الطائفة وفق مفهوم حزب الله اللبناني مع
الدولة اللبنانية هي علاقة تناقض حقيقية، لا بل هي علاقة نفيٍ للكل لمصلحة الجزء،
وباعتبار أن جوهر هذه العلاقة لا يمكن أن يتسق مع درجة التطور المستمرة للمكونات
التي تشكّل المجتمع اللبناني والدولة اللبنانية فهي ستقع في تناقض وصراع معها لحظة
توفر شروط هذا الصراع.

إنّ
وجود النظام السوري ذا التبعية السياسية والإيديولوجية لإيران هو من ساهم في تأخير
ظهور الصراع العلني بين باقي المكونات اللبنانية والمكون الذي يقوده حزب الله
اللبناني. ولكن ليس بالضرورة أن يحدث هذا الصراع وفق هذا السياق. بل قد يحدث وفق
سياقٍ آخر يدخل في صراع مكشوف وواضح مع تهديدات حزب الله وإيران في المنطقة، وقد
تكون إسرائيل المعني الأول بهذا الصراع.

في
كلّ الأحوال تبقى مسألة التناقض البنيوي لحزبٍ ما قبلَ وطني يعتمد على الفكر
الطائفي، أي فكر ما قبل الدولة الوطنية مع المكونات السياسية الوطنية هي مسالة
تناقض أساسي، قد تتحول في لحظة ما إلى تناقض رئيسي، أي صراع علني ومباشر لحلّ هذا
التناقض، وهذا ما يجعل من حزب الله في حالة أفول مستمرة وصولاً إلى نهاية دوره
كأداة سياسية مرتهنة لأجندة دولة أجنبية، تستخدم الإيديولوجية الطائفية لتحقيق
هيمنتها السياسية على المنطقة، وإقامة إمبراطوريتها المتخيلة.

 

ثبت
المراجع:

1-             
Ar.islamway.net/article
– ماذا تعرف عن حزب الله – 27/5/2013

2-             
المصدر السابق

3-             
المعرفة www.marefa.org –ظروف ونشأة حزب الله

4-             
المصدر السابق

5-             
BBC
نبذة عن حزب الله اللبناني 2/3/2016 تقرير

6-             
www.almodon.com – مفاجآت حزب الله لأمريكا في بيروت 1983
-22/10/2017

7-             
المعرفة www.marefa.org – ظروف نشأة حزب الله

8-             
المجلة arb.Majalla.com-
حزب الله اللبناني – الاقتصاد الأسود 31/1/2012

9-             
www.marefa.org- حزب الله

10-         
www.aljazeera.net
– حرب 2006 على لبنان 15/8/2206

11-         
ويكبيديا –
الموسوعة الحرة – اغتيال رفيق الحريري

12-         
رام الله
الاخباري Ramallah.news
30 اكتوبر 2017 تقرير يكشف قدرات حزب الله

13-         
مركز بروكنجز-
الدوحة www.brookings.edu/ar
– رانج علاء الدين مقال باللغة الانكليزية 30 مارس 2018 كيف استخدمت ايران نموذج
حزب الله لا

14-         
عربي- سبوتنيك Arabic.sputniknews.com-
7/2/2018 سلاح حزب الله الجديد يربك امريكا واسرائيل والخليج

15-         
www.orient-news.net/ar
news-show- منصور العمري حزب الله في سورية 2/11/2014 

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني