fbpx

انتخابات نظام الأسد.. الروس هم الخاسر الأول فيها

0 586

يدرك الروس أن الوضع السائد ميدانياً في سوريا بات عند حدود الهاوية، فهم لن يستطيعوا تغيير قواعد اللعبة في الشمال السوري، إذ سيؤدي تدخلهم ومناصرتهم للنظام بالحرب في هذه المناطق إلى الإضرار بالأمن القومي التركي، وهذا أمر لا تتساهل به أنقرة.
نفس الحالة مع تغيير اللاعبين في منطقة “شرق الفرات”، فالأمريكيون موجودون مع حليفهم الأرضي قوات سوريا الديمقراطية، وشرق الفرات هو سلة سوريا المائية والزراعية والنفطية وغيرها من الثروات، وبالتالي فهذه السلّة لن تخدم أجندتهم في تثبيت نظام الأسد.
الوضع في الجنوب ليس بعيداً عن عدم الاستقرار، فالسويداء، لا تزال تعتبر نفسها خارج منظومة حرب الأسد، وهي فعلت كثيراً، وخسرت كثيراً، مقابل عدم زجها في مواجهة إخوتها، في باقي الجغرافية السورية، الثائرة على النظام الأسدي.
هذا الأمر له سيناريو مختلف نسبياً في محافظة درعا والقنيطرة، ولكن بالإجمال النظام لا يسيطر على الجنوب السوري.
أمام هذه الحالة، الروس كانوا مضطرين لتمرير مسرحية انتخابات رأس النظام، وهم يدركون، أن السبب وراء ذلك، يكمن في عدم وجود مربع تفاهم دولي على الحل السياسي في سوريا، فتمرير هذه الانتخابات الهزلية، يراد منها عدم السماح للقوى الدولية بالقول أن هناك فراغاً دستورياً.
الروس يأخذون الورقة السورية رهينة بيدهم، للتفاوض عبرها مع الغرب، حول مسائل يدركها القاصي والداني، هذه المسائل، تتعلق بالوضع في أوكرانيا، ومسألة الطاقة، والدرع الصاروخية، وغيرها من الملفات الصراعية.
الروس يدركون أيضاً، أن هذه الانتخابات، لن تغيّر في الموقف الإقليمي والدولي من النظام، فالولايات المتحدة، وأوربا الغربية، وتركيا، وبعض الدول العربية، تريد أن يتمّ تنفيذ القرار 2254، لأنهم يعرفون أن إنهاء الصراع في سوريا، لن يحدث مع بقاء نظام الأسد، أو أي نظام استبدادي يمثله، ولذلك فهم يمنعون عن النظام كل قدرة، يحاول من خلالها تجديد نفسه.
والروس يدركون أيضاً، أن ما يحتاجونه، هو إطالة بقاء الأسد في السلطة، فلا سلطة أخرى تقبل باتفاقات جائرة بحق استقلال البلاد، عمل الأسد على تقديمها لمصلحة الروس، مقابل حمايته وبقائه في كرسي الرئاسة.
والروس، يدركون أن كل ما حصلوا عليه في سوريا باطلٌ بالمعنى القانوني الدولي، فهي اتفاقات تم التوقيع عليها والبلاد في حالة صراع سياسي عسكري مدمّر، ولهذا، هم يأخذون بورقة إبقاء نظام الأسد في واجهة الحكم، ريثما يتسنى لهم التفاوض على بعض شيءٍ من هذه المكاسب الجائرة.
والروس أيضاً، يدركون أن اقتصاد سوريا لا يزال عند الهاوية، فالنظام غير قادر على تجديد دورة الاقتصاد في البلاد، في ظل هذا الدمار والانقسام، وفي ظل وجود نظام عقوبات دولية في مقدمتها قانون قيصر، ولا يبدو أنهم قادرون على الالتفاف على هذه العقوبات، بدون تقديم ثمن سياسي، يبدأ مع تنفيذ القرار 2254.
هذه الحالة، تُظهر شكلياً، أن الروس لا يزالون يتحكمون بقواعد اللعبة السورية، ولكن الحقيقة هي غير ذلك، فالروس في مأزق سياسي واقتصادي حقيقي، نتيجة عدم قدرتهم على تنفيذ أجندتهم، بإعادة انتاج النظام، ولو بالحد الأدنى، ونتيجة لاستمرار العقوبات عليهم غربياً، ولهذا فهم يتمّ استنزافهم في سوريا، لأنهم مضطرون لتقديم الدعم لبقاء النظام، ريثما يتم التوصل إلى مربع تفاهمات دولي.
إن العملية السياسية بين السوريين، وفق القرار 2254، لم تعد قيد مربعات التسويف والمماطلة، من قبل النظام وحليفه الروسي، فالوسيط الدولي جير بيدرسون، تحدث بصراحة، عن ضرورة وضع مخطط تفاوض يتعلق بقواعد منهجية المفاوضات وزمنها، وهذه قضية لا يمكن للروس اللعب عليها بعد الآن، سيما وأن مرور الوقت، ليس بمصلحة وضع النظام في ظل ظروفه الحالية.
الروس، يريدون أن يتقدم الغرب، ببعض تنازلات تخصّهم، ليس في سوريا، بل في علاقاته معهم، وهذا يتطلب من الروس، إعادة إنتاج سياساتهم الدولية، وفق قواعد قوتهم الاقتصادية، وليس وفق مخزونهم من الأسلحة النووية. هذا الأمر يريدون تغيير مربع التفاوض حوله، ولكن إلى أي مدى سيستطيعون إبقاء الجمر في أكفهم؟.
هذه المعادلة تقلق الكرملين، وهم يعملون على تغييرها دون تقدم يُذكر، وبالتالي فالزمن اللازم للصبر السياسي الاستراتيجي محدود للغاية لديهم، وهو ما سيدفعهم بعد انقضاء مسرحية الانتخابات الزائفة، إلى قرع أبواب الغرب، ومغازلة الأمريكيين، من أجل تحريك عجلة التفاوض، بصورة يأمنون لبعض نتائجها.
إذا لم يفعل الروس ذلك، فستتراكم خسائرهم الاقتصادية والسياسية، وبالتالي، سيزداد استنزافهم، وهم أمرٌ يخافون من انتقال فعله، إلى المربع الداخلي السياسي الروسي واستحقاقاته الكثيرة، التي تعني أنهم خاسرون، فهل سنتوقع اقتراب عجلة التفاوض في اللجنة الدستورية، أم أن الروس باتوا أقرب إلى انتحار تدريجي على المذبح السوري؟.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني