fbpx

النازحون السوريون بين البرد والجوع نينار برس

0 331

حذرت الأمم المتحدة من أن عدد النازحين بلغ جراء الحملة العسكرية، التي يشنها النظام السوري والاحتلال الروسي على مناطق شمال غربي سوريا، منذ كانون الأول 2019، الى900 ألف شخص، 60 % منهم أطفال، وأن موجات النزوح بلغت مستوى مرعباً، إذ أن النازحين مجبرون على النوم في العراء وسط موجات البرد والصقيع، نظراً لأن المخيمات باتت تضيق بهم. بينما يموت رضّعٌ وأطفالٌ من شدة البرد. ، ويقطن ما يقارب 308 آلاف و166 نازحاً في مخيمات منتظمة وعشوائية، بينما يقيم 119 ألفاً و206 نازحاً في العراء وتحت الأشجار.
التقينا السيد يوسف العبدالله أحد القائمين على توزيع مادة الخبز في عفرين، الذي قال: إن أكبر معاناة هي المخيمات العشوائية، التي تبدأ من 50 – 75 خيمة، هذه المخيمات وهي في الغالب مجموعة من الأقارب، سكنوا في مخيم واحد، وقد لا يتجاوز المخيم 30 خيمة في بعض الاحيان، وفي كل خيمة أكثر من عائلة.
تحوي الخيمة 3 عائلات، لا يوجد منظمات تتكفل بها، تعتمد على معونات ودعم من أشخاص ميسورين، أو من خلال وساطة من أشخاص يتواصلون مع منظمات، قد تدعم لفترة بسيطة ومحدودة.
أما المخيمات الكبيرة الخاضعة لعملية تنظيم، يتم دعمها من المنظمات، كونها لها آلية عمل وتنظيم في إدارتها، كما قال السيد يوسف العبدالله : نحاول تأمين مادة الخبز بشكل مجاني للعائلات النازحة عن طريق منظمات أو اشخاص داعمين. ولكن عملية التوزيع غير منتظمة العمل، تتوقف أحيانا نتيجة توقف عمل المنظمة، أو بسبب توقف الدعم.
يكمل السيد يوسف حديثه: إن المعاناة ليست بتأمين مادة الخبز، ولكن بتأمين ثمن ربطة الخبز لأن ثمنها مرتفع بالنسبة للنازحين، فربطة الخبز التي وزنها 650 غرام أو 700 غرام، وهذا وزن غير نظامي، ثمنها 250 الى 300 ليرة سورية.
أحيانا هناك موزعون يشترون الربطة ب250 ليرة ويبيعونها للمواطن ب300 ليرة، والربطة التي وزنها 400 غرام ثمنها 250 ليرة سورية. فالمشكلة الحقيقية تكون بثمن ربطة الخبز، وأقل عائلة تحتاج بالقليل إلى ربطتين يومياً، والعائلة الكبيرة تحتاج من 5 الى 10 ربطات حسب عدد أفراد العائلة، كما نعاني من عدم توفر فرص العمل، وإذا وجدت فهي محصورةٌ بأصحاب رؤوس الاموال وأصحاب الحرف.
إيمان الخليف، نازحة من دير الزور، قدمت إلى عفرين منذ حوالي سنة ونصف السنة، تقيم مع 3 عائلات في منزل واحد ، تسكن حالياً في منطقة الأشرفية. تقول إيمان :لا توجد كهرباء إلا عند أصحاب المحلات، حيث أن كل محلين او ثلاثة محال مشتركون بمولدة، ولها وقت محدد أما الناس العاديون فليس لديهم كهرباء.لأن المحروقات غالية الثمن كالمازوت والبنزين والكاز، حيث يصل ثمن الليتر الواحد من هذه المواد إلى 700 أو1000 ليرة سورية. والغاز أيضاً غالي الثمن وغير متوفر دائماً، فجرة الغاز ب10000ليرة سورية والكهرباء تأتي من الساعة 6 مساءً حتى الساعة 9 . وعندما ينخفض ثمن المازوت يزيدون الوقت نصف ساعة يعني للساعة التاسعة والنصف.
وبالنسبة للماء فهم يضخونه مرة واحدة في الاسبوع. وبالنسبة للخبز، إذا أردنا شراء الخبز من الأفران الخاصة، فإن سعر الربطة يتراوح من 400 الى 600 ليرة/ والموزعون يرفعون ثمنها حسب المواد، وحسب سعر الدولار. وتضيف إيمان قائلة :
بالنسبة للمنظمات فإنها تقدم أكتر دعمها للمخيمات، بحجة أن الذين يسكنون في البيوت وضعهم أفضل، مع أن الوضع هو ذاته. فكلنا نازحون، ولا نملك شيئاً، والفرق أننا عندما نزحنا إلى منطقة عفرين، وجدنا منازل خالية، تركها أهلها بسبب الحرب، وغيرنا لم يجد منازل خالية. وإن وجد فهي بالآجار، ويطلب أصحابها مبالغ كبيرة، قد تتجاوز في بعض الأحيان أجرة الغرفتين 100دولار. واليوم أصبح الوضع اسوأ مع تدفق مزيد من النازحين من أرياف إدلب وحلب.
ولولا المنظمة التي توزع في منطقتنا، لكان الله أعلم بحال بعض الأسر، التي لا تجد ثمن الخبز تضيف إيمان : ما الفرق بين النازحين سواء في البيوت أو المخيمات؟ ألسنا كلنا نازحون من الغوطة ودرعا ودير الزور وإدلب وحلب وحمص؟ وتهجرنا قسراً، ولم نُحضر معنا شيئاً إلا ثيابنا.
أماني النصر، نازحة تقطن في منطقة الأشرفية ، ولدى أماني شقيق من ذوي الاحتياجات الخاصة ،ويحتاج الى عناية خاصة. تصف أماني وضعهم بالسيّء من كل النواحي، فهم يعيشون مع عائلة أخرى في نفس البيت، ولا يستطيعون تأمين مواد للتدفئة، لإنها غالية الثمن، سواءً المحروقات أو الحطب. وعندما سألناها عن وضع الخبز، حدثتنا قائلة :سكننا قريب من منطقة توزيع الخبز، ولكن هناك عائلات تأتي من مناطق بعيدة، ويأتون سيراً على الأقدام مسافةً قد تستغرق حوالي ساعة أو أكثر. وهناك عائلات تأتي من مخيم( ترندا ) ومنطقة (الفيلات والمخيمات) القريبة منا، وهم مجبرون على القدوم في ساعة مبكرة من الصباح، حتى يستطيعون الحصول على مادة الخبز، ولكن في بعض الاحيان تنتهي الكمية بسرعة، وقد لا تكفي كل العائلات.
في بعض الأحيان يتوفر الخبز، وأحيانا أخرى تنتهي البطاقات (الكروت )، أو بالعكس، فقد يكون هناك بطاقات، ولا يوجد خبز، وأيضاً حسب الدعم المقدم من المتبرع، والذي يكون محدوداً وضعيفاً كما تقول أماني، والتي أضافت: منذ أيام، كان الجو بارداً جداً، وكانت أمطار غزيرة تهطل نتيجة المنخفض الجوي، رغم هذا الجو، تجد النساء تجلسن في الساحة، متناسيات البرد القارس وحتى المطر ، في سبيل الحصول على حصتهن من مادة الخبز , وأكثر شيء يُحزن هو منظر النساء الكبيرات بالعمر، عندما يجلسن على الارض ، وكذلك منظر امرأة أو أكثر يرافقها أطفال صغار في هذا الجو السيء.
النازحون يقدّرون الجهود، وما يقدم لهم، ومحاولة المنظمات والمؤسسات الخيرية مساعدتهم، لكنهم يحتاجون للمزيد من المساعدة في عدة مجالات أساسية منها تأمين الخبز بشكل دائم، لأن الكثير من العوائل غير قادرة على شرائه، وكذلك المساعدات المتعلقة بالأمور الصحية والمياه. صعوبة الحياة، وضعف سبل العيش في ظل غياب فرص العمل، وغياب المعيل، يزيد من حجم المعاناة، والمناشدات باتت أكبر من المساعدات المقدمة من المنظمات، فكيف سيصمد النازحون أمام الجوع والبرد والتهديدات المستمرة بوقف دعم المنظمات؟.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني