الصيدليات العشوائية .. غياب المؤهلات ومتاجرة بصحة الأهالي في إدلب
تنتشر في إدلب ﺍﻟﺼﻴﺪﻟﻴﺎﺕ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺮﺧﺼﺔ ﻭﺳﻂ ﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﻌﺎﻃﻠﻴﻦ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺿﻌﻒ ﺍﻟﺮﺍﺩﻉ ﺍﻷﻣﻨﻲ ﺍﻟﻤﺘﻤﺜﻞ ﺑﻌﺪﻡ ﻭﺟﻮﺩ ﺳﻠﻄﺔ ﻭﻗﻮﺓ ﻓﺎﻋﻠﺔ ﺗﻬﺘﻢ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ، وقد بدأت ﺍﻟﺼﻴﺪﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺸﻮﺍﺋﻴﺔ تنتشر ﻋﻘﺐ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ، ﻓﻲ ﻇﻞ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﺮﻗﺎﺑﺔ ﺍﻟﺪﻭﺍﺋﻴﺔ، ﻭﻓﻘﺪﺍﻥ بعض أصناف ﺍﻷﺩﻭﻳﺔ وتعدد مصادرها، ﻭﺍﺭﺗﻔﺎﻉ ﺃﺳﻌﺎﺭها.
يلجأ الكثير من الأهالي في إدلب ﺇﻟﻰ ممتهني الصيدلة ﺃﻭ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﻴﻦ ﺑﻬﺪﻑ ﺍﻟﺘﻮﻓﻴﺮ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ وارتفاع أجرة كشف الأطباء، ﻭيقوم بائعو الدواء بتشخيص الأمراض وصرف ﺃﺩﻭﻳﺔ ﻳﺠﺐ ﺃلا ﺗﺒﺎﻉ ﺇﻻ بموجب وﺻﻔﺎﺕ ﻃﺒﻴﺔ، بغض النظر عن مضاعفات بعض الأدوية وتأثيراتيها وأثرها العكسي الذي ﻻ يلائم ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ.
كاد الشاب ابراهيم البوشي من مدينة بنش أن يفقد ابنته البالغة من العمر سنتين نتيجة خطأ أحد الصيادلة، وعن ذلك يتحدث لـ نينار بقوله: “لجأت إلى إحدى الصيدليات لشراء دواء لابنتي التي تعاني من السعال، وبعد أخذ الجرعة الأولى من الدواء، ازدادت حالتها الصحية سوءاً، وبدأت تظهر بقع حمراء في أنحاء جسدها، وبعد مراجعة الطبيب أكد بأن الدواء المستعمل لا يمنح بدون وصفة طبية وغير مناسب لحالة ابنتي الصحية.”
تكمن ﺍﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﻓﻲ ﻭﺟﻮﺩ ﺻﻴﺪﻟﻴﺎﺕ ﻏﻴﺮ ﻣﺮﺧﺼﺔ تقوم ببيع الأدوية المخدرة ﻭﺍﻟﻤﻬﺪﺋﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺷﺎﻉ ﺍﻹﺩﻣﺎﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒﻴﺮ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﺍﻟﻤﺎﺿﻴﺔ، ﺇﺫ ﺑﺎﺗﺖ هذه ﺍﻟﺼﻴﺪﻟﻴﺎﺕ ﺗﺒﻴﻊ ﺣﺒﻮﺏ ﺍﻟﻜﺒﺘﺎﻏﻮﻥ ﻭﺍﻟﺘﺮﺍﻣﺎﺩﻭﻝ ﺍﻟﻤﺨﺪﺭﺓ، ﺩﻭﻥ ﻭﺻﻔﺎﺕ ﻃﺒﻴﺔ.
الطبيب أحمد العلوش من مدينة إدلب ﻳﻨﺘﻘﺪ ﺑﺸﺪﺓ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﻓﺘﺢ ﺻﻴﺪﻟﻴﺎﺕ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺃﺷﺨﺎﺹ ﻏﻴﺮ ﻣﺨﺘﺼﻴﻦ، ﻣﺸﻴﺮﺍً ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ تؤثر ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻀﺤﻴﺔ. وعن ذلك يقول: “ﺃﻛﺜﺮ ﻣﺎﻳﺰعجني هو ﺍلجهل ﻟﺪﻯ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺼﻴﺎﺩﻟﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺼﻞ ﺑﻬﻢ ﺣﺪ ﺗﺠﺎﻭﺯ ﺍﻷﻃﺒﺎﺀ ﻭﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻫﻢ ﻣﺨﻄﺌﻴﻦ، ﻓﻴﺒﺪﻟﻮﻥ ﺍﻟﺪﻭﺍﺀ ﺃﻭ ﻳﻤﺘﻨﻌﻮﻥ ﻋﻦ ﺇﻋﻄﺎﺋﻪ ﻣﻌﺘﻘﺪﻳﻦ ﺃﻧﻬﻢ ﻳﻔﻬﻤﻮﻥ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ .”
ﻭﻳﻀﻴﻒ ﺣﻮﻝ ﺫﻟﻚ ﻣﻮﺿﺤﺎً: “ﻛﻨﺖ ﻗﺪ ﻭﺻﻔﺖ أﺩﻭﻳﺔ لأحد ﺍﻟﻤﺮﺿﻰ، ﻓﻔﻮﺟﺌﺖ ﻋﻨﺪ ﻣﺮﺍجعته ﻟﻲ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺪﻭﺍﺀ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻛﻠﻴﺎً ﻋﻤﺎ ﻭﺻﻔﺘﻪ له، ﻭﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺍﻟﺤﺘﻤﻴﺔ ﺃﻥ صحته ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ﺍﺯﺩﺍﺩﺕ ﺳﻮﺀﺍً .”
مبيناً أنه ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻴﺪﻟﻲ ﻋﺪﻡ ﻭﺻﻒ ﺩﻭﺍﺀ ﺑﺪﻳﻞ ﺃﻭ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﺍﻟﻮﺻﻔﺔ ﺇﻻ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺮﺟﻮﻉ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ ﺍﻟﻤﻌﺎﻟﺞ، ﻭﻓﻲ ﺣﺎﻟ ﻋﺪﻡ ﻭﺟﻮﺩ ﻧﻮﻉ ﻣﻌﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﺍﺀ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻴﺪﻟﻲ ﺍﻟﺘﺄﻛﺪ ﺗﻤﺎﻣﺎً ﻣﻦ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﺍﻟﺒﺪﻳﻞ . ويتابع الطبيب: “نقوم كأطباء بوصف الدواء مع مراعاة ﻋﻤﺮ ﺍﻟﻤﺮﻳﺾ، ووزنه، وﺍﻟﻤﺮﺽ ﺍﻟﻤﺘﺮﺍﻓﻖ، وﻧﺘﺎﺋﺞ ﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻴﻞ ﺍﻟﻤﺨﺒﺮﻳﺔ، ﻭﺍﻟﺤﺴﺎﺳﻴﺔ، لذلك ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ يؤﺩﻱ تبديل الدواء ﺇﻟﻰ ﺃﺧﻄﺎﺀ ﻭﺗﺄﺛﻴﺮﺍﺕ ﺩﻭﺍﺋﻴﺔ ﻋﻜﺴﻴﺔ .”
إﺟﺮﺍﺀﺍﺕ عديدة تم اتخاذها ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ، ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﺪﻭﺍﺋﻲ ﻏﻴﺮ ﻣﻀﺒﻮﻁ ﺑﺎﻟﺸﻜﻞ ﺍﻷﻣﺜﻞ بما يضمن ﺍﻟﺤﻤﺎﻳﺔ للأهالي .
الطبيب محمد عساف معاون وزير الصحة يتحدث لـ نينار برس بقوله: “نقوم بمراقبة دوام الصيادلة والتزامهم بالدوام كامل الأوقات، وإغلاق الصيدليات العشوائية، وتسهيل ترخيص صيدليات للصيادلة بدون تقاضي رسوم سنوية، إضافة إلى مراقبة توزيع الأدوية من المستودعات للصيدليات المرخصة، وعدم تزويد غير المرخصة بها.”
يتابع العساف: “نقوم بجولات عديدة لضبط بيع الأدوية النفسية والمخدرة وتزويد الصيدليات بدفاتر أدوية نفسية ﻣﻮصين ﺇﻳﺎﻫﻢ ﺑﻀﺮﻭﺭﺓ ﺍﻻﺣﺘﻔﺎﻅ ﺑﺎﻟﻮﺻﻔﺎﺕ ﺍﻟﻄﺒﻴﺔ ﻋﻨﺪ ﺻﺮﻓﻬﺎ، ﻭﺗﺪﻭﻳﻦ ﺍﺳﻢ ﺍﻟﻤﺮﻳﺾ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺼﺮﻑ، كما نقوم بضبط أسعار الدواء.”
يبين العساف أن شكاوى عديدة ترد لقسم الرقابة الدوائية بخصوص صيدليات عشوائية تفتح بشكل مفاجئ، كما ترد شكاوى لأخطاء طبية من قبل ممتهني الصيدلة، وجميعها يتم التحقيق بها، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، مؤكداً أن معظم المخالفين هم ممرضين أو متدربين يحملون شهادات الثانوية العامة، وبعضهم من حملة شهادات التعليم الأساسي.
ساهمت ﺍﻟﺤﺮﺏ السورية ﻓﻲ ﺧﻠﻖ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺸﻮﺍﺋﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻭﺟﺪﺕ ﻛﺜﻴﺮﻳﻦ ﻣﻤﻦ ﻋﻤﻠﻮﺍ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﺼﻴﺪﻟﺔ ﺭﻏﻢ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﻤﺆﻫﻼﺕ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﻼﺯﻡ ﻟﻠﻤﻬﻨﺔ، ما يزيد معاناة الأهالي، ويجعلهم ضحية ضعاف النفوس الذين ينحصر همهم في تحقيق المكاسب المادية.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”