fbpx

الرمز حمّال الحطب في تجربة الشاعرة ابتسام الصمادي

0 991

خاض الصراع النقدي حول طبيعة الأدب النسوي أو توصيفه، أو تعريفه، فمن النسوي إلى الأنثوي، وإن قضايا الجنوسة والنسوية والأنوثة ذات إشكالية في الدرس النقدي، وبعيداً عن الخوض في المصطلحات تريد هذه المقاربة إلقاء الضوء على إشكالية نسقية غارقة في القِدم، استطاعت أقلام مبدعات تخطّيها بدعوة تكاملية، وغرقت أخريات في حلبة الفعل وردّ الفعل ما يعزّز التنافر ويحوّل القضية للتحزّبات البيولوجية في مجتمع أبوي ينخره نسق الأب الفحولي، وبعض الكاتبات وقعنَ بين مطرقة النسق وسندان التحصّن النسقي، ومن تتفيه القيمة الفنية والجمالية، إلى الانكفاء أو التوشية بعباءة الذكر، أو التناغم والتماهي بين الطرفين عبر لعبة ثقافية لاهي تحررت من النسق كليّاً، ولا هي أسّست للفن التكاملي بعيداً عن الانزياح الملوّن حسب السوق الثقافي الذي تطحنه رداءة التبتّل تحت مظلة الارتداد النسقي للمجتمع فيما يتعلّق بالمرأة بوصفها عورة ثقافية. فهل يتحتّم على الأنثى أن تضطر لهذا التناغم بالصوت والصورة بما يحقق الشرط الفحولي للذكور كي تقدّم مادتها؟. على الرغم من اختلافات التسمية والاصطلاح والهوية اللغوية للنص النسوي فإن هذا لا يتنافى مع الدعوة لأدب غير متحزّب بيولوجياً ويؤمن بوحدة الثقافة البشرية، وهذه الإشكالية التي أردت طرحها، فكثير من الأصوات المبدعة تلجأ لمتطلبات السوق الرقمي لتعطي للنص شرعية العبور من دون مكوس جمركية لترسيم الصوت والصورة، فيصبح الوصول صعباً في ازدحام وسائل التواصل بالكاتبات على اختلاف المسميات والمستويات بين وهمٍ وإيهام أو هذيان هرمونيّ تشرئبّ له الأعناق بمختلف القياسات، فيبقى الوصول مؤرقاً في ظل سيطرة المكرّر والمُستهلك المُغلّف بمنشّطات تسرق النظر وتنعش (التذوّق)، ولنقلْ هنا إننا سنتعامل مع الصدى بوصفه يخترق حواجز التفتيش، فنستطيع أن نلتقط ما شاء لنا من تردداته سيما أن تهافت عناصر الأمن النسقي من حرّاس وفحول يمتلكون من الأسلحة الفوضوية ما يمنعنا من الاقتراب، فيقطعون الطرقات من دون تصريح إلا لمنظمات الموالاة والبيعة الأبدية لجمهورية الأعناق الغارقة ضمن الخوض في البحار بأشرعة ممزقة يستحيل ترقيعها أو حياكتها كمّامة تقينا وباءَ جلبةٍ يتساوى فيها الأعمى بالبصير. وانطلاقاً من شرعية القراءة من دون أحكام مسبقة فقد حفظ نقد الأدب النسوي أشياء وغابت عنه أشياء، فنمت حاجة جماليّة ملحة لقراءة المبدعات بعيداً عن التحيزات والتقسيمات الثقافية، ثمة بنية فنية خارج نطاق الوعي المسبق المُحمّل بأسطورة الخطيئة الأولى لحواء، أو بالمنطلقات النظرية لأفلاطون في مملكته الفاضلة، أو المُحمّل حطباً كما تصفه الدكتورة ابتسام الصمادي، ومن هنا تبدأ الشاعرة بتجريد تجربتها الفنية من أي انقلاب غير شرعي، وتدعو لثورة على الرموز المُنهكة لبناء نصّ متكامل مع الرجل يستطيع فيه كلٌّ منهما أن يسميه مدينة فاضلة، فكانت في مجمل إنتاجها الشعري تتفرّد بخصوصية جمالية تكتب بقلم أنثى وقلب إنسان، فجمعت ما بين هذا وذاك لتحافظ على التكامل دونما انزلاق إلى هوّة التفرّد الشخصاني السلبي الذي لا يختلف عن الصوت المغرق بالذكورة، فالتفرّد الإبداعي يعطي للنص هوية إنسانية وليس هوية جنسية جلّ ما يتغيّر فيها عنوان الخانة، بينما تبقى تاؤها من ممتلكات الرجل. وبالاطلاع على نتاج الشاعرة ابتسام الصمادي منذ مراحلها الأولى وحتى حينه نحتاج للعودة مجدداً إلى النص لاستخراج التناصات المتعددة، والإيحاءات الفنية، نجدها متجسدة فنياً بفكرة لا تنقطع ولا تسقط بالتقادم، وقد عبّرت عن مأساة الرمز المُحمّل بأنساق قبيحة في مجمل تجربتها الإبداعية، ولا تزال الرموز تتردّد ثقافياً في ملفّات الاتهام الذكوري ليصدر حكمه المقدس، فكانت الصدمة الفنية في عنوان قصيدتها “الرمز حمّال الحطب” من مجموعة “الشوق شأنك 2020″، وفيه مساحة واسعة للتناص الإبداعي مع الثقافة الدينية نصاً وتاريخاً وموروثاً، للوهلة الأولى يأخذنا العنوان إلى حمالة الحطب، وبتوضيح مسبق تقدّم الشاعرة الرمز المعنيّ بإيحاءات عن الموروث الثقافي لرمز الأنثى في الثقافة الجمعية، فالقصيدة ممتلئة بالإشارات الإبداعية في أكثر من عشرة مقاطع، يستطيع القارئ أن يتلمّس فيها عدة جوانب لا يمكن الإحاطة بها كاملة في هذا السياق، وإن الرؤية التكاملية للقسمة الجنسية غير العادلة كانت عبر مراحل زمنية، تتطور فيها الدلالة ويبقى المعنى عصياً على القاضي الذي يؤمن بأدلة متواترة نسقياً والطعن فيها ردّة وبدعة.

سيّان ما قلنا وقيل

الريح تعرف جذعنا مهما نميل

لكن ذاكرة العواصف

شأنها شأن الدخيل

إذ كان منّا أن نربي الرمز كالخيل الأصيل

ونبثّه أسطورة.. جيلاً فجيل

كي يُرجع المغدور محمولاً 

إلى أهل النخيل

هذا من جانب فني ثقافي، ومن جانب فنيّ لغويّ (وليس هو الهدف في هذه المقالة) فإن قاموس التضاد الثقافي أو اللغوي بإمكانه أن يؤسس لنتيجة جمالية تطمح إليها الشاعرة، (الجذع/العواصف – الدخيل/الأصيل). يبدو منذ البداية هاجس مخافة الانزلاق الثقافي الذي يغرقنا في أتون البيولوجيا المدمّرة للتكامل والوعي؛ إذ لابد من تفكيك ماهية الرمز من خلال دعوة للتجاوز الحيّ من دون الانحياز الحزبي أو الانزواء فراراً من الاشتراك ببناء النص بأبعاده الجمالية والإنسانية من دون مواربة أو تنازلات لسيادة الذكر المنهك كاهله بأوسمة ورموز أسطورية أورثته إياها ثقافة بيت الطاعة. ويحاول النقد الإحاطة بالصدى لجمع الشتات واقتناء بوصلة تمتلك الجهات وتعطيك الخيارات، وفي النص تتقطّر لغته عتاباً للأبوة النسقية التي ترمّز الأنثى لتحولها إلى متاع منزلي

كم رعرعوه وحمّلوه

من مجاز الدهر.. الشيء الكثير

حتى إذا دخل المقدّس

صار من خيل الأمير

… فوصلتَ من دوني إلى درب وصيد

لا العَودُ يمكنه الرجوع والمضيّ – ترى – يفيد

وبانقلاب على الرمز، وانزياح جمالي يتداخل النص مع روايات تاريخية عميقة الأثر كلوحة فنية لأب حُكم عليه في سجنه بالإعدام جوعاً، فتزوره ابنته فارغة اليدين وممتلئة بزاد الحب الذي يسري في عروقها، لتتحول إلى المرضعة الرؤوم، وفي غفلة عن السجّان تسقيه من ضرعها، فالأب هنا ابن لابنته، ومن مقطوعة مفعمة بالدلالات والمعاني والعتاب للرمز والوشم الثقافي للأنثى، تأتي الأضداد والانزياحات لتجعل الأب ابناً والابنة أباً لتستقر فكرة التكامل الفني والإنساني بعد مواجهة الرجل بملفاته المليئة بالتحيّز الجنسي:

يا كثر ما أوجعتني

نمّطتني

وجعلتني للظلم رمزاً مطلقاً..

… صوّرتني أفعى بأجراس الفحيح

وجمال (هيلانة) غدا

طروادة الحرب القبيح

ودماء (مَكبِث) في يدي إرث صريح

لكأنني ما كنت أماً للمسيح

أختاً لموسى..

ابنةً – في السجن – مرضعة لوالدها القريح

فالغواية الأولى فيما لو اعتبرناها على المستوى الأفقي قد أنتجت المعاناة الرمزية على المحور العمودي، فتولّدت على إثرها محمولات مغلوطة مزيّفة هوت بالثقافة الجمعية إلى حضيض النسق المزمن وقد نال منّا جميعاً، فقد أخطأ الناقد الذي يطرح قضية أدب ذكوري وأدب نسوي، ومجمل القضية ذات إشكال ثقافي، فثمة نسق ذكوري فحولي وآخر نسوي يواجه هذا النسق، ومع إدمان تعاطي المصطلحات الدارجة تحولت بعض الكتابات النسوية إلى نسق نسائي، وانحصرت بين تناطح يريد كلٌّ منهما إثبات هوية مقدسة إخلاصاً للنسقية الكامنة في الذاكرة الجمعية، في حين تتجلى الخصوصية الأدبية للذكر أو الأنثى بالتجربة الفنية والقيمة الجمالية للتكامل بوصف الأدب إنسانياً يستمد تجربته من المعارف والعلوم التي هي للإنسان وليست لجنس دوناً عن آخر، وإن التفرّد الإبداعي والخصوصية ذات أبعاد جمالية إنسانية خارج النطاق البيولوجي المقيّد بانتكاسات ومخلّفات نسقيّة تفسّر لنا إشكاليات الإنسان مع نفسه ومع الدين والثقافة والطبيعة والحياة.. ولابدّ من تجاوز الراكد والانتقال من الاجترار المعاق إلى نص أكثر سعة يمحي علاقة التنميط بين الرجل والمرأة، فالمرأة تستطيع أن تعرّف عن نفسها بالقول “أنا امرأة” على حد تعبير سيمون دي بوافور في كتابها “الجنس الثاني 1949″، في حين لا يستطيع رجل فعل ذلك، ويتداخل هذا مع قصيدة للشاعرة ابتسام الصمادي بعنوان “أنثى وما ملكت يميني” من مجموعة “ماس لها 2002 م”.

أنثى وما ملكت يميني

إنّا ونحن متيّمات بالتفاصيل الصغيرة والعذاب

ونحنُّ أحياناً إلى حدٍّ يفرفط الروح الندية في التراب

هذا الانسجام الأدبي يكسر قيود التهميش البيولوجي المتماهي مع فلسفة التناسل لاستمرار الورثة الشرعيين، وهذا الرفض للنظرية بوصفها مذكّرة في المؤسسات الثقافية، وقد باءت المحاولات اللغوية لإعدام تاء التأنيث فيها، لكن اعتقلتها بصكّ التعمية الثقافية، وهذا الاستلهام الجدلي ما دفع بالنقد النسوي للمطالبة بالابتعاد عن التركيز التجريبي على جنس النص، فالكتابة النسوية – بتعبير الناقدة هيلين سيكسوس – تعيد تأسيس العلاقات العفوية مع جسد العالم وجسد المرأة معاً بعيداً عن منظومة التفكير الأبوي التراتبية وثنائياتها المتعارضة، وهذا التخاطر الإبداعي تقدّمه ابتسام الصمادي بلغة فنية تحتاج منّا قراءة عبر نصوصية لاستخراج آلام الرموز والحكم عليها – من الأب المقدس – بحمل الحطب، في حين هي أخت لموسى وأم لعيسى، فلا تتساوى لعنة الثقافة النسقية بالحكم على السابقات بالخلود في سقرٍ شيّدتها ثقافة مبتورة النصوص.

وكأنني لم أطعم التاريخ قمحَ حضارتي

والفنّ من فخارتي

فأنا التي أنزلت فيك غوايتي

وحصرت عقلك مع مصيرك كلِّه

في قضم ما شاءت له تفاحتي

ما آن بعدُ لكي تبرّأ ساحتي

أو تستريح؟!

اعقل أيا نصفي المليح

فتتقاطع هنا مع قصيدتها “أنثى وما ملكت يميني” مجموعة “ماسٌ لها 2002 ” بقولها: 

لوكنتَ ممن يدركون ولادتي

يا نصفي القاسي الجميل.. لما قسوت

وفي قصيدة من المجموعة ذاتها بعنوان “الحلقة قبل الأخيرة”، تتحدث عن تراكمات ثقافية نتوسّل تجاوزها، وألا تجرفنا التيارات الحزبية دينيّاً ثقافياً واجتماعياً وسياسياً وتاريخياً.. إلى دستور نسقيّ يعجّ برموز موشّاة ومحمّلة حطباً، وكأننا نهوي كلما حسبنا العكس، ونسقط كصخرة لعنة سيزيف الأبدية. في بعض سطورها:

كم عظيم حين نحيا

لحظة تُدعى الولادة

تستوي فيها إناث الأرض خلقاً أو سوادا

صفحة مفتوحة تدعو سوانا للتقى

للتخلي عن سلاح الظلم أو فرط السيادة

ولا تزال الشاعرة تستمد دلالات الرمز وأعباءه في تجربتها الفنية منذ زمن طويل، فالدلالة تبدّلت وتطوّرت، وتلوّنت، لكنها مقيدة في معناها ببيان رسمي دكتاتوري يمتلك السلطتين التنفيذية والتشريعية، ليتمّ تذييل البيان بوجوب إطلاق بنوده ومنها الحكم بحمل الحطب.

اعقل أيا رجل التقانة والحروب

إني اليمامة والرسائل والدروب

ما آن أن أرتاح من تهم الزمان؟!

من قالب لمواصفي

وعباءة لعواطفي..

وتتجدد الدعوة بعد كل هذا الاستلهام الرمزي للأنثى، حيث تطرح إشكالية الجسد والآخر والمجتمع.. بعبارة “اعقل أيا نصفي المليح”، وفي المجموعة ذاتها (والشوق شأنك) تطرح قصيدة جدلية بعنوان “جدلية آدم وحوّاء”:

قال الترابُ: عليّ، فاهبطا وخذا // هذا الخضار وعرش الأرض تمليكا

ثم انتبهنا وقلنا: إنه يغري // لكن على عظمنا صفَّ المداميكا

في محاولة عادلة لما تحاول هذه الدراسة إثباته (الدعوة للتكامل)، وإثبات افتراضية أن الخصوصية الفنية ليست متنافرة البتة أو كما يُفترض، والاختلاف الجنسي هو سمة إبداعية تضيف للغة والأدب والثقافة والفكر.. فمواجهة النسق الفحولي بإثبات خصوصية نسائية تنافرية مستقلة يمكننا أن نطلق عليها مجازاً الفحولة النسوية، وهذا يشكّل صراعاً بين نسق قديم يجب تجاوزه ونسق جديد يسعى ليقدّم نفسه بديلاً أو موازياً على الأقلّ، وهذا ينزلق ببعض الدراسات النسوية نحو التنافر والبدء من حيث أرادت أن تُنهي فيه النسقية الأبوية، هذا الإشكال النقدي تطرحه الشاعرة بقالب فنّي مزوّد بإيماءات فكرية لكل ما سبق، وللإبحار مجدداً بجمال الاختلاف ليشكّل كلاً واحداً هو الإنسان، لكنّه الإبحار بأشرعة متينة ومراكب لا تعبث فيها لعنة الرمز، كي تقلّنا إلى برّ لا تمشي فيه الأشجار، ولا نتهم فيه زرقاء اليمامة بضعف بصرها وبصيرتها وأنها ضلع قاصر، في بر الأمان على ضفائري أختاً وأماً وابنة وحبيبة تهديك الصباح.

اعقل أيا من هدّني وبينته

وبكل عاطفة الدنا أحببته

وولدته ورعيتهُ 

… 

أسقطت حقي بعدما أشقيتني

ثم ادّعيت قداسة في أنني 

من ضلعك المكسور جئتك وانتميت…

اعقل أيار رجلاً

أغالب فيه أوجاع المراكب

في حين يثقبها ويتركني أغالب

يا من ينام على الضفيرة ليلهُ

وأنا أفتّش عن صباحٍ بين أحلامي له

…. 

فتعال عاهدني على سلم بهيّ

نتقاسم الأحلام والآلام والماء النقيّ

ونعيد ترتيب المسافة في الزمان

وفي الأمان.. وفي التكامل والرقيّ

بشجاعة الفرسان نبدأ رسم ما فيك وفيّ

فأنا وأنت ضحية الطاغوت والإرث الخفيّ

لقد صورت الشاعرة ابتسام الصمادي القبحيات الثقافية المستترة بدلالات وعلامات، ودعت عبر نصوصها إلى سِلم بهيّ، حدوده التكامل والتوافق والنقاء، فالكلّ ضحية أرث خفيّ مغلوط، يقزّم كلينا، فلا الفحل فيه صار رجلاً ولا المرأة صارت أنثى، فقد زيَّفت الأنساقُ الوعيَ وقِيَمَ المساواة والعدل والتعددية الفكرية، فكانت هذه الصرخات ضد مفاهيم أصدرتها مركزيات مؤسساتية كـــ بيانات رسمية توزّع الأدوار والهويّات، فكانت دعوة الخروج من عنق الزجاجة انعكاساً لحقول فلسفية ومعرفية كثيرة أنتجتها ظروف سياسية، وتغييرات اجتماعية وعلمية معرفية، وفي غياب الوعي المنهجي والتفكير النقدي قد تنحرف القراءة والكتابة معبّأة بلغة حزبية تخلخل الرؤية تحت تأثير الإعلام أو تجيير الأقلام لتدجين الذوق والتذوّق، كــ سلبِ خصوصية تاء التأنيث، وإقامة حفلة ثقافية دسمة بتوابل تزيد روائحها المنعشة من إفراز العصارات الهاضمة (ثقافي، نقدي، تواصليّ، فكري، أدبي، فني…) وتحويلها لـ )تناسلثقافية( فتغدو امرأة انزلاقها بفخ عورة النسق إبداع، أو تكون أنثى وسيكون بالعرف الثقافي إبداعها خارج الفخ النسقي عورة، وبهذا ستكون شريكة وضحيّة في آن، ويبقى الفحل صاحب صكّ الحرية حتى يهرم، ومع تطوّر العلم والمعرفة والحضارة إلا أنه يبقى انحياز الرواسب النسقية في العقل الجمعي لفياغرا ثقافة التناسل. حسب فلسفة كهنة معابد جدرانها ملطّخة بذكريات سجناء وضحايا الرأي، هذا الانحياز اللاشعوري يثير الضوضاء الثقافي، بينما يقتضي الفنّ تصوير وبناء مصير ثقافي وحضاري مشترك بين الجنسين من دون تحيّز نسقيّ، وإذا كان منهج “جاك دريدا” التفكيكي مُلهماً للنقد النسوي، فلا مغالطة في تبنّي الرؤية لتفكيك العلامات الثقافية ونُظم الإشارات المستقرة في الذاكرة الجمعية بغرض تجاوزها إبداعياً، والخروج من نسق التكرار المُجحف نحو لغة ولّادة تؤمن بأنوثة العنقاء، وذكورة الرماد، بأنوثة الولادة، وذكورة المخاض.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني