fbpx

آثار إدلب عرضة للتخريب والتنقيب العشوائي

0 179

أصبحت الآثار في إدلب عرضة للتنقيب ﺍﻟﻌﺸﻮﺍئي في ظل سنوات الحرب، بسبب ﺍﻟﻔﻠﺘﺎﻥ ﺍﻷﻣﻨﻲ ﻭﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﺮﻗﺎﺑﺔ، ﻭﺍﻧﻌﺪﺍﻡ ﺍﻟﻀﻮﺍﺑﻂ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﻤﻲ ﺍﻷﻣﻼﻙ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ، مم يهدد باﺧﺘﻔﺎﺀ ﻣﻌﺎﻟﻢ ﺣﻀﺎﺭﻳﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ، إضافة لسرقة آلاف القطع الأثرية واللوحات الفسيفسائية، من خلال شبكات منظمة تمتهن “بيع وتجارة الآثار”، أو أشخاص “غير محترفين” وجدوا في المهنة مصدر دخل لهم، كما تعرﺿﺖ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻷﺑﻨﻴﺔ ﺍﻷﺛﺮﻳﺔ ﻟﻠﻘﺼﻒ ﺑﻤﺨﺘﻠﻒ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻗﻮﺍﺕ ﺍﻷﺳﺪ ﻭﺍﻟﻄﻴﺮﺍﻥ ﺍﻟﺮﻭﺳﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺷﻦ ﻏﺎﺭﺍﺕ ﻣﻜﺜﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ خلال السنوات الماضية.

بجهود محلية وتطوعية تم تأسيس مركز آثار إدلب مطلع عام 2012، ويضم كوادر مدربة في مجال الترميم وطرق التوثيق، بهدف حماية الآثار وتوثيق الانتهاكات، بعد تحول العديد من المناطق في محافظة إدلب إلى سوق سوداء لبيع القطع الأثرية.

أيمن النابو مدير مركز الآثار في إدلب يتحدث لـ نينار برس: “ﺗﻤﺘﻠﻚ ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ ﺇﺩﻟﺐ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ 760 ﻣﻮﻗﻌﺎً ﺃﺛﺮﻳﺎً ﺗﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺣﻘﺐ ﺯﻣﻨﻴﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ، ﻛﻤﺎ ﺗﻤﺘﻠﻚ ﺛﻠﺚ ﺍﻵﺛﺎﺭ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺓ ﻓﻲ ﺳﻮﺭﻳﺎ، ﻭﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ 50% ﻣﻦ ﻋﺪﺩ ﺍﻟﺘﻼﻝ ﺍﻷﺛﺮﻳﺔ أهمها إيبلا ودينيت وآفس، إضافة لوجود 40 ﻗﺮﻳﺔ ﺃﺛﺮﻳﺔ، ﺗﺸﻜﻞ 5 ﻣﺎﺭﻛﺎﺕ ﻣﺴﺠﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻭﻫﻲ ﻣﺎ ﺗﺴﻤﻰ “ﺍﻟﻤﺪﻥ ﺍﻟﻤﻨﺴﻴﺔ”، كما ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻲ المحافظة ﻣﺘﺤﻒ ﻣﻌﺮﺓ ﺍﻟﻨﻌﻤﺎﻥ ﻭﻳﻌﺘﺒﺮ ﺛﺎﻧﻲ ﺃﻛﺒﺮ ﻣﺘﺤﻒ ﻓﺴﻴﻔﺴﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﻭﺳﻂ، ﻻﺣﺘﻮﺍﺋﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ 1200 ﻣﺘﺮ ﻣﺮﺑﻊ ﻣﻦ ﻟﻮﺣﺎﺕ ﺍﻟﻔﺴﻴﻔﺴﺎﺀ، ﺇﺿﺎﻓﺔ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﻣﺒﻨﻰ ﺗﺎﺭﻳﺨياً ﻳﻌﻮﺩ ﻟﻠﻌﻬﺪ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻲ، إضافة لوجود ﻣﺘﺤﻒ ﺇﺩﻟﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻜﻤﻦ ﺃﻫﻤﻴﺘﻪ ﻓﻲ ﻛﻮﻧﻪ ﻳﺤﺘﻮﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻗﻢ ﺍﻟﻤﺴﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻢ ﺍﻛﺘﺸﺎﻓﻬﺎ ﻓﻲ مملكة ﺇﻳﺒﻼ، ﻭﻋﺪﺩﻫﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ 15 ألف ﺭﻗﻢ ﻣﺴﻤﺎﺭﻱ، ﺗﻮﺛﻖ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻗﺒﻞ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ 5 آلاف ﺳﻨﺔ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩ.”

وعن التحديات التي تعرضت لها المواقع الأثرية في إدلب، يتابع النابو حديثه قائلاً: “آﺛﺎﺭ ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ ﺇﺩﻟﺐ نالت نصيباً ﻭﺍﻓﺮاً ﻣﻦ ﺍﻷﺿﺮﺍﺭ ﺍﻟﻨﺎﺗﺠﺔ ﻋﻦ ﻋﺪﺓ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﻤﺠﻤﻠﻬﺎ ﺑﺎﻟﺤﺮﺏ، فقد تعرضت لقصف ﻣﻤﻨﻬﺞ طال عدداً من المواقع منها تل إيبلا الأثري وشنشراح في جبل الزاوية، ومتحف معرة النعمان وغيرها، إضافة إلى أعمال ﺍﻟﺘﻨﻘﻴﺐ ﺍﻟﺨﺎﻃﺊ ﺑﺄﺳﺎﻟﻴﺐ ﺑﺪﺍﺋﻴﺔ، ﺃﻭ ﺑﻤﻌﺪﺍﺕ ﻣﺘﻄﻮﺭﺓ ﻣﻦ ﺃﺷﺨﺎﺹ ﻟﻴﺲ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻋﻠﻢ باﻵﺛﺎﺭ، يدفعهم إلى ذلك الطمع ﺑﺎﻟﺜﺮﺍﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺤﻘﻘﻪ ﺍﻟﻠﻘﻰ ﺍﻷﺛﺮﻳﺔ، إلى جانب ﺍﻧﺘﺸﺎﺭ ﺗﺠﺎﺭﺓ ﺍﻟﻘﻄﻊ الأثرية ﻛﺄﺣﺪ ﺃﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﺍﻟﺮﺍﺋﺠﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ.”

مبيناً أن معظم المواقع الأثرية الممتدة من بابسقا وباقرحا و”كنيسة قلب لوزة”، قرب الحدود التركية في الشمال، ومروراً بتل مرديخ وتل دينيت والمسطومة وآثار البارة وسرجيلا، تعرضت لعمليات التنقيب العشوائي التي ساهمت في تخريب هذا الإرث الحضاري، مؤكداً أن ﺍﻟﻤﻮﺍﻗﻊ ﺍﻷﺛﺮﻳﺔ شهدت ﺗﺠﺎﻭﺯﺍﺕ كثيرة ﺗﺸﻤﻞ التكسير والتخريب، ﻭﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺿﻤﻦ ﺍﻟﺤﺮﻡ ﺍﻷﺛﺮﻱ، ﻭﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﺤﺠﺎﺭﺓ ﺍﻷﺛﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ، منها ﻣﻮﻗﻊ ﺳﺮﺟﻴﻼ ﺍﻷﺛﺮﻱ الواقع ﺷﺮﻗﻲ ﺑﻠﺪﺓ ﺍﻟﺒﺎﺭﺓ.

ﺍﻟﺘﻨﻘﻴﺐ ﻋﻦ ﺍﻵﺛﺎﺭ ﺃﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﺍﺯﺩﻫﺎﺭ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻋﺔ ﺑﺎﻵﺛﺎﺭ، ﻭﻗﺪ ﺍﺷﺘﺮﻙ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺃﻫﺎﻟﻲ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻨﻘﻴﺐ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻄﻊ ﺍﻷﺛﺮﻳﺔ ﻭﺍلإﺗﺠﺎﺭ ﺑﻬﺎ، ﻣﺘﻌﺎﻭﻧﻴﻦ ﻣﻊ ﺷﺒﻜﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻬﺮﺑﻴﻦ ﻭﺍﻟﺘﺠﺎﺭ، ﺗﻨﻘﻞ ﺍﻵﺛﺎﺭ ﺇﻟﻰ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﺠﻮﺍﺭ ﻭﻣﻦ ﺛﻢ تطرح ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻮﻕ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﺀ.

سليم أبو محمد من مدينة معرة النعمان ﻳﻌﻤﻞ مع إخوته ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﺘﻨﻘﻴﺐ ﻭﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻵﺛﺎﺭ ﻣﻨﺬ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺳﻨﺘﻴﻦ، واستمر بعمله بعد نزوحه إلى مدينة أطمة الحدودية مع تركيا، يستخدم جهازاً خاصاً ﺑﻜﺸﻒ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻥ ﻭﺍﻟﺘﻤﺎﺛﻴﻞ ﺍﻷﺛﺮﻳﺔ، تحدث لنينار برس: “ﻧﺴﺘﺨﺪﻡ في عملنا ﺃﺟﻬﺰﺓ ﻣﺨﺼﺼﺔ ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻤﻼﺕ ﻭﺍﻟﺘﻤﺎﺛﻴﻞ ﺍﻟﻤﻌﺪﻧﻴﺔ، ﻭﻟﻬﺬﻩ ﺍﻷﺟﻬﺰﺓ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﻛﺸﻒ ﺍﻟﻠﻘﻰ ﺑﻌﻤﻖ 70 ﺇﻟﻰ 100 ﺳﻢ ﻓﻲ ﺑﺎﻃﻦ ﺍﻷﺭﺽ، ﻭﺗﺼﺪﺭ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺟﻬﺰﺓ ﺃﺻﻮﺍت ﻣﻌﻴﻨﺔ، ﻛﻞ ﺻﻮﺕ يدل على ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻥ.”

ويبين أبو محمد أن ﺃﺳﻌﺎﺭ ﺍﻟﻘﻄﻊ ﺍﻷﺛﺮﻳﺔ تتفاوت ﺣﺴﺐ ﻋﻤﺮﻫﺎ ﺍﻟﺰﻣﻨﻲ ﻭﻧﻮﻉ ﻣﻌﺪﻧﻬﺎ، ﻭﻟﻜﻦ ﻣﻌﻈﻢ ﺍﻟﻘﻄﻊ ﺍﻟﺘﻲ نجدها ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﻗﻄﻊ ﻧﻘﺪﻳﺔ ﺗﻌﻮﺩ ﻟﺤﻀﺎﺭﺍﺕ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ، ﻭﺗﺒﺎﻉ ﺍﻟﻘﻄﻌﺔ ﺍﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ﺑﺤﺪﻭﺩ 100 ﺩﻭﻻﺭ ﺃﻣﺮﻳﻜﻲ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻘﻄﻊ ﺍﻟﺬﻫﺒﻴﺔ فتباع ﺑﻤﺒﺎﻟﻎ ﺃﻛﺒﺮ.”مشيراً إلى أن ﺍﻟﻌﺎﻣﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻨﻘﻴﺐ يجني ﻋﺎﺋﺪﺍً ﺷﻬﺮﻳﺎً ﻳﺘﺮﺍﻭﺡ ﺑﻴﻦ 300 – 500 ﺩﻭﻻﺭ ﺃمريكي.

تجارة الآثار وعملية التنقيب أصبحتا من الأعمال الأقل تكلفة والأكثر ربحاً مع انتشار المواقع الأثرية في معظم قرى ريف إدلب، وغياب السلطة التي تحد من عمليات التنقيب وتجارة الآثار، ما يهدد حضارة شعب، وتاريخ بلد بأكمله أصبح عرضة للضياع في إدلب، وتجارة رابحة لضعاف النفوس الذين ينحصر همهم في الربح المادي، دون وعي بأﻫﻤﻴﺔ ﺍﻹﺭﺙ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻌﺮﺽ ﻟﻠﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻻﻧﺘﻬﺎﻛﺎﺕ.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني