fbpx

مصابو الحرب، خدمات محدودة، ومعاناة بصمت

4 1٬336

هدى سيدة سورية فقدت طفليها (بنت وصبي) وفقدت ساقها بقذيفة هاون، أثناء مسيرها باتجاه بيتها، تقول هدى توقعت أن يكون هذا اليوم هادئاً فمنذ الصباح لم يصدر أي صوت لرصاص أو انفجار، فقررت أن أخرج مع ولديَّ لنحضر احتياجاتنا من الخبز والطعام، وأثناء عودتنا إلى المنزل سمعنا صوتاً قوياً، وإذا بقذيفة تستقر بجانبنا، فتدخل شظاياها في أحشاء أولادي الاثنين ويفارقا الحياة على الفور، وشظايا أخرى استقرت في ساقي لتجعلني أتألم طوال حياتي، فما ذنبي وما ذنب طفليّ الصغيرين اللذين لم يتجاوزا التاسعة من عمرهما؟!.

وتتابع هدى: “كان الحادث بين الحلم والحقيقة، عندما أُغميَ عليَّ، أفقتُ لأجد نفسي مع قائمة كبيرة جداً من مصابي الحرب في سورية”.

فتتحول هدى من سيدة مفعمة بالحياة ومليئة بالأمل إلى سيدة تحتاج لكرسي للتنقل وتقوم بجزء قليل من متطلباتها اليومية.

سنوات طويلة مضت دون أي أمل

سنواتٌ عديدة مضت والحرب السورية مستمرة وضرائبها كبيرة، حيث نتجت عنها أعداد كبيرة من الجرحى والمصابين ومنهم ذوي إعاقات دائمة.

أعداد الذين تعرضوا لفقد أحد أعضاءهم صادمة، فقد كان عدد الأشخاص الذين خضعوا لعمليات بتر لأطرافهم أثناء الحرب في سورية حوالي 86 ألفاً حسب تقرير منظمة الصحة العالمية(WHO) كما أن نسبة 35% من المصابين بالأسلحة المتفجرة هم من فئة الأطفال، بحسب المنظمة، فماذا سيكون مصير هؤلاء الأطفال في السنوات المقبلة، وكيف سيمضون مسيرة حياتهم بالشكل المطلوب من ناحية تحصيلهم الدراسي واندماجهم بالمجتمع وأمور أخرى كثيرة، في ظل رعاية صحية محدودة.

فرحتي الكبرى عندما استبدلت الكرسي بساق صناعية ولكن؟

تتابع هدى فتقول: استطعت العبور إلى تركيا لأن الحل سيكون هناك، حسب ما نصحني به الكثيرون، وفعلاً تم تركيب ساق صناعية لي، وشكرت ربي لأني بت أستطيع الحركة بشكل أفضل وبدون مساعدة أحد، لكن تفاجأت بعد فترة، أن مكان تركيب الساق يؤلمني لأنه لم يتم التشخيص بالشكل الصحيح، فقد كان الطرف الصناعي يجرح ركبتي ويسبب الألم، والآن أتابع علاجي بشكل أفضل، لكن أمنيتي من المتخصصين، التدقيق والتركيز أثناء التشخيص وأخذ مقاس طرف المصاب بشكل دقيق.

المنظمات المختصة

ذكرت إحدى المنظمات المتخصصة بتركيب الأطراف الصناعية، أن عدد المصابين في سورية تجاوز 2.8 مليون إصابة بالإعاقة.

السيد محمد يعمل في أحد المنظمات المختصة بتركيب الأطراف الصناعية يتحدث لنا، فيقول: يتقدم المصاب بطلب الاستفادة من خدمات المركز، وبعد تقييم وضعه الصحي، يقوم المركز بإرسال متخصصين إلى مكان المصاب لأخذ مقاسات الطرف بدقة باستخدام جهاز3D ويُرسل المقاس إلى المركز الرئيسي لتصنيع العضو، ثم نعود لتركيب الطرف الصناعي للمصاب. يتابع محمد: أحياناً يقتضي الأمر إجراء عملية جراحية قبل تركيب الطرف كما نقوم بإجراء عدة مراحل للمريض منها مرحلة العلاج الفيزيائي كذلك الدعم النفسي بإشراف متخصصين ونتابع حالة المريض لاستبدال الطرف أو صيانته في بعض الأحيان، ولكن ليس جميع المنظمات أو الجهات المختصة تتابع هذا الأمر بدقة ما يعرض المصاب للخطر.

إصابات الحرب دفعت الكثير للبحث عن بدايات جديدة

سلمى خلال فترة وجيزة وجدت نفسها مصابة بالشلل. فتروي لنا: عندما ذاهبة إلى مدرستي، وقع انفجار، وهذا ما وصلتْ له جراء هذا الانفجار، فتُخرج لنا صورتها قبل وقوع الحادث لتقول: هذه أنا قبل الإعاقة، وهذا ياسر فقد يده اليمني التي هي ركيزه حياته جراء قصف مدينته الرقه، وهذه رولا تذرف دمعاً حارقاً لتقول فقدت عيني الجميلة التي كانت تزين وجهي وتمنحني البصر، فما أنا فاعلة بعد الذي جرى. هكذا نحن السوريون أحزاننا وآلامنا لا تنتهي وما تفعله المنظمات والجهات المختصة لا يفي بالغرض، وأحلامنا الكبيرة انتهت.

القانون الدولي واتفاقيات جنيف

تتضمن الاتفاقيات جميعها تحديد المدنيين الذين لا يشاركون في الحروب، أو الأعمال العدائية، والأشخاص الذين كفوا عن المشاركة فيها، والعمل على الحفاظ على الأرواح والممتلكات في جميع النزاعات المسلحة، وإنقاذ الأرواح من المعاناة، فاتفاقية جنيف الأولى عام 1864، وكذلك القانون الإنساني الحديث، حظر استهداف المدنيين، واعتبره جريمة حرب، كما يحتفل العالم بمرور مئة وخمسين عاماً على وضع اتفاقية جنيف الأولى، ولكن كلها للأسف باتت حبراً على ورق بالنسبة للسوريين، الذين خُرقت جميع القوانين بحقهم ولم يتم تنفيذ أي قانون صريح منها.

تمّ إنتاج هذه المادة الصحفية بدعم من “JHR”، “صحفيون من أجل حقوق الإنسان” بتمويل من برنامج عالم كندا Global Affaris Canada.

4 التعليقات
  1. ابوالزين says

    حسبنا الله ونعم الوكيل

  2. nesaaalgad@gmail.com says

    مقاله جميلة
    وماساة السوريون لاتنتهي

  3. بشار says

    عمل جمياوفقكم الله

  4. ابراهيم says

    بالتوفيق لك و للينار بريس

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني