مصالحة دوما تؤكد على استمرار النظام بسياسة الكذب والخداع والتلاعب بمشاعر السوريين
بعيون تائهة وقلوب مجروحة وبأصوات أهازيج تتغنى ببشار الأسد وعبقريته في إدارة البلاد، وقف مئات الأمهات والزوجات والآباء والأبناء بانتظار أحبائهم، بعدما أعلن النظام عن نيته بإطلاق سراح معتقلي دوما بالإضافة إلى بعض معتقلي الغوطة الشرقية الذين اعتقلتهم قواته منذ أكثر من 8 سنوات، فوقف الآلاف منذ ساعات الصباح الأولى في انتظار أحبائهم ولكن كما عودنا النظام دائماً فقد غدر بأهالي الغوطة عامة وأهالي دوما خاصة إذ أطلق سراح 28 معتقلاً فقط وأغلبهم كانوا معتقلين جنائيين أي ارتكبوا جرائم كسرقة وتجارة مخدرات وغيرها من الجرائم الجنائية أما المعتقلين السياسيين الذين يبلغ عددهم أكثر من 2500 معتقل فلم يطلق سراح أي منهم، وقد كان أيضاً من بين المطلق سراحهم بعض العملاء الذين زرعهم النظام داخل الغوطة للتجسس على أهلها وعلى قوات المعارضة عندما كانت خارج سيطرته، وقد اختفوا قبل أيام فقط من الاتفاقية المزعومة وظهروا أمام كاميرات القنوات الموالية على أنهم سجناء سياسيين لم تتلطخ أيديهم بالدماء، وقد كانت الاتفاقية التي قدمها النظام لأهالي دوما تنص على إقامة خيمة انتخابية للترويج لبشار الأسد وانتخاباته واشترطت وجود أعداد كبيرة من الأهالي وشيوخ المنطقة وتصوير الغوطة على أنها منطقة مؤيدة لبشار، وقد قامت زوجة بشار أسماء بزيارة الغوطة وتعهدت أمام الأمهات بإطلاق سراح أبنائهن وأزواجهن لكن بشرط عدم حدوث أي إشكاليات أثناء الانتخابات، وقدوم بشار الأسد للانتخاب في تلك المنطقة وسط هتافات بالروح بالدم من بعض المحسوبين على النظام في تلك المنطقة، للأسف فقط كسر النظام قلوب الأهالي مرة أخرى وجدد أوجاعهم وحرق قلوبهم على أبنائهم مجدداً، ويمتلك النظام تاريخاً أسود مع المصالحات والاتفاقيات.
سلسلة مصالحات النظام في دمشق وريفها كانت نهايتها دموية
في عام 2014 وبعد اشتداد الحصار على مخيم اليرموك وضواحيه ومنع النظام عنه حتى رغيف الخبز وقد كان يبلغ عدد قاطنيه حوالي 30 ألفاً ووقتها أعلن النظام وبمساندة الميلشيات الطائفية الداعمة له عن فتح معابر لخروج الأهالي الراغبين بمغادرة المخيم تحت حمايته وتعهد بعد التعرض لهم وملاحقتهم ووقتها قرر حوالي 5000 شخص الخروج بسبب سوء الأحوال والجوع الشديد الذي كاد يودي بحياتهم وعند خروجهم قامت قوات النظام بفصل النساء والأطفال عن الرجال وقامت بالاعتداء بالضرب على النساء وللأسف قد وصلت لحد الاعتداء الجنسي على الفتيات الصغار اللواتي كن برفقة أمهاتهن، أما الرجال فقد اقتادوهم إلى شارع يدعي علي الوحش في الذي يقع في منطقة حجيرة في الريف الجنوبي للعاصمة وقاموا بإعدامهم جميعا حرقاً ورمياً بالرصاص وكان يبلغ عددهم 1500 شاباً ووثق مقتل 650 منهم بالأوراق الرسمية بينما بقي مصير الشباب الآخرين مجهول إلى هذه اللحظة وقد قامت قوات النظام بإلقاء جثثهم في مصرف كبير للصرف الصحي وقد كانت هذه شهادة إحدى النساء اللواتي عاصرت هذه المجزرة وفقدت اثنين من أبنائها فيها.
وفي عام 2015 أعلن النظام عن عفو عن المنشقين الذين غادروا إلى مناطقهم ولم يعودوا إلى ثكناتهم ولم تتلطخ أيديهم بالدماء وأن بإمكانهم العودة إلى الجيش بدون أي محاسبة وهنا تخبرنا الحاجة (م.ن) عن ابنيها اللذين كانا يختبئان في إحدى مناطق الريف الدمشقي واستجابا لدعوة النظام وعادا للخدمة ومن وقتها انقطعت أخبارهما وعند سؤال والدتهما عنهما أخبراها ألا تعاود السؤال عنهما فقد أعدما بتهمة الخيانة، وقد تكررت هذه القصة في مختلف المناطق التي دخلت في المصالحة منها زاكية وكناكر التي قتل النظام شبابهم وألقى جثثهم في بساتينها وهي مشوهة، وفي مناطق أخرى ساق الشباب صغار السن إلى مناطق سيطرة داعش وألقى بهم إلى حتفهم.
حبل النظام بالكذب والخداع طويل جداً للأسف ولكنه بذات الوقت ملطخ بدماء السوريين ودموعهم وألمهم فلا يكتفي بكسرهم وقهرهم مرة بل يعيد ويجدد أوجاعهم كلما أتيحت له الفرصة فلم يشبع ويبدو أنه لن يشبع حتى ينهي عليهم، لكن حلم السوريين بوطن حر وعيشة كريمة سيبقى وسيكبر حتى يدفن الأسد ونظامه في مزابل التاريخ.