fbpx

“236 مدنياً ضحايا العنف في سوريا الجديدة: الألغام والقتل خارج القانون يتصدران المشهد في يناير2025”

0 91

بينما كانت سوريا تفتح صفحة جديدة بعد سقوط نظام بشار الأسد، ظنّ كثيرون أن عجلة الموت ستتوقف، وأن المدنيين سينعمون أخيراً بالأمان. لكن شهر كانون الثاني/يناير 2025 حمل معه الحقيقة القاسية: العنف لم ينتهِ، والانتهاكات ما زالت تحصد الأرواح، فقد وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 236 مدنياً في مختلف أنحاء البلاد، بينهم 32 طفلاً و18 سيدة. اللافت أن 21 مدنياً قتلوا على يد قوات سوريا الديمقراطية، بينما قضت سيدة واحدة تحت التعذيب. كما شكلت الألغام الأرضية والذخائر العنقودية تهديداً مميتاً، حيث أودت بحياة 71 مدنياً، بينهم 7 أطفال و3 سيدات.

هذا التقرير يوثق بالأرقام والوقائع، ليكشف كيف لا يزال السوريون يدفعون ثمن حرب لم يعد لها مبرر، في وقت يتوجب فيه على الجهات الفاعلة التحرك فوراً لحماية المدنيين ومنع تكرار هذه المآسي.

ضحايا القتل خارج نطاق القانون: من المسؤول؟

رغم سقوط النظام السابق، لا تزال جهات متعددة تمارس العنف المسلح ضد المدنيين، وتتحمل مسؤولية سقوط مزيد من الضحايا. جاء توزيع القتلى على النحو التالي:

9 مدنيين، بينهم 4 أطفال، قتلوا على يد قوات النظام السابق، رغم انهياره رسمياً في ديسمبر 2024.

21 مدنياً، بينهم 7 أطفال و6 سيدات، قتلوا على يد قوات سوريا الديمقراطية.

4 مدنيين، بينهم طفلان وسيدة، قُتلوا على يد الجيش الوطني.

طفل واحد قتلته قوات التحالف الدولي.

201 مدنياً، بينهم 18 طفلاً و11 سيدة، قتلوا على يد جهات أخرى غير محددة الهوية.

المناطق الأكثر تضرراً: بؤر الموت لم تتغير:

سجّلت محافظة حلب الحصيلة الأعلى من الضحايا بنسبة 35%، تلتها حماة بنسبة 16%، ثم دير الزور بنسبة 10%. هذه الأرقام تكشف أن المشهد الجغرافي للعنف لم يتغير كثيراً، رغم التحولات السياسية الأخيرة.

التعذيب لم يتوقف: سيدة فقدت حياتها تحت التعذيب:

وثّق التقرير مقتل سيدة واحدة تحت التعذيب على يد قوات سوريا الديمقراطية. هذا القتل الوحشي يسلط الضوء على استمرار الاعتقال التعسفي والتعذيب كأسلوب تستخدمه بعض الجهات المسلحة، في انتهاك صارخ للاتفاقيات الدولية.

مجزرة الألغام: خطر كامن يواصل حصد الأرواح:

لم تكن الرصاصات والقصف وحدهما سبب الموت في يناير، فقد تسببت الألغام الأرضية والذخائر العنقودية في مقتل 71 مدنياً، بينهم 7 أطفال و3 سيدات. ما يزيد الكارثة فداحة، أن جميع أطراف النزاع ترفض تقديم خرائط تحدد مواقع الألغام، ما يجعل المدنيين أهدافاً عشوائية لهذا القتل الخفي.

الكوادر الإنسانية والإعلامية في مرمى النيران:

لم يسلم العاملون في القطاعات الإنسانية والإعلامية من العنف المستمر، حيث وثق التقرير مقتل:

4 من الكوادر الطبية على يد جهات أخرى.

1 من الكوادر الإعلامية.

1 من كوادر الدفاع المدني.

وقوع مجزرتين على يد جهات مجهولة.

الاستنتاجات: استمرار الانتهاكات رغم انتهاء النظام السابق:

1. استهداف المدنيين لا يزال منهجياً:

غالبية الهجمات في يناير استهدفت المدنيين والمنشآت المدنية بشكل مباشر.

2. الألغام سلاح صامت يحصد الأرواح:

 جميع الأطراف المتورطة في الحرب لم تقدم أي بيانات حول مواقع الألغام، ما يعكس استخفافاً بأرواح الأبرياء.

3. هجمات عشوائية من قوات سوريا الديمقراطية:

 استهدافها لمناطق مدنية يعدّ جريمة حرب بموجب القانون الدولي.

4. التفجيرات عن بُعد أداة قتل جماعي:

استمرار التفجيرات في المناطق السكنية يؤكد وجود نية مبيّتة لاستهداف أكبر عدد من المدنيين.

5. القوات التركية لم تراعِ مبدأ التناسب:

خلال استهدافها لمواقع قوات سوريا الديمقراطية، ما أدى إلى سقوط ضحايا مدنيين.

6. تقاعس شامل عن حماية المدنيين:

جميع الأطراف أظهرت إهمالاً منهجياً لحماية المدنيين، وهو انتهاك صريح للقانون الدولي الإنساني.

التوصيات: نحو عدالة حقيقية وحماية المدنيين:

إلى الحكومة السورية الجديدة:

التعاون مع الآليات الدولية، مثل لجنة التحقيق الأممية والآلية الدولية المحايدة والمستقلة.

حماية الأدلة ومواقع الجرائم، ومنع أي تلاعب بملفات المعتقلين والمفقودين.

إجراء تحقيقات شفافة حول جرائم الحرب، وضمان العدالة الانتقالية.

إزالة الألغام وتأمين عودة النازحين.

إصلاح القضاء وأجهزة الأمن بما يتماشى مع معايير حقوق الإنسان.

إلى مجلس الأمن والمجتمع الدولي:

إحالة الجرائم في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية.

تجميد ومصادرة أموال النظام السابق لتعويض الضحايا.

تعزيز الجهود الإنسانية، خاصة في مناطق النازحين والمناطق التي شهدت معارك سابقة.

دعم برامج إزالة الألغام لحماية المدنيين من المخاطر المستمرة.

الضغط لمنع الترحيل القسري للاجئين السوريين وضمان عودتهم الطوعية والآمنة.

إلى قوات سوريا الديمقراطية وفصائل المعارضة المسلحة:

وقف الهجمات العشوائية، وفتح تحقيقات شفافة في الانتهاكات.

الإفراج عن المعتقلين السياسيين وضمان سلامتهم.

الكشف عن خرائط الألغام لحماية المدنيين.

إلى القوات التركية:

التحقيق في الحوادث التي تسببت بقتل مدنيين وتعويض الضحايا.

إلى المنظمات الإنسانية:

إطلاق حملات توعية وإزالة الألغام في المناطق الأكثر تضرراً.

توفير رعاية طبية ونفسية لضحايا التعذيب والاعتقال.

متى يتوقف نزيف الدم؟

كان يُفترض أن يكون يناير 2025 بداية جديدة لسوريا، لكنه كشف أن الطريق إلى السلام لا يزال طويلاً، وأن المدنيين هم من يدفعون الثمن الأكبر. الأرقام والحقائق تؤكد أن الحرب لم تنتهِ بعد، وأن كل الأطراف مسؤولة عن استمرار القتل والانتهاكات.

إن تحقيق العدالة للضحايا، ووقف النزيف المستمر، لن يتم إلا بمحاسبة الجناة، وحماية المدنيين، ووضع حد لهذا العنف العبثي الذي لا يزال يلاحق السوريين حتى بعد سقوط النظام السابق.

المأساة لم تنتهِ بعد، لكن الأمل في العدالة لم يمت أيضاً.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني