fbpx

2024 بين الحلم والواقع

0 86

مضت أيام.. أجراس 2024 تقرع.. وسنة سعيدة تتردد.. وجمل الأمنيات الطيبة زقزقة عصافيرها تسافر عبر الأثير.. أمنيات بعالم أخضر، وسماء صافية الأديم، وهواء نقي عليل، وإنسان حالم بحقوق محفوظة، وكرامة مصانة تحاصرني.. تملأ مسمعي.. تخزه.. تذكّرني بعبارات الحقوقي الإنساني المرحوم المحامي متروك صيموعة: «.. من خلال البحث والتنقيب في بطون الكتب.. ومتون المراجع والقوانين.. عثرت على الكثير من مبادئ حقوق الإنسان.. لكنني.. ورغم معايشتي لهذا المحيط البشري الصاخب لسنوات طويلة.. لم أستطع العثور على الإنسان..! ذاك الذي يليق بتلك النصوص.. وتليق به كل هذه الحقوق الموسومة لحسابه على الورق.. أو تلك المحجوزة على شرفه في متون الدساتير والقوانين والإعلانات..

فقد كان الإنسان الغائب الأكبر عنها..»؛ فأستيقظ من حلم الأمل.. أفتح عينيّ على واقع تصرخ فيه الأمومة باحثة عن ابن، والمرأة عن زوج، وجد متهدم عن أحفاد مغيبين، وهيئة أمم تتلطّى دول أعضائها خلف جمل منمقة صاغتها في ديباجة ميثاقها تعبّر عن «إيمانها بحقوق الإنسان الأساسية وبكرامة الفرد وقدره»، وأن لا تمييز بين البشر رجالاً ونساءً، وأكدته في المادة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان «يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق…» لتعيش البشرية حالمة بعالم لا ظلامة فيه.. عالم يسوده الأمن والسلام، فتستفيق على واقع مضطرب مأزوم يتنافى ومقاصد الأمم المتحدة والدول المستضعفة. فكم من قرار دولي أُجهض بكلمة “فيتو”!!، وكم من مناطق أُثيرت فيها النزاعات ونزف الدم رخيصاً!! نسجت خيوطها أيدٍ خبيثة لشركات السلاح ومصالح الدول الكبرى؛ لتضيع حقوق الإنسان في غياهب أدراج الأمم المتحدة وحكومات الدول التي تدرجها في دساتير لا تعمل بها، فيصبح الإنسان رقماً يمشي منتصباً على قدمين وقد ضاعت حقوقه بين النصوص المكتوبة وبين التطبيق. وكم من إنسان مغيّب تحت التراب أو في سجون مظلمة بقانون موقوف عن التنفيذ، ودستور علاه الغبار واصفرّت أوراقه. وكم من إنسان تائه تسرّب عبر البحار والصحاري والغايات يبحث عن ذاته الإنسانية لاجئاً في بلاد الاغتراب. وكم من نساء تسربلن بالسواد ثكالى وأرامل. وكم من أطفال يتامى لم يروا وجوه آبائهم. وكم من شيوخ أحنت الأيام ظهورهم يبكون على قبور أولادهم، وكم من شعوب أثقلت كاهلها المواثيق غير المعمول بها، أبناؤها مهجّرون في أصقاع المعمورة، والسؤال يثار ونحن في بداية 2024: أما آن الأوان لعالمنا المضطرب أن يهدأ ويستقر؟ ألا يحق لهذا الإنسان المضطهد أن ينعم بالحرية والعيش الكريم؟ أما حان أن يُعدّل ميثاق الأمم المتحدة ومجلس الأمن لإيقاف حق الفيتو والعضوية الدائمة للدول الكبرى؛ لتتساوى جميع الأمم كبيرها وصغيرها في حق التمثيل؟ أما آن للضمير العالمي أن يفتح عينيه على الحقيقة المغيّبة فيوقف النزاعات، ويعمل بروح التسامح والمحبة والسلام؟!!

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني