fbpx

غلاء الخبز وحرب لقمة العيش.. غياب الخدمات والفساد في المجالس.. كيف هي أحوال الناس في المناطق المحررة؟

0 295

يرتفع سعر الخبز في الشمال السوري يوماً بعد يوم تزامناً مع تدهور قيمة الليرة السورية، كما ﺗﺮﺍﺟﻊ ﻭﺯﻥ ﻛﻴﺲ ﺍﻟﺨﺒﺰ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻠﺤﻮﻅ، ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﺧﻠﻖ ﺃﺯﻣﺔ ﻣﺎﺩﻳﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻟﺪﻯ ﺍﻷﻫﺎﻟﻲ ﺗﻀﺎﻑ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﺭﺗﻔﺎﻉ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻓﻲ ﺃﺳﻌﺎﺭ ﺍلسلع، وجعلهم يشتكون من صعوبة تأمين حاجتهم من مادة الخبز الأساسية لاستمرار الحياة، وولّد امتعاضاً شعبياً نتيجة تردي الوضع المعيشي.

أبو مروان صاحب مخبز في مدينة إدلب يقول لـ نينار: “حين تتوقف المنظمات العاملة في الشمال السوري ﻋﻦ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺍﻟﺪﻋﻢ للمخابز، وتقديم الطحين بأسعار مخفضة، نعمد ﺇﻟﻰ ﺷﺮﺍئه ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻮﻕ ﺍﻟﺤﺮﺓ ﺑﺎﻟﺪﻭﻻﺭ، ﻭﻧﺘﻴﺠﺔ ﺍﺭﺗﻔﺎﻉ ﺳﻌﺮ ﺻﺮﻑ ﺍﻟﺪﻭﻻﺭ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺍﻟﻠﻴﺮﺓ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ ﻭﻏﻼﺀ ﺍﻟﻤﺤﺮﻭﻗﺎﺕ ﻳﺰﻳﺪ ﺳﻌﺮ ﺍﻟﺮﺑﻄﺔ ﺟﺮﺍﺀ ﺍﺭﺗﻔﺎﻉ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ ﺇﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﺨﺒﺰ.

ﻭﺃﺷﺎﺭ ﺇﻟﻰ أن ﻋﺎﻣﻞ ﺍﻟﺼﻴﺎﻧﺔ ﺍﻟﻤﺘﺰﺍﻳﺪ ﻟﻶﻻﺕ ﻓﻲ ﺍﻷﻓﺮﺍﻥ يزيد من الأعباء الملقاة على عاتق أصحاب المخابز.

ﺍﺭﺗﻔﺎﻉ أﺳﻌﺎﺭ الخبز ﺍﻧﻌﻜﺲ ﺑﺸﻜﻞ ﺳﻠﺒﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ، ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﺍﻟﻨﺎﺯﺣﻴﻦ، ﺇﺿﺎﻓﺔً ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻮﺍﺋﻞ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ، ﺣﻴﺚ تحتاج ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ ﺍﻟﻤﺆﻟﻔﺔ ﻣﻦ ﺳﺒﻌﺔ ﺃﺷﺨﺎﺹ ﺛﻼﺙ ﺭﺑﻄﺎﺕ ﺧﺒﺰ ﺑﺸﻜﻞ ﻳﻮﻣﻲ على  الأقل، ﻭﻻ ﻳﺘﻮﺍﻓﻖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺼﺮﻭﻑ ﻣﻊ ﺍﻟﺪﺧﻞ ﺍﻟﻴﻮﻣﻲ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻊ ﺗﻮﻗﻒ ﻋﺸﺮﺍﺕ ﺍﻟﻤﻌﺎﻣﻞ ﻭﺍﻟﻤﺼﺎﻧﻊ ﻭﺍﺭﺗﻔﺎﻉ معدلات ﺍﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ ﺇﺩﻟﺐ ﺟﺮﺍﺀ ﺗﺰﺍﻳﺪ ﺍﻷﻋﺪﺍﺩ ﺍﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﻧﺰﻭﺡ سكان ﻣﺌﺎﺕ ﺍﻟﻤﺪﻥ ﻭﺍﻟﺒﻠﺪﺍﺕ ﻣﻦ ﺃﺭﻳﺎﻑ ﺣﻤﺎﺓ ﻭﺣﻠﺐ ﻭﺇﺩﻟﺐ.

مصطفى من مدينة حارم يستنكر ارتفاع سعر مادة الخبز، ويشكو عجزه عن تأمين رغيف أطفاله، وعن ذلك يقول لـ نينار: “ﺇﻧﻬﻢ ﻳﺤﺎﺭﺑﻮﻧﻨﺎ ﺑﻠﻘﻤﺔ ﻋﻴﺸﻨﺎ، حيث لاتزال حكومة الإنقاذ تضيق علينا، وتتجاهل معاناتنا، وتستمر في فرض الضرائب والرسوم، كما  يغيب ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ ﻭﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﺤﺎﻝ ﺍﻷﻫﺎﻟﻲ ﻭﺍﻟﻤﻬﺠﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ.”

ويبين مصطفى أنه أب لسبعة أبناء، وعاطل عن العمل بسبب إصابة حربية في يده، لذلك يعجز عن تأمين ثمن الخبز في كثير من الأيام.

أم علاء نازحة من ريف حماة إلى مدينة بنش تعمل مع ولدها لتأمين الخبز وعن ذلك تتحدث قائلة: “حتى الخبز أصبح تأمينه عبئاً علينا، حيث أعمل مع ولدي في جمع المواد القابلة للبيع من مكبات القمامة لبيعها والاستفادة من ثمنها.”

تشير أم علاء أنها كانت سابقاً تشتري بعض الخضار، ولكن مع ارتفاع سعر الخبز إلى حد كبير، بات دخلها اليومي بالكاد يكفي لتأمين مادة الخبز وحدها.

وفي السياق فإن “حكومة الإنقاذ” التابعة لـ “هيئة تحرير الشام” هي من تقوم بتسعير مادة الخبز في المناطق المحررة، حيث قامت مؤخراً برفع سعر ربطة الخبز في مناطق سيطرتها شمال سوريا وأنقصت وزنها ليصبح كيس الخبز بوزن 650 غراماً يباع بمبلغ 600 ليرة سورية.

أحمد عبد الملك معاون وزير الاقتصاد والموارد في حكومة الإنقاذ يقول: “يعود ﺳﺒﺐ ﺍﺭﺗﻔﺎﻉ ﺳﻌﺮ ﺍﻟﺨﺒﺰ إلى ﺍﻻﻧﻬﻴﺎﺭ ﺍﻟﻤﺘﺴﺎﺭﻉ ﻓﻲ ﺳﻌﺮ ﺻﺮﻑ ﺍﻟﻠﻴﺮﺓ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺪﻭﻻﺭ، ﻭﻋﺪﻡ الاﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﻓﻲ ﻋﻤﻞ ﺍﻷﻓﺮﺍﻥ ﻭﻓﻲ ﺁﻟﻴﺔ ﺍﻟﺒﻴﻊ.” ﻣﻮﺿﺤﺎً ﺃﻥ “ﺍﻟﻤﻮﺍﺩ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﺔ ﻓﻲ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﺨﺒﺰ ﻛﺎﻟﻄﺤﻴﻦ ﻭﺍﻟﺨﻤﻴﺮﺓ ﻭﺍﻟﻤﺎﺯﻭﺕ ﻳﺘﻢ استيرادها من تركيا وﺩﻓﻊ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﺪﻭﻻﺭ.”

ويضيف: “لدينا معوقات بالتسعير بسبب تضارب سعر الليرة السورية أمام الدولار، لكننا نحاول ضبط السعر من خلال لقاءات الجهات المعنية في حكومة الإنقاذ مع المنظمات لزيادة كمية الدعم المقدم لمادة الخبز، حيث اعتُمد تأمين 10-15 ألف ربطة خبز مدعوم يومياً لتوزيعه على مستحقيه في كامل المناطق المحررة.”

ويشير إلى أن معظم الأفران في المنطقة خاصة، أما نسبة الأفران العامة فلا تتجاوز 10 بالمئة في المناطق المحررة، مؤكداً ﻭﺟﻮﺩ ﻋﻤﻞ ﺟﺎﺭٍ ﻭﻣﺘﻮﺍﺻﻞ لحل المشكلة من خلال اﺳﺘﺒﺪﺍﻝ ﺍﻟﻌﻤﻠﺔ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳّﺔ المتهاوية، ﻭﺍﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻤﻠﺔ ﻟﻠﺘﺪاﻭﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﻤﺤﺮﺭﺓ كالدولار أو الليرة التركية.

مع تفاقم الوضع المعيشي للأهالي في الشمال السوري ونزيف الليرة السورية وموجة الغلاء التي تجتاح المنطقة، بات من الصعب تأمين الاحتياجات اللازمة لاستمرار الحياة، حتى الحصول على رغيف الخبز أصبح حلماً بالنسبة للكثيرين وسط إهمال الجهات المعنية وعجزها عن تدارك الأزمة الاقتصادية الخانقة.

غياب الخدمات:

تغيب الخدمات الأساسية كافة عن الأهالي في المناطق المحررة، دون وجود سبب واضح لهذا الأمر من قبل الجهات المسؤولة عن تقديمها سواء من المجالس المحلية أو الحكومة المؤقتة وحتى حكومة الإنقاذ، إذ تتبع أغلب المجالس حاليا لحكومة الإنقاذ التي تبرر غياب الخدمات بتوقف الدعم عنها من قبل المنظمات بحسب ما تحدث محمد فيضو رئيس المجلس المحلي في قرية خربة الجوز لموقع نينار برس، الذي أكد أن حكومة الإنقاذ تسعى لتأمين الدعم للمجالس لكن لا يوجد أي تجاوب من قبل المنظمات وهناك غياب كامل للمشاريع الأساسية، موضحاً أن عملهم حالياً مقتصر على تقديم بعض المشاريع البسيطة والعاجلة كمشروع تأمين الخبز المجاني للأهالي المحتاجين في المنطقة حالياً وخصوصاً النازحين في ظل ارتفاع سعره بشكل كبير وعجز الكثير من الناس على تأمينه.

حاجات الأهالي:

تحتاج المناطق المحررة للكثير من الخدمات والمشاريع أبرزها مشروع الكهرباء إذ تغيب عنها الكهرباء منذ أكثر من تسع سنوات ويعتمد الناس على مولدات الطاقة وعلى الاشتراكات بالأمبيرات، فضلاً عن الحاجة لتحسين وضع الطرقات التي باتت تشكل عائقاً كبيراً أمام حركة الأهالي والتنقل، هذا عدا عن موضوع النظافة ومشاريع المياه والصرف الصحي، والمخيمات.

يتحدث أبو ابراهيم مدير أحد المخيمات في مناطق ريف إدلب الغربي، لـ نينار برس، اإن المنطقة تحتاج إلى مشاريع عديدة وخدمات كثيرة لكن لايوجد نية حقيقة للعمل من قبل المسؤولين عن هذا الأمر ففي كل عام تتكرر المشاريع ذاتها من تبديل خيم أو توزيع ملابس وسلل غذائية، بينما يتم التغاضي عن الحاجات الأهم والتي يمكن أن تساهم في تغيير أحوال الناس من استبدال الخيم بغرف أو حتى تعبيد الطرقات الرئيسية كطرقات المشافي والمخيمات والمعابر الحدودية، أو حتى مشاريع الدعم للقطاع الزراعي والمساعدة في تصريف المنتجات أو فتح مشاريع إنتاجية بدلاً من الااعتماد على موضوع الإغاثة والسلل الغذائية وتوزيع المساعدات.

من جانبه بين الناشط المدني يحيى محمد أنه يوجد بعض المشاريع والنقاط الطبية والمشافي والمراكز التعليمية لكن لا تلبي حاجات الناس والكثافة السكانية خصوصاً في مناطق التجمعات وبالقرب من المناطق الحدودية مع تركيا كالمخيمات، معتبراً أنه لا يمكن إحصاء حاجات الناس لأنهم بحاجة كل شيء من دعم للأفران وتوفير الخبز والماء وأمور النظافة وموضوع التنظيم وتقديم الخدمات المدنية والسجلات والمعاملات المدنية، التي يتم إرجاعها للمحاكم الشرعية.

كذلك أكد مصطفى حاج بكري المسؤول في المجلس المحلي لمحافظة اللاذقية سابقاً، أن هناك الكثير من المشاريع الملحة والعاجلة التي يجب تنفيذها خلال الفترة الحرجة التي تمر بها المناطق المحررة أبرزها مشروع استبدال الليرة السورية واستعمال عملة غيرها في ظل الانهيار السريع للعملة، كالعملة التركية لتحقيق استقرار للأهالي في المناطق المحررة ولكي لا تتأثر هذه المناطق يما يحصل من عقوبات على النظام وانهيار للعملة، فضلاً عن الأعمال الخدمية الأخرى التي يتوجب على الجهات العاملة في المناطق المحررة حالياً تقديمها.

فساد في المجالس والحكومات:

يتهم معظم الأهالي في المناطق المحررة المجالس المحلية العاملة حالياً والحكومات سواء المؤقتة وحكومة الإنقاذ بالفساد المستشري وسط غياب المسؤولية تجاه الناس وخصوصاً النازحين والعمل على تحقيق مصالحهم الشخصية، وذلك بحسب أغلب الاآراء التي تم الرجوع إليها خلال إنجاز هذا التحقيق وهناك محاولات لأخذ آراء المسؤولين في الحكومة المؤقتة لكن لم يكن هناك أي استجابة من قبلهم.

توضح هبة محمد إحدى سكان إدلب، أنه لا يوجد أي مشاريع حقيقة وأغلب ما يتم تنفيذه من مشاريع هي مشاريع إغاثية تتضمن توزيع السلل والمساعدات، وتسعى مختلف المجالس للعمل بها لما تتيحه من مجال للسرقة والمحسوبيات، فضلاً عن قلة تكاليف العمل بها وسهولة وسرعة تنفيذها.

من جانبه اتهم حاج بكري حكومة الإنقاذ وسيطرتها على عمل المجالس بغياب المشاريع لأن المنظمات لايمكنها أن تتعامل معها وهي تعتبر الجناح السياسي للإرهاب ولهيئة تحرير الشام، منوهاً أن ما تقدمه من مشاريع إغاثية تغيب عنها الرقابة، تأتي بهدف إخضاع وإسكات الناس بحجة أنهم غير قادرين على تنفيذ مشاريع ذات تكاليف عالية وتحتاج لعمل وجهد ووقت في ظل القصف والنزوح وعدم الاستقرار ولكن هذا كله بهدف السرقة وتحصيل المزيد من السيطرة والإخضاع للناس ومحاربتهم بلقمة عيشهم إضافة إلى السرقات التي يقومون بجنيها من وراء هذه الإغاثة.

يشار إلى أن معظم المجالس المحلية العاملة في المناطق المحررة في محافظة إدلب وريفها تتبع لحكومة الإنقاذ، بينما يختلف الوضع في مناطق أرياف حلب ذات السيطرة التركية فهناك يتم تنفيذ مشاريع خدمية متنوعة من كهرباء وماء وطرقات ومشافي ومراكز تعليم وتتبع هذه المجالس للحكومة المؤقتة وتعمل بدعم ووصاية من قبل الحكومة التركية.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني