fbpx

لا عـذر للعنف

0 107

خُلقت زهرة تنثر عطرها فيضوع حبّاً وحناناً، ويسبغ على الكون بهجة تعمّ الجميع. صارت ربّـة فغارت الذكورية، وحاصرتها…، وقيّدتها برؤاها. صمتت عصوراً؛ لكنّها وعت ذاتها فشمّرت عن ساعديها، وكشفت عن جبين وضّاح كان مستوراً. أزالت تلك اللّصاقة عن فمها وصرخت: لست عورة كما تدّعون، ولست بلا عقل، أنا الرّبة الأولى أخطأتُ عندما شاركتكم عرشي، وتنازلت لكم عن كثير من امتيازاتي. تجاوزتم الحدود واعتديتم على حقوقي، وضيّقتم عليّ الخناق، وهمشتموني، نسيتم مَنْ أنا، وادّعيتم أنّي ضعيفة فحبستموني بين جدران ذكوريتكم، ومارستم صنوف ألوان قوتكم. سجنتموني في معتقلات الحلال والحرام، وغيّبتموني في ظلام جهلكم، وأفقدتموني القوة بقيودكم عهوداً طويلة، وآن لي أن أصرخ، ولن أصمت بعد اليوم. أصرخ معبرة عن معاناتي عبر القرون. آن لكم أن تسمعوني: لست ضعيفة كما تظنون، لقد شاركتكم العمل في جميع المجالات حتى في غزو الفضاء. آن لكم أن تحترموا نصف مجتمعكم الآخر، وأن تصدقوا فيما تعلنون “السلام والكرامة والمساواة على كوكب ينعم بالصحة”، واعترافكم “بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والعدل والسلام في العالم”، وإيمانكم ” بحقوق الإنسان الأساسية وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء من حقوق متساوية.. في جوّ من الحرية أفسح”، وبما أعلنتم في المادة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان “يولد جميع الناس أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق”، وفي المادة الثانية “لكل إنسان حقّ التمتع بجميع الحقوق والحريات..”، وفي المادة الرابعة “لا يجوز استرقاق أحد أو استبعاده…”، وأن لا تمييز من أي نوع بسبب العنصر، أو الجنس، أو اللون، أو اللغة، أو الرأي، أو الدين، أو الأصل الاجتماعي أو الوطني؛ فأين المرأة من كل هذا؟

تصرّح الأمم المتحدة أن (736) مليون امرأة وقعن ضحايا العنف الجسدي أو الجنسي ولو لمرة واحدة في حياتهن، وأن المساعدات الحكومية تخصص (5%) لمكافحة العنف يُستثمَر أقلّ من (2%) منها للوقاية من العنف ضد المرأة في عالم مضطرب يمور بالنزاعات المسلحة والحروب التي حصدت ملايين الضحايا في حروب عبثية، ولم تزل تزهق الأرواح، وتدمر الإنسان والبيئة. تتحمّل المرأة فيها النصيب الأوفر والأكبر من المعاناة أمّاً، وبنتاً، وزوجة، وثكلى، وأرملة، ومربية أيتام؛ فمتى تصحو ذكوريتكم وتنشدون السلام والأمان للجميع على سطح كوكبنا؟

لا عذر لكم وأنتم في القرن الحادي والعشرين ولم يزل العنف ضد الأنثى، امرأة وفتاة، من أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشاراً في العالم. لا عذر لكم وأنتم ترفعون راية حقوق الإنسان دون أن تعملوا بها.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني