fbpx

الأحوال الشخصيّة للسوريين في بلاد اللجوء

0 212

يعاني اللاجئون السوريون في بلاد اللجوء من مشكلات تتعلّق بالأحوال الشخصيّة من زواج وطلاق ونسب وميراث وحقوق زوجيّة أخرى وخاصة اللاجئين الذين تزوّجوا وتناسلوا وفق أحكام القوانين الوطنيّة الاجنبيّة والتي تختلف أحكامها عن أحكام قانون الأحوال الشخصيّة السوري حيث إنّ القوانين الأجنبيّة ذات طبيعة مدنيّة بينما قانون الأحوال الشخصيّة السوريّ يستمدّ من أحكام الشريعة الإسلاميّة. ولكثرة الأسئلة التي تردنا حول طرق حل هذه المشاكل القانونيّة نبيّن ما يلي:

إنّ القوانين الأوروبيّة لا تعترف بالعقود ’’الشرعيّة العرفيّة‘‘ التي يلجأ إليها اللاجئون المسلمون للتحايل على تلك القوانين التي تشترط العقد المدني و تفرض عقوبات على من يعقد عقداً عرفياً قبل العقد المدني، الأمر الذي تسبب في مشكلات أسرية واجتماعية مُعقّدة منها زواج المُفارِقة زوجها الرسمي قبل أن يصدر القاضي الطلاق من رجل آخر زواجاً عرفياً ‘ أو ما يسببه غياب الزوج العُرفيّ من ضرر للزوجة وتركها كالمعلّقة لا هي متزوجة ولا هي مطلقة فتجوز خطبتها بالإضافة الى مشكلات نسب الأطفال وميراث بينهم في حال الوفاة.

الزواج كما عرّفته المادة الأولى من قانون الأحوال الشخصيّة السوريّ بأنهّ: عقد بين رجل وامرأة تحل له شرعاً غايته إنشاء رابطة للحياة المشتركة والنسل.

وقد وضع المشرّع السري شروط العقد وتسجيله المنصوص عنها في المادتين ’’44 و45‘‘ من قانون الأحوال الشخصيّة والتي ما إن توافرت يقوم المساعد بتسجيل الزواج في سجله المخصوص ويبعث بصورة عنه لدائرة الأحوال المدنية خلال عشرة أيام من تاريخ الزواج، ولا يمكن تسجيله ما لم تتوافر فيه أركان الزواج وسائر شرائط انعقاده وقفاً لنصّ المادة ’’47‘‘.

 كما نصّت المادة “39/2” منه على عدم جواز تثبيت الزواج المعقود خارج المحكمة إلا بعد استيفاء هذه الإجراءات على أنه إذا حصل ولد أو حمل ظاهر يثبت الزواج بدون هذه الإجراءات ولا يمنع ذلك من إيقاع العقوبة القانونية.

كما اعتبر المشرّع السوري الزواج العرفي جريمة تطال العاقد الديني وطرفي العقد والشهود من خلال المواد 469 حتى 472 من قانون العقوبات السوري تناولت الجرائم المتعلقة بالزواج حيث اعتبر ما يلي جرائم:

  • إذا عقد أحد رجال الدين زواج قاصر لم يتم الثامنة عشرة من عمره دون أن يدون في العقد رضى من له الولاية على القاصر أو أن يستعاض عنه بإذن.
  • رجل الدين الذي يعقد زواجاً قبل أن يتم الإعلانات وسائر المعاملات التي ينص عليها القانون أو الأحوال الشخصية أو يتولى زواج امرأة قبل انقضاء عدتها.
  • من تزوج بطريقة شرعية مع علمه ببطلان زواجه بسبب زواج سابق.
  • رجل الدين الذي يتولى عقد الزواج المذكور مع علمه بالرابطة الزوجية السابقة.

ينزل منزلة رجال الدين لتطبيق الأحكام السابقة المتعاقدون وممثلوهم والشهود الذين حضروا الزواج بصفتهم هذه.

ونصّت المادة ’’489/ب‘‘ على أنّه: تختص المحكمة الشرعية في تنظيم الوصية والوقف الخيري والحقوق المترتبة عليه وعقود الزواج وتثبيتها والطلاق والمخالعة ووثائق حصر الإرث الشرعي ونصب النائب الشرعي وفرض النفقة وإسقاطها بالتراضي ونسب الولد بإقرار أبويه وإثبات الأهليّة.

ونصّت المادة ’’490‘‘ على أنّه: تعد الوثائق المنظمة وفقا لأحكام المادة السابقة نافذة إلى أن يقضى ببطلانها أو تعديلها في قضاء الخصومة.

وقد عرّفت المادة ’’6‘‘ من قانون البينات السند الرسمي بأنّه: هو الذي يثبت فيه شخص مختص قانوناً بتنظيمه، أو مكلّف بخدمة عامة طبقاً للأوضاع القانونية، في حدود سلطته واختصاصه، ما تم على يديه.

فمن خلال هذه النصوص يتبيّن لنا أن صك الزواج من الصكوك الرسميّة يٌسند إلى موظف المحكمة الشرعيّة التحقّق من اركانه وشرائط انعقاده قبل التسجيل وبعد استكمالها وافراغها في سجل الزواج الخاص بالمحكمة الشرعيّة ويستمدّ حجيّته القانونيّة اتجاه طرفيه بعد التسجيل الذي يمنحه القوة الثبوتيّة التي لا يمكن الطعن بها إلّا بدعوى التزوير.

أو عن طريق البعثات القنصليّة التي تتولى دور مساعد المحكمة الشرعيّة في توثيق عقد الزواج وفق نقس الإجراءات والشروط.

وبالتالي لا يُمكن الاحتجاج امام محاكم الأحوال الشخصيّة أو دوائر الأحوال المدنيّة بأي سند لا تتوافر فيه هذه الأركان وشرائط الانعقاد بما يخصّ الزواج والطلاق و أثارهما حتى لو كان موثّقاً لدى سلطات قضائيّة أو توثيقيّة ’’الكتّاب بالعدل‘‘.

وقد نصّت المادة ’’3‘‘ من قانون أصول المحاكمات المدنيّة على أنّه: تختص المحاكم السورية بالدعاوى التي ترفع على السوري سواء أكان مقيما في سورية أم خارجها.

وبناءً على ما سبق نجد أن أحوال للاجئين السوريين فيما يتعلّق بالزواج ثلاث وهي:

  • أحوال اللذين تربطهم علاقات زواج موثّقة وفق الأصول أمام المحاكم السوريّة ويحملون صكوك زواج رسميّة: وهؤلاء يمكنهم التحاكم الى المحاكم السوريّة في الخصومات الناشئة عن عقد الزواج إمّا اصالةً في حال إمكانيّة مثولهم أمامها وإمّا بتوكيل وكلاء قانونيّين بالخصومة.
  • أحوال اللذين تربطهم علاقات زواج بموجب عقود عرفيّة: وهؤلاء تعتبر عقودهم صحيحة من الناحيّة الشرعيّة إذا لم تخالف احكام الشريعة الإسلاميّة كزواج المتعة او أي صيغة من صيغ الزواج مؤقتة أو أيّة نماذج مستحدثة للزواج مثل زواج المسلمة من غير المسلم، أو زواج المثليين او غيرها من أنواع الزواج المحرّمة شرعاً والتي تُبيحها قوانين دول اللجوء وحكم هذه الأحوال ما يلي:
  • في حال ’’التراضي‘‘ يمكن لهؤلاء اللجوء إلى القنصليات السوريّة لتوثيق هذه العقود بالطريقة الإداريّة وفقاً للشروط التي وضعتها السلطة أمام القنصلّ المختصّ الذي يقوم مقام مساعد المحكمة المختصّ بتسجيل عقود الزواج وبعد تحقيق الشروط واستكمال الأوراق المطلوبة يرسل الصك الى وزارة الداخلية لتسجيلها في سجلات الأحوال المدنيّة.
  • أمّا في حال ’’التنازع‘‘: إذا كان طرفي العقد من الجنسيّة السوريّة فيتوجّب على المُتضرّر توكيل محامي في سوريّة لرفع الدعوى امام المحكمة الشرعيّة المختصّة بتثبيت هذا الزواج ابتداءً ومن ثم المطالبة بالحقوق الأخرى المتولِّدة عن هذا العقد مثل النفقة أو الطلاق أو النسب أو الميراث أو غيرها من الحقوق الناشئة أو المرتبطة بعقد الزواج. وهو ما نصّت عليه المادة ’’8/هـ‘‘: إذا كان المدعي سوريا أو له موطن في سورية أو إذا لم يكن للمدعى عليه موطن معروف في الخارج أو إذا كان القانون السوري واجب التطبيق في موضوع الدعوى.
  • أما إذا كانت الزوجة سوريّة والزوج أجنبي كان له موطناً أو مقيماً في سورية فينطق عليها حكم المادة ’’8‘‘ من أصول المحاكمات المدنيّة التي تنصّ على أنّه: يجوز رفع الدعوى في سورية إذا لم يكن للمدعى عليه موطن أو سكن فيها في الأحوال الآتية:
  • إذا كانت الدعوى معارضة في عقد الزواج وكان العقد يراد إبرامه في سورية.
  • إذا كانت الدعوى بطلب التفريق أو الطلاق أو فسخ عقد الزواج وكانت مرفوعة من الزوجة السورية أو التي فقدت جنسيتها السورية بالزواج متى كانت مقيمة في سورية أو كانت الدعوى مرفوعة من الزوجة المقيمة في سورية على زوجها الذي كان له موطن أو سكن فيها متى كان الزوج قد هجر زوجته وجعل موطنه في الخارج بعد قيام سبب الطلاق أو التفريق أو الفسخ أو كان قد أبعد عن أراضي الجمهورية العربية السورية.

أحوال اللذين تربطهم علاقات زواج وفق القانون المدنيّ ’’ الزواج المدنيّ‘‘:

  • المرأة السوريّة المسلمة المتزوجة من مسلم ’’سوريّ أو غير سوريّ‘‘ أمام محكمة لا تأخذ بالأحكام الشرعيّة الإسلاميّة وحكمه ما قرّرته المادة ’’493‘‘ التي نصّت على أنّه: يمتنع على المحكمة الشرعية النظر في الدعاوى والمعاملات المتعلقة بأجنبي يخضع في بلاده لقانون مدني. وبالتالي ليس للصكوك الصادرة عنها حجيّة أمام القضاء الوطني السوريّ الأمر الذي يوجِب على أصحابها توثيق هذا الزواج عن طريق الإجراءات القنصليّة أو عن طريق اللجوء للقضاء في سورية إما حضوريّاً أو عبر وكلاء قانونيّين.
  • العقود المبرمة بين زوجين سوريين او سورية وأجنبي وفقاً لقوانين الأحوال الشخصيّة العربيّة والاسلاميّة فيحتاج إلى توافر شروط محدّدة حتى يمكن الاحتجاج به أمام المحاكم الوطنيّة في حال وجود اتفاقيات تعاون قضائي بين البلدين وشرط المعاملة بالمثل عندها يكون أمام أطراف هذه العقود خيار اللجوء الى القضاء السوري لإكساء هذه العقود صيغة التنفيذ وفقاُ لنص المادة ’’312‘‘ من قانون أصول المحاكمات التي تنصّ على أن: الأسناد الرسمية القابلة للتنفيذ المحررة خارج سورية يجوز الحكم بتنفيذها بنفس الشروط المقررة في قانون ذلك البلد لتنفيذ الأسناد الرسمية القابلة للتنفيذ المحررة في سورية أو وفقا لاتفاقية أو معاهدة دولية أو إقليمية أو ثنائية.
  • وينطبق الحكم على الاحكام القضائية الصادرة عن المحاكم الاجنبيّة وفقاً للمادة’’366‘‘ من قانون أصول المحاكمات أن: “الأحكام الصادرة في بلد أجنبي يجوز الحكم بتنفيذها بنفس الشروط المقررة في قانون ذلك البلد لتنفيذ الأحكام السورية فيه”.
  • المرأة السوريّة المسلمة المتزوجة من غير المسلم: هذا الزواج باطل لمخالفته الشريعة وقانون الأحوال الشخصيّة المادة ’’48/2‘‘ منه. وبالتالي لا يترتب على هذا الزواج أي أثر قانوني ولا تسمع أية دعوى ناشئة عنه.
  • المرأة أو الرجل أو المتحوّلون المرتبطون بعقد زواج ’’مثليين‘‘ كما هو دارج في بعض الدول: وحكمه البطلان وعدم سماع أيّة دعوى ناشئة عنه.
  • الطلاق: تسري الأحكام السابقة على الطلاق وفقاً للمادة ’’487‘‘ من قانون أصول المحاكمات المدنيّة التي نصّت على أنّه: تختص المحكمة الشرعية بالحكم بالدرجة الأخيرة في قضايا الأحوال الشخصية للمسلمين وتشمل: الزواج، انحلال الزواج، المهر والجهاز، الحضانة والرضاعة، النفقة بين الزوجين والأولاد، الوقف الخيري من حيث حكمه ولزومه وصحة شروطه.

الميراث:

نصّت المادة ’’7‘‘ من قانون أصول المحاكمات المدنيّة على أنّه: تختص المحاكم السورية في مسائل الإرث في الأحوال الآتية:

  • إذا كان آخر موطن للمتوفى في سورية.
  • إذا كان موطن المدعى عليهم كلهم أو بعضهم في سورية.
  • إذا كانت أموال التركة كلها أو بعضها في سورية وكان المورث سوريا أو الورثة كلهم أو بعضهم سوريين.
  • إذا كانت أموال التركة كلها أو بعضها في سورية وكانت محكمة محل فتح التركة غير مختصة طبقا لقانونها.

تسجيل واقعة الزواج وفق الطريق القنصليّ: تقوم البعثة بتسجيل واقعة الزواج للمواطنين السوريين ومن في حكمهم الحاصلة خارج الجمهورية العربية السورية وفقاً للشروط التالية:

  • إذا كان أحد الزوجين أجنبياً ’’غير عربي‘‘ يشترط الموافقة المسبقة من وزير الداخلية.
  • عقد زواج مبرم أصولاً لدى الدوائر المختصة في الدولة المقيم فيها.
  • قيد مدني حديث مصدق أصولاً للطرف السوري يثبت حالته العائلية.
  • بيان غير موفد من وزارة التعليم العالي وبيان غير موظف من السجل العام للموظفين مصدق أصولاً.
  • صورة جوازات السفر للطرفين.

شروط للحصول على موافقة وزير الداخلية الشروط التالية:

  • شهادة خلو الطرف الأجنبي من الأمراض السارية.
  • قيد نفوس للطرف الأجنبي أو ما يقوم مقامه صادر عن سلطات بلاده ومصدق أصولاً.
  • وثيقة المعمودية أو شهادة إشهار الاسلام مصدقة أصولاً.
  • موافقة سفارة بلاده على الزواج بالطرف السوري ويراعى في ذلك المعاملة بالمثل.
  • صورة جوازات الطرفين وصور شخصية ونشرتي استعلامات من وزارة الداخلية ’’قسم الزواج‘‘.
  • عقد الزواج إذا كان قد أبرم قبل ذلك وشهادات ولادات الأولاد إن حصلت.
  • وثيقة غير عامل ووثيقة غير موفد ووثيقة غير محكوم.

إجراءات التسجيل: تقوم البعثة بإحالة بيانات الزواج إلى وزارة الداخلية مديرية الشؤون المدنية وتمنح صاحب العلاقة نسخة من بيان الزواج.

  • تسجل واقعة الزواج مجاناً لدى البعثة خلال شهرين من تاريخ حدوث الواقعة ويستوفى غرامة مقدارها 50 دولار أمريكي او ما يعادلها بعد مضي هذه الفترة وقبل مرور سنة على تاريخ الواقعة وتصبح الغرامة 100 دولار أمريكي أو ما يعادلها إذا تجاوزت المهلة سنة ميلادية كاملة.

نرجو بعد بيان هذه الأحكام قد وفقنا بالإجابة على التساؤلات المطروحة وبيان الطرق القانونيّة لحلّ المشكلات التي يعاني منها الاخوة اللاجئين السوريّين فيما يتعلّق بأحوالهم الشخصيّة.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني