fbpx

نقاد

0 248

تغريهم الحقول الغريبة في ربيعها الأخّاذ

يدخلونها للقطاف

فيقطفون ثمرة من هنا وثمرة من هناك

ولا يروْن الزهر

لا يرون شقائق النعمان

والبنفسج وعرائس الياسمين

والشوك الحارس للورد الشامي

ويقدمون وصفاً فقيراً للحقل.

* * *

يتناولون النص بذوقهم المعاق

ويستلون قواعد القول القديم

سائرين على الصراط المستقيم

رافعين معجم الألفاظ على رؤوس الرماح

مستظهرين قول الآباء

فيهربون من انفجار اللغة

وشدة الأنور المشعة من الأفكار الوليدة

ويشتمون.

* * *

يحدقون في واجهة النص كما تحدق

امرأة جوفاء

في واجهة محال الأزياء المزركشة

ويبحثون عن بزة طاغية من طغاة القول العظيم

يلبسونها ويرصعونها بشارات وأسماء

تليق بظهورهم أمام الحشد

ومن على المنصات الملكية

يخطبون وعلى صدورهم شارات الولاء

فيمدحون ويقرعون لنيل الرضى.

* * *

يمرون في وادي النص في طريقهم إلى قمته

وبخطىً متعبة يصعدون ويصعدون

ويعدون خطاهم خطوة خطوة

وعيونهم بين أرجلهم

كلما صعدوا خطوة أو خطوتين

حطوا على السفح مستريحين

وسرعان ما ينال منهم التعب

فينزلقون عائدين إلى الوادي

شاتمين وعورة الطريق والقمم البعيدة

فيذمون النص وصاحبه.

* * *

يتجولون داخل غابات النص

حاملين آباءهم على ظهورهم

باحثين عن تناص هنا وتناص هناك

وحين تصفعهم اللغة اللقيطة على وجوههم

يحارون ويعودون إلى آبائهم خائبين.

* * *

يظنون بأن للقصر جدراناً ذات ثقوب

فيحومون حولها باحثين عن كوة هنا وشق هناك

علهم يسترقون النظر إلى ما في القصر من كنوز

جاهلين ببوابات الدخول المتعددة للقصر

وبالدرجات الخفية التي تقود إلى الشرف الواسعة

فيلملمون الأخضر الذي يطل من الجدران

ويعودون فرحين بما سطروا من آثار رحلتهم الخائبة

على ورق صقيل.

* * *

أعيتهم الرغبة في الحضور ولم يحضروا

توسلوا نصوص الآخرين

فضاعوا في دهاليز القصائد والقَصص

وأبنية الفيلسوف

فاختالوا في العتبات مرحاً

وكتبوا.

* * *

يخافون الغوص في أعماق البحر

ويصنعون من القش مراكب للشطوط الهادئة

يلتقطون الأصداف الملقاة على الشط

علهم يعثرون على لؤلؤ للبيع

فيفتحون الأصداف بأقلامهم المفلولة

من قراع الجمال

فيملؤون منابرهم باللزوجة الصفراء

ويكتبون خواءهم.

* * *

يتسللون إلى خزائن النص

مدججين بالأحقاد الدفينة

فيسرقون ما تيسر لهم ويعبثون

يشتمون ويمدحون ويحتجون

ثم يكتبون خيبة أمل كاذبة:

“فبعد كل هذا التعب الطويل

لم نقبض على صيد ثمين”.

* * *

يمرون خائفين بجوار النص

يفترشون اللغة الميتة

فتأخذهم سنة من نوم ويشخرون

وحين يستيقظون يكتبون شخيرهم

وينصرفون.

* * *

يتوهون في دروب النصوص العظيمة

يذهبون ويجيئون متأففين حائرين

من وعورة الدروب والمتاهات البديعة

ثم يخرجون منها بسلة صغيرة من الذكريات

الفقيرة.

* * *

استلوا أقلامهم علّهم يصعدون إبداعاً

لكن فقرهم وحرمانهم من موهبة اللعب

تصيبهم بعقدة الخصاء

فيعون خصاءهم

ويسترونه بنقد أسياد الكلام.

* * *

ناقد يطير بكل وقار وهيبة ومتعة وسعادة

في فضاء النص

فتكشف سناءات عينيه أسرار الكلام

ويتأمل خاشعاً جلال الماوراء

يراقب حركة النجوم

ويصغي لبوح العنادل

يحاور أزهار الجروح العميقة

ويرقص على موسيقا اللغة المتمردة

ويكتب روحه الفيّاضة

أملاً بالعودة

ومعتذراً من الميتا الواسع العميق.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني