fbpx

المرأة السورية والمعترك السياسي بعد الثورة.. إيجابيات وسلبيات

1 260

المرأة السورية قبل الثورة هي غيرها بعد الثورة، وتحديداً ما يتعلق بانخراطها بالعمل السياسي، فقبل الثورة كانت مشاركة المرأة محدودة في صناعة القرار السياسي، فالأحزاب بما فيها حزب النظام الأسدي لم تتح للمرأة في دوراً كبيراً في المشاركة بصناعة القرار السياسي، أو لعب دور قيادي واسع في الشأن العام.

هذه الحقيقة تتعلق بأمور كثيرة، منها طبيعة المجتمع ونظرته للمرأة، ومنها حداثة علاقة المرأة بالعمل السياسي وبشغلها مواقع متقدمة في صناعة القرار السياسي.

ومع ذلك فالثورة السورية خلخلت هذه البنية المجتمعية ودفعت بالمرأة إلى الصفوف الأولى في المشاركة بالتظاهرات أو بغيرها من الأعمال التي تخدم سياق الثورة.

قد تكون مسألة أسلمة الثورة وفق الذهنية السائدة، قد لعبت دوراً في تراجع دور المرأة السورية، رغم أن هذه الظاهرة هي هدرٌ لطاقات بشرية يمثّلها جمهور النساء، اللائي اكتسبن بعد استقلال سوريا شهادات علمية في شتى المجالات الطبية والهندسية والتربوية والخدمية، الخ.

إن الذهنية التي سادت قبل تفجّر الثورة السورية بما يخصّ العمل السياسي سواء في الانتماء للأحزاب، أو ممارسة دور قيادي في بناء السلطة السياسية، كانت ذهنية تنظر لمشاركة المرأة في هذا المجال على أنه خروج عن دور المرأة التقليدي كزوجة وأمٍ لأطفالها الذين يحتاجون الرعاية المستمرة، ولهذا سادت رؤى فكرية على أن المرأة لا تصلح لأعمال يشغلها الرجل في كثير من المجالات، وهذه رؤية قاصرة تقف خلفها النظرة الدونية للمرأة وخبراتها وقدرتها على القيام بمهام في الشأن العام أو في سوق العمل.

ولكن يجب الاعتراف أن سبب ضعف مشاركة المرأة في العمل السياسي يقف خلفه في المرحلة الحالية قلة خبرتها فيه، رغم أن المجتمع الدولي بعد الثورة منحها زخماً في شأن المشاركة بصناعة القرار السياسي، وهذا توضّح من خلال ما سمي “نساء ديمستورا”، حيث عمل هذا المبعوث على دفع المرأة السورية على الانخراط السياسي بموضوع المفاوضات بين قوى الثورة والمعارضة والنظام الأسدي.

إن تشجيع انخراط المرأة بالمعترك السياسي العام في سوريا، سيقدّم لهذا المعترك قيمة مضافة، فالنساء عدا عن كونهن نصف المجتمع، فهن يمتلكن طاقات إبداعية وعملية في مجالات التطوير المجتمعي والبناء والتنمية وإنتاج المعرفة والثقافة والفن.

لهذا يجب أن تسود المشاركة على قاعدة تشتقها قيادات قوى الثورة والمعارضة، هذه القاعدة يمكن أن تكون “غوته” أو حصة من صناعة القرار، تشغلها المرأة في هياكل المجالس المحلية ومؤسسات الشأن العام، على ألا تقلّ مبدئياً في المراحل الأولى عن نسبة ثلاثين بالمئة. تزداد تدريجياً وفق خطط تنمية واقع المرأة السورية، هذه النسبة يجب أن تظهر بوثائق المؤسسات الوطنية القائدة للدولة والمجتمع، وأن تظهر في الدستور الوطني، بحيث لا يمكن للذكور شغل مقاعد الإناث بأي صورة من الصور.

وأخيراً يجب تغيير الأفكار والعادات والتقاليد التي تحط من مكانة المرأة ودعمها للدخول في المسار التشاركي

ويجب دعمها بكل الوسائل لتساهم في المفاوضات السياسية بفعالية وتكون جزءاً من العملية السياسية الإنتقالية وعلى رأس عملية إعادة البناء والإعمار السياسي والاجتماعي والاقتصادي

وجود المرأة من أساسيات مراحل السلم ولديها من الحكمة والقدرة مايكفي لتكون من أساسياته والمشاركة السياسية والقيادية للمراة هي حق يجب ان تحصل عليه وواجب يجب أن تقوم به وليس مكرمة او هبة تمنح لها وتقول ميشيل باشيليت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان: “أينما وجد نزاع فالمرأة يجب أن تكون جزءاً من الحل”.

وهذا مايجب على السوريين أن يعوه لأنه أمر ضروري للإنتقال إلى دولة المواطنة العادلة دولة القانون والديمقراطية والمساواة.

1 تعليق
  1. عفاف الرشيد says

    نحن بحاجة إلى تغيير المفهوم الثقافي المأخوذ من العرف الاجتماعي الذي يرسخ عدم جدارة النساء في المناصب القيادية العليا، بينما المرأة السورية هي متميزة بنشاطها على صعيد إدارة عملها وتربية أطفالها وأمور بيتها

    وكثيرا من العائلات كانوا يفضلون ان يخطبوا لابنائهم فتيات ذوات علم وعمل كي يتعاونا معا في مواجهة ظروف الحياة

    اليوم نرى المرأة السورية أكثر وعيا ونضجا وهي قائدة بمعنى الكلمة في إدارة شؤون واوجاع أسرتها في اللجوء او النزوح

    أرى أنه تحت مظلة قانونية عادلة ومظلة واجتماعية متحضرة ستكون المراة السورية رائدة على جميع الأصعدة

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني