fbpx

قاب قوسين وأبعد

0 191

هل يتضاءل التفاؤل بالتغيير في قادم الأيام؟

عالمنا اليوم يقف على رجل واحدة، وينظر إلى الأمور بعين واحدة، ويستعمل يديه الاثنتين معاً في حلّها. لماذا؟.

سؤال يطرح نفسه على المرء أينما وُجد، وتتفتّق عنه أسئلة كثيرة في خضم الأحداث العالمية المتسارعة، وتناطح كباش العالم على ساحة كوكبنا، هذا الكوكب الذي حبته الطبيعة في مجموعتنا الشمسية بكثير من الميزات التي عرفها الإنسان، وتفرّد بها عن غيره من الكواكب الأخرى، فهو حتى يومنا الكوكب الوحيد الصالح لوجود حياة عليه، والعابق بالنشاط البشري، والعقل الإنساني المتفاعل معه، والمطور لأشكال الحياة المختلفة والمتنوعة عبر مسيرة حضارته الطويلة منذ أن وُجد الإنسان على سطح أمّنا الأرض.

امتاز الإنسان من بين المخلوقات المتعددة والمختلفة الأنواع بالعقل والتدبر في هذا الكون الفسيح. تفاعل مع البيئة المحيطة وما فيها من تنوّع ثرّ، عايشها وحاول إخضاعها لرؤيته، وسعى لتذليلها وتسخيرها لمشيئته. دجّن الحيوانات واستخدمها في تنفيذ مقاصده وغاياته، وأثّر في الطبيعة عبر مسيرته الحضارية فلوّث عذريتها بنواتج ما صنعته يداه لتسهيل سبل حياته ورفاهية عيشه، وكوّن أسرة ثم قبيلة، ومدينة، ودولة، وامتدّ نشاطه واتسع فحاول السيطرة على أبعد من ذلك، ولم يتوقف حلمه يوماً، وكلّما تقدّم حضارياً ازداد قوة، وازداد شغفاً بالتوسع والهيمنة.

حلم الإسكندر الأكبر بالسيطرة على العالم وحكمِهِ، ومات دون تحقيق حلمه كفرد، وسيطرت روما على مساحات شاسعة وبلدان كثيرة وتفككت إمبراطوريتها، وامتدت إمبراطورية الدولة العربية من الهند شرقاً إلى إسبانيا غرباً وانحسرت مخلّفة دولاً، فهل كان ذلك بدافع المحبة والإخاء أم بشهوة الإنسان للهيمنة على الآخرين واستغلالهم؟

ما قامت تلك الإمبراطوريات عبر مسيرة الحضارة البشرية إلّا على العنف، فكم زُهِقت أرواح في رحى المعارك، ونزف دم الشباب، واغتُصِبت حرائر، وثكلت نساء، وترمّلت أخريات، وتيتّم أطفال، وتشرّدت أسر، ودمّرت بلاد تحت سنابك الجيوش المنتصرة التي لا تعرف رحمة ولا رأفة.

وهكذا يُولّد العنفُ العنفَ، إنّه ردة فعل المغلوب تجاه الغالب، وتستمر دورته مع الأيام والسنين، ويتفرّق الناس شيعاً متصارعة، وتلعب الفتنة بينهم – لُعِن مَنْ يوقظها – ويستمر جشع الأقوياء ويزداد للهيمنة على مقدرات الآخرين الأضعف.  

ومازال عالمنا يعاني الأمرّين من مظاهر العنف، ومازال شبح حربين عالميتين عالقاً في الأذهان، ورغم الدعوة العالمية للإخاء، مازالت تربية العنف تتنامى في الأجواء، وتجد الطريق ممهداً للكثيرين على الساحة الدولية. فإذا حاولت أوربا وأمريكا أن تتناسى مئات الآلاف والملايين التي سقطت قتلى في حروبها للسيطرة؛ فلن تنسى الشعوب التي وقع عليها الحيف، وستبقى ذاكرتها حيّة تتجدد كلما استمرت ظاهرة العنف تشتعل وترتفع رايتها في بقاع شتّى على سطح كوكب الأرض.

ها نحن اليوم في بداية العقد الثالث من الألفية الثالثة نقف على شفير هاوية تنذر بفناء البشرية إذا ما استُخدِمت الأسلحة النووية بفعل حماقة لا تقدّر عواقب حماقتها، وتعيش مناطق عديدة على لهيب ساخن في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وبعض آسيا وأمريكا اللاتينية، ووصل شرها إلى شرق أوربا، فهل من العقل والحكمة ما يحدث؟ وما هو دور هيئة الأمم المتحدة التي أُنشِئت لتجنّب العالم والأجيال المقبلة ويلات الحروب؟.

على ما يتبدّى للعيان سيبقى العالم يدور في حلقة مفرغة طالما أن مصالح الدول الكبرى في حالة صراع فيما بينها، وتبقى الدول النامية ساحة أو حلبة صراع لديكة هذه المصالح، وسيبقى شبح الدمار ماثلاً أمام أعيننا إذا لم تسعَ دول العالم كلها لوضع حلول للعنف المتزايد على المستوى الدولي، والوقوف بثقة وقفة إنسانية حازمة لكبح جماح الحروب، وتصحيح الثغرات التي خلّفتها الدول الكبرى المنتصرة عسكرياً في ميثاق الأمم المتحدة ونظام مجلس الأمن؛ لتتساوى الدول جميعها في أحقية التمثيل ديموقراطيّاً في منظمات الأمم المتحدة وهيئاتها كلها.

إنّ ما يوقظ الناس على شعاع من التفاؤل والأمل تطلّعُ شعوب العالم كافة، ودعوتها إلى التغيير نحو الأفضل، فقد آن الأوان لرفع شعار التسامح والصداقة وإسقاط العنف إلى غير رجعة ليعيش العالم في أمن وسلام وأمان ورفاهية دونما تفرقة أو تمييز بين الناس جميعاً لأيّ سبب كان.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني