fbpx

“هيومن رايتس ووتش” تحذر: الإعلان الدستوري الجديد يهدد الحقوق بسوريا

0 30

أثار الإعلان الدستوري الذي وقّعه الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع في 13 مارس، موجة قلق واسعة في الأوساط الحقوقية، وسط تحذيرات من أن الوثيقة التي يُفترض أن تؤسس لمرحلة انتقالية في سوريا قد تكرّس سلطات تنفيذية واسعة على حساب استقلال القضاء والحريات الأساسية.

وقالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” إن الإعلان يمنح الرئيس صلاحيات استثنائية تشمل التعيينات القضائية والتشريعية، دون أي ضوابط رقابية، ما يفتح الباب لتقويض مبدأ الفصل بين السلطات وإضعاف فرص بناء نظام ديمقراطي حقيقي بعد عقود من الاستبداد.

وأكد آدم كوغل، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في “هيومن رايتس ووتش”، أن الإعلان “يُخشى أن يؤدي إلى تعزيز قبضة السلطة التنفيذية في وقت حساس من تاريخ سوريا”، مشددًا على ضرورة بناء نظام يُحاسب جميع المسؤولين عن الانتهاكات والجرائم، بدلاً من إنتاج نسخة جديدة من الحكم الاستبدادي.

ورغم أن الوثيقة الدستورية تنص على مرحلة انتقالية تستمر خمس سنوات، تنتهي بإقرار دستور دائم وتنظيم انتخابات، إلا أن موادها تُظهر هيمنة رئاسية واضحة، إذ يعيّن الرئيس كامل أعضاء المحكمة الدستورية العليا من دون إشراف برلماني، في مادة أثارت انتقادات بأنها تقوّض أي فرصة حقيقية لاستقلال القضاء.
وتذهب المخاوف أبعد من ذلك، إذ يُمنح الرئيس أيضًا سلطة اختيار أعضاء البرلمان الانتقالي، إذ أنه يعيّن الثلث بشكل مباشر، فيما يتم اختيار الثلثين عبر لجنة يعينها هو بنفسه، حسب المادة 24، وهو ما يعزز سيطرته على المؤسسة التشريعية أيضًا.

وتوضح المنظمة الحقوقية الدولية أن مثل هذه التركيبة تُفضي إلى هيمنة شبه كاملة للسلطة التنفيذية، ما يحد من قدرة القضاء على محاسبة المسؤولين أو الطعن في القرارات الرئاسية، ويعرّض العملية الانتقالية لخطر الفشل في تحقيق العدالة والمساءلة.

وتشير “هيومن رايتس ووتش” إلى أن الإعلان، رغم احتوائه على بنود تتحدث عن دعم العدالة وحقوق الإنسان – مثل إلغاء قوانين استثنائية من عهد الأسد، وإبطال أحكام في قضايا الإرهاب، واستعادة ممتلكات مصادرة، وتأسيس هيئة للعدالة الانتقالية – فإن غياب الإشراف المستقل يجعل من الصعب التأكد من فعالية هذه التدابير.

كما يتضمن الإعلان مواد تحظر التعذيب والإخفاء القسري، وتكفل قرينة البراءة والحق في الإجراءات القانونية الواجبة، وتتعهد بالالتزام بالمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان. إلا أن المادة 49(3) تنص على تجريم “تمجيد نظام الأسد البائد ورموزه” أو “تبرير أو التهوين من جرائمه”، وهي صياغة مبهمة قد تُستخدم لتقييد حرية التعبير.
“نموذج مغلق”
وتحذّر “هيومن رايتس ووتش” من أن المادة الخاصة بسلطة الرئيس في تعيين الوزراء وإعفائهم (المادتان 31 و35) تُعزز نموذجًا رئاسيًا مغلقًا، لا يمنح البرلمان أي سلطة فعلية في مراقبة الحكومة أو محاسبة الرئيس، خاصة في ظل غياب آليات لعزله أو مراجعة قراراته.
وقد صرّح عضو لجنة صياغة الإعلان عبد الحميد العواك بأن الوزراء يرفعون تقاريرهم للرئيس فقط، ما يزيد من مركزية السلطة ويقلص هامش الشفافية والمساءلة.

ووسط هذه الانتقادات، دعت المنظمة السلطات السورية إلى مراجعة الإعلان الدستوري وإدراج ضمانات قوية لاستقلالية القضاء، وتعزيز الدور التشريعي الرقابي، بما يكفل الانتقال الحقيقي نحو نظام يحترم الحقوق ويحاسب المسؤولين عن الانتهاكات الماضية.

واختتم كوغل بالقول: “يجب ألا تكون المرحلة الانتقالية في سوريا غطاءً لترسيخ الحكم السلطوي مجددًا، بل فرصة حقيقية لبناء نظام ديمقراطي قائم على احترام الحقوق وسيادة القانون”.

وكان المحامي السوري، غزوان قرنفل قد قال لموقع “الحرة”، في تصريحات سابقة إن “الإعلان الدستوري هو مجرد رداء يراد منه إكساء مشروعية للسلطة القائمة، ومنحها صلاحيات مطلقة على المجتمع”.

واعتبر “أننا أمام نظام رئاسي مطلق”، مشددا على تحديد المرحلة الانتقالية بخمس سنوات هو “خطوة باتجاه تعزيز قدرة السلطة الحالية للإمساك بمفاصل السلطة والدولة”.

وأما الصحفي السوري، عبد الحميد توفيق، فقال إن”سوريا في حالة حطام كامل”، وأن السلطة تواجهها تحديات داخلية وخارجية كبيرة. وعلى أساس ذلك يمكن فهم الشق المتعلق بتحديد المرحلة الانتقالية لمدة 5 سنوات.
المصدر: الحرة

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني