fbpx

هولندا وكندا تجرّان النظام السوريّ إلى محكمة العدل الدوليّة

0 293

بعد سنتين من قيام الحكومة الهولندية والحكومة الكنديّة بالإجراءات الأوليّة لرفع الدعوى على النظام السوريّ أمام محكمة العدل الدوليّة والمتمثِّلة بوجوب تقديم مذكرة دبلوماسيّة إلى سلطات النظام تعرض فيه دعواها مع تقديم اقتراح للتسويّة وفي حال عدم الوصول للتسويّة يُلجأ للتحكيم والتي على ما يبدو أنّها فشلت الأمر الذي دفعهما لرفع الدعوى اليوم وفقاً لما ورد في البيان الصحفي الصادر عن محكمة العدل الدوليّة المؤرّخ في 12/6/2023.

موضوع الادعاء كما ورد في البيان الصحفيّ:

انتهاك النظام السوري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة “اتفاقية مناهضة التعذيب” ووفقاً للادعاء المُقدّم تشمل هذه الانتهاكات استخدام التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، بما في ذلك من خلال المعاملة المقيتة للمحتجزين، والظروف غير الإنسانية في أماكن الاحتجاز، والاختفاء القسري، واستخدام العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي، والعنف ضد الأطفال، يدعي مقدمو الطلبات أن “هذه الانتهاكات تتشمل أيضا استخدام الأسلحة الكيميائية التي كانت ممارسة بغيضة بشكل خاص لتخويف السكان المدنيين ومعاقبتهم، مما أدى إلى العديد من الوفيات والإصابات والمعاناة الجسدية والعقلية الشديدة”.

تأسيس الدعوى:

تسعى الحكومتان الكنديّة والهولنديّة إلى تأسيس اختصاص المحكمة على الفقرة “1” من المادة “36” من النظام الأساسي للمحكمة التي تنصّ على:

  1. يشمل اختصاص المحكمة جميع القضايا التي يحيلها الأطراف إليها وجميع المسائل المنصوص عليها بشكل خاص في ميثاق الأمم المتحدة أو في المعاهدات والاتفاقيات النافذة.
  2. يجوز للدول الأطراف في هذا النظام الأساسي أن تعلن في أي وقت أنها تعترف باختصاص المحكمة في جميع المنازعات القانونية المتعلقة بما يلي:

تفسير المعاهدة أي مسألة من مسائل القانون الدولي وجود أي حقيقة، إذا تم إثباتها، من شأنها أن تشكل انتهاكًا لالتزام دولي؛ طبيعة أو مدى الجبر الذي يتعين تقديمه عن خرق التزام دولي.

والفقرة “1” من المادة” 30″ من اتفاقية مناهضة التعذيب التي تعد سورية طرفا فيها والتي تنص على ما يلي: أي نزاع ينشأ بين دولتين أو أكثر من الدول فيما يتعلق بتفسير هذه الاتفاقية أو تنفيذها ولا يمكن تسويته عن طريق التفاوض، يطرح للتحكم بناء على طلب إحدى هذه الدول فإذا لم تتمكن الأطراف في غضون ستة أشهر من تاريخ طلب التحكيم من الموافقة على تنظيم التحكيم يجوز لأي من تلك الأطراف أن يحيل النزاع إلى محكمة العدل الدولية بتقديم طلب وفقا للنظام الأساسي لهذه المحكمة.

طلب تدابير تحفظيّة:

نظرا لاستمرار انتهاكات النظام، وبهدف حماية أرواح الأفراد وسلامتهم الجسدية والعقلية داخل سورية ممن يتعرضون حالًيا أو معرضون لخطر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة أو عقاب تقدّمت الحكومتين واستناداً للمادتين ” 73 و74 “من اللائحة الاجرائيّة للمحكمة بطلب فرض إجراءات تدابير مؤقّتة تتضمّن “الحفاظ على الحقوق المستحقة وحمايتها المنصوص عنها بالمادة “14” من اتفاقية مناهضة التعذيب التي تنصّ على:

  1. تضمن كل دولة طرف، في نظامها القانوني إنصاف من يتعرض لعمل من أعمال التعذيب وتمتعه بحق قابل للتنفيذ في تعويض عادل ومناسب بما في ذلك وسائل إعادة تأهيله على أكمل وجه ممكن وفي حالة وفاة المعتدى عليه نتيجة لعمل من أعمال التعذيب يكون للأشخاص الذين يعولهم الحق في التعويض.
  2. ليس في هذه المادة ما يمس أي حق للمعتدى عليه أو لغيره من الأشخاص فيما قد يوجد من تعويض بمقتضى القانون الوطني.

التعريف بمحكمة العدل الدولية:

تُعتبر محكمة العدل الدولية التي أنشأها ميثاق “الأمم المتحدة” الأداة القضائية الرئيسية للهيئة وتباشر وظائفها وفقا لأحكام نظامها الأساسي أي أنها إحدى منظمات الأمم المتحدة.

لا تحاكم أشخاص عن جرائم جنائية، ولكنها أيضا يمكنها النظر بدعاوى التعويض الناشئ عن جرائم جنائية ومنها جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية المادة “34” من نظامها الأساسي:

  1. للدول وحدها الحق في أن تكون أطرافا في الدعاوى التي ترفع للمحكمة.
  2. للمحكمة أن تطلب من الهيئات الدولية العامة المعلومات المتعلقة بالقضايا التي تنظر فيها. وتتلقى المحكمة ما تبتدرها به هذه الهيئات من المعلومات كل ذلك مع مراعاة الشروط المنصوص عليها في لائحتها الداخلية ووفقا لها.

وهي محكمة ليس لها طابع جنائيّ، وتنظر في النزاعات الدوليّة بين الدول والحكومات ذات الطابع المدنيّ “التعويضات” والخلافات على الحدود وانتهاك المواثيق والمعاهدات الدوليّة وتفسيرها وأية مسألة من مسائل القانون الدولي، تحقيق واقعة من الوقائع التي إذا ثبتت كانت خرقا لالتزام دولي، نوع التعويض المترتب على خرق التزام دولة ومدى هذا التعويض، المادة”36″ من نظامها الأساسي.

الفرق بين محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية:

محكمة العدل الدولية منظمة تابعة للأمم المتحدة ومختصة بتسوية النزاعات الدولية، وقد تأسست بتاريخ 26 حزيران 1945، يمكن لأي عضو في المنظمة الدولية اللجوء إليها في حال وجود تنازع أو خلاف قانوني، وتشكل هذه المحكمة الذراع القضائي لمنظمة الأمم المتحدة بموجب أحكام المادة “93”من الميثاق الدولي، كما إنها تقدم المشورة القانونية للهيئات الدولية التابعة للأمم المتحدة.

المحكمة الجنائية الدولية تأسست سنة 2002 كأول محكمة قادرة على محاكمة الأفراد المتهمين بجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم الاعتداء وينحصر اختصاص المحكمة بالنظر في الجرائم المرتكبة بعد 1/7/2020 تاريخ إنشائها، عندما دخل قانون روما للمحكمة الجنائية الدولية حيز التنفيذ. وهي مستقلة عن منظمة الأمم المتحدة.

مدى إلزاميّة أحكام وقرارات محكمة العدل الدوليّة:

تصدر أحكام وقرارات محكمة العدل الدوليّة بالدرجة القطعيّة ولا تقبل الطعن وهي ملزمة لأطراف الدعوى وهذه الصيغة الإلزاميّة متأتيّة من نصّ المادة “94” من ميثاق الأمم المتحدة التي تنصّ على:

  1. يتعهد كل عضو من أعضاء “الأمم المتحدة” أن ينزل على حكم محكمة العدل الدولية في أية قضية يكون طرفاً فيها.
  2. إذا امتنع أحد المتقاضين في قضية ما عن القيام بما يفرضه عليه حكم تصدره المحكمة، فللطرف الآخر أن يلجأ إلى مجلس الأمن، ولهذا المجلس، إذا رأى ضرورة لذلك أن يقدم توصياته أو يصدر قرارا بالتدابير التي يجب اتخاذها لتنفيذ هذا الحكم.

أهميّة هذه الدعوى:

تأتي أهميّة هذه الدعوى من كونها أول تحرّك دولي جدّي لمحاسبة النظام السوريّ أمام هيئة تتبع للأمم المتحدة وهي محكمة العدل الدوليّة، وفي حال إدانته يتوجب عليه تنفيذ مضمون قرار الخاص بالتدابير المؤقّتة أو الحكم النهائي وفي حال الامتناع يتم إبلاغ الأمين العام للأمم المتحدة الذي بدوره يتوجب عليه إحالتها إلى مجلس الأمن وفقاً للمادة “77” من اللائحة والفقرة “2” من المادة “41” من نظام المحكمة الأساسي لاتخاذ قرار بفرض آليات تنفيذها وفقاً للفقرة “2” من المادة”94″ من ميثاق الأمم المتحدة.

ما هو تأثير حق النقض على تنفيذ القرارات المؤقّتة أو الحكم النهائي؟

إن استخدام حق النقض من قبل أيٍ من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي يوقف تنفيذ القرارات المؤقّتة أو الحكم النهائي فيما إذا أحيل إلى مجلس الأمن كما حصل مع حكومة نيكارغوا في سنة 1986 عندما لجأت إلى المجلس لتنفيذ قرار محكمة العدل ضد الولايات المتحدّة بخصوص الأعمال العسكريّة وشبه العسكريّة الأمريكيّة في نيكارغوا وضدها حيث استخدمت الولايات المتحدّة حق النقض الأمر الذي حال دون تنفيذه، وبعد خمس سنوات وبعد تغيّر حكومة نيكارغوا في 1991 دخل الطرفين في مفاوضات لتسوية الخلاف واسفر عن اتفاق بينهما وانتهى بشطب القضيّة من سجل المحكمة.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني