“نظام الأسد بين متغيرات السياسة وثوابت الإدانات الحقوقية” ندوة حوارية بمشاركة الشبكة السورية لحقوق الإنسان
عقد مركز حرمون للدراسات المعاصرة، عبر البث المباشر، يوم الثلاثاء 21 أيلول 2021 ندوة بعنوان “نظام الأسد بين متغيرات السياسة وثوابت الإدانات الحقوقية”، واستضاف المركز كلاً من السيد فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، والسياسي والحقوقي أيمن أبو هاشم، والمحامية والكاتبة ربا الحمود، وأدارت الندوة الإعلامية ديمة ونوس.
تناولت الندوة التغيرات في السياسة الدولية تجاه النظام السوري ومحاولات تطبيع العلاقات معه، واستمرار الإدانات الدولية والأممية لانتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها النظام السوري، كما سلّطت الندوة الضوء على التقارير الأخيرة الصادرة عن لجنة التحقيق الدولية المستقلة ومنظمة العفو الدولية التي أكدت أن سورية لا تزال بلداً غير آمن لعودة اللاجئين، والأسباب التي دعت بعض اللاجئين للعودة إلى سورية، إضافة إلى استمرار النظام السوري في سياسة الاعتقال والإخفاء القسري والتعذيب حتى في حالة عدم وجود عمليات عسكرية ضده، واختتمت الندوة بالحديث عن الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها بقية أطراف النزاع في سورية.
استهلَّ السيد فضل عبد الغني مداخلته بالتأكيد على ثبات الموقف الحقوقي من انتهاكات النظام السوري منذ آذار 2011، وعدم استثماره سياسياً، مشيراً إلى ثلاثة تقارير دولية قد صدرت مؤخراً عن سورية، الأول عن لجنة التحقيق الدولية المستقلة، والثاني عن منظمة العفو الدولية، وأخيراً التقرير العالمي للتحالف الدولي للقضاء على الذخائر العنقودية، الذي أشار إلى أن سورية هي الدولة الوحيدة في العالم التي تشهد استخداماً مستمراً للأسلحة العنقودية منذ عام 2012.
وتطرَّق السيد عبد الغني إلى ما خلص إليه التقرير بشأن سورية، وقال إنه سجل أعلى حصيلة للضحايا في سورية في عام 2020، والتي شكلت ما نسبته 52% من حصيلة ضحايا الذخائر العنقودية على مستوى العالم، ولفتَ التقرير إلى خطورة مخلفات هذه الذخائر مستشهداً بما ذكره التقرير من أن 44% من إجمالي ضحايا الذخائر العنقودية كانوا من الأطفال و24% من الإناث؛ الأمر الذي يؤكد مجدداً على أن سورية بلد غير آمن على من يقطن فيها، كما أنها من باب أولى ليست ملاذاً آمناً لإعادة اللاجئين أو النازحين، وهذا ما أكد عليه أيضاً تقرير لجنة التحقيق الدولية الأخير الصادر في 14 أيلول 2021.
كما أكَّد السيد عبد الغني ما وردَ في تقرير منظمة العفو الدولية الأخير الصادر بعنوان “أنت ذاهب إلى الموت”، من أنَّ انتهاكات عديدة تمارس بحق اللاجئين العائدين إلى مناطق سيطرة النظام السوري، مُشيراً إلى تعرضهم للاعتقال التعسفي، والتعذيب، والإخفاء القسري، والابتزاز، وحتى حالات اغتصاب لأطفال، وأردفَ عبد الغني أن هذه الانتهاكات ذاتها تمارس بحق المقيمين في سورية وليس فقط بحق العائدين.
ورأى السيد فضل أنَّ هذه التقارير الثلاثة حملت رسالة واضحة إلى المجتمع الدولي، مفادها عدة نقاط:
النقطة الأولى: عدم التذرع بتوقف الأعمال القتالية، لأن انتهاكات النظام السوري لا تقتصر على القصف والتشريد، وتوقُّف نمط من أنماط الانتهاكات لا يعني وجود مناطق آمنة.
النقطة الثانية: قبول طلبات اللجوء المقدمة من قبل السوريين، وحثّ اللاجئين على عدم العودة، والتأكيد على أن إعادة أي لاجئ قسرياً سوف تعرضه لانتهاكات فظيعة، وتحميل الدولة التي أعادته جزءاً من المسؤولية الحقوقية القانونية.
النقطة الثالثة: ما دام نظام الأسد وأجهزته الأمنية القمعية المتوحشة مستمرون في السلطة فلن يكون هناك عودة آمنة وطوعية للاجئين والنازحين.
وأضاف السيد فضل فيما يتعلق باستمرار النظام السوري بتنفيذ عمليات الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب أن من أخطر النقاط أن المعتقل لدى النظام السوري لا يعلم ماهي عقوبته، ما مقدارها وحجمها، ومتى ستتوقف، وهذا بحد ذاته أسلوب تعذيب، حيث أن التعذيب لدى نظام الأسد غير مرتبط بسير الأعمال العسكرية.
وفي هذا السياق ذكر السيد عبد الغني بأن قرابة 141 ألف معتقل ومختف قسرياً لا يزالون اليوم في سجون النظام السوري، جميعهم يتعرضون للتعذيب بشكل مستمر، وهذا ما يجعل الوفيات بسبب التعذيب مستمرة، وبالتالي فإن نظام الأسد لا يزال يشكل خطراً وجودياً على جميع هؤلاء المعتقلين.
واختتم السيد عبد الغني حديثه بالقول: “إن إنكار ارتكاب الانتهاكات من قبل بقية أطراف النزاع، ومهاجمة الجهات التي تقوم بتوثيقها، يشير إلى أننا مازلنا بعيدين جداً عن مطالب الثورة في الحرية والكرامة لجميع السوريين، ويجب على مرتكب الانتهاك أولاً الاعتراف بما يتم ارتكابه، والتحقيق به، وخلق مساءلة حقيقية، وطرد المتورطين في هذا الانتهاك، وتعويض الضحايا والاعتذار لهم، ويجب على المعارضة السورية أن تلعب دوراً بارزاً في هذا الاتجاه لردع مرتكبي الانتهاكات وإيقافها، وتقديم بديل حضاري ديمقراطي للمجتمع السوري والمجتمع الدولي”