fbpx

نخشى أن تقلق

0 86

أرهفتِ السّمع.. أرهف السّمع..

– قال: لقد هزلت فلّة، ويتأفف الأولاد منها.

– سمعها: لقد هزل كليب، والأولاد أولى بالطعام.

– عسى أن يقدروا على العناية بأنفسهم.

– لقد عاش صديقاً كواحد منّا.

– ارميها خارجاً تبحث عن مأوى..

– اطرده علّه يجد مَن يعتني به.

– يعزّ عليّ فراقها.

– تعزّ عليّ صحبته.

نامت قلقة.. سهر متوجّساً…

مع شروق الشمس راحت تتلطّى بالجدار فوق الرصيف.. أغلقت سيّدته الباب بهدوء وفي عينيها همس اعتذار…

شاهدها.. رأته.. كأنهما على موعد. اقترب منها محيياً.. ما بكِ يا صديقتي؟

– همّ الصغار كبر.. لم يعد هناك وقت لأجالسهم

– كيف؟

– يشتغلون بعد المدرسة

– لماذا؟

– لتأمين الطعام وحاجات الدراسة

– ووالدهم؟

– مريض، وعاجز عن العمل، وأنتَ؟

– الحال من بعضها…

– أراكَ هزلت كثيراً؟

– شحّ الغذاء يا صديقتي

– وما العمل؟

– تعالي نبحث عمّا يسدّ الرمق

– أين؟

– في الحاويات على مفارق الطرق.

سارا معاً وهما يستذكران أيام العزّ، اقتربا من ناصية الشارع، قال: انظري هناك واحدة. وصلا إليها. أكياس ممزقة منثورة حولها غير المكدّسة فوقها. قال: تسلّقي ظهري لعل فيها شيئاً. صعدت آملة.. غاصت بين مقتنياتها.. لم تجد ما يؤكل.. نزلت وفي عينيها سؤال.. لم يسألها. ابتسمت: رحم الله أيام الشرفة.. هزّ رأسه.. أراكِ لم تتسخي؟!

– ليس هناك ما يعلق…، كلّها أكياس من كرتون

– لن تذهب هدراً

– لماذا؟

– سيستفيد بعضهم منها في التدفئة

– ألم يتحسّس أنفك رائحة ما؟

– تشمّمت الهواء.. نعم، لم أشمّ…

– حتى الحاويات تكتم رائحة فسادها!!

رآهما مشرّد، تقدّم سائلاً: مَن أنتما؟

– نحن، مثلك، ضالان، نبحث…، فما ترى؟

– نشكو الأمر لمسؤولي… قاطعاه

– إنّهم لا يحلّون، ولا…

– إذن، هيّا نبحث في مكان آخر، أو…

– أو ماذا؟

– ضاحكاً.. نرفع شكوى إلى الأمم المتحدة…!!

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني