fbpx

موسم الأعياد في دمشق يجدد أحزان السوريين ويزيد أوجاعهم وينكأ جروحهم

0 220

تستقبل دمشق عيد الفطر في فترة حرجة على جميع الأصعدة، بداية من الفقر المدقع وأوجاعه والأمعاء الخاوية التي لم يرهقها الصيام فحسب بل أنهكها الجوع الذي لا إفطار بعده، لا لشيء سوى بسبب خلو بيوتهم من لقمة الخبز، كما أخبرنا أحد سكان منطقة دف الشوك أن جيرانه يعجزوا عن تأمين الخبز لأبنائهم، كما علمت مصادرنا أن هذا هو حال معظم الأرياف الفقيرة أساساً، وزاد فقرها بفعل الحرب، والآن الحصار الذي عمق أوجاع السوريين، لا أدري أي عيد الذي ستستقبله سوريا بعد مرور حوالي عام على فرض الحصار بفعل قانون قيصر الذي كان له الانعكاس الأكبر على حال المواطنين، إذ سيطر الغلاء الفاحش على الأسواق السورية ووصلت البضائع إلى أسعار خيالية لم ولن يتخيلها المواطن حتى في أسوأ كوابيسه، والمعروف عن السوريين تجهيزاتهم الكبيرة للأعياد بشكل خاص من مأكل ومشرب وملبس، فلم يسبق أن تخلو بيوتهم من حلويات العيد وأطعمته بل كانوا يتفاخرون فيما بينهم بما يقدموه، فلكل منطقة سورية حلوياتها الخاصة تبعا لأهل المنطقة، أما المكسرات فكانت جزءاً أساسياً من طاولة العيد، وهي عبارة عن مائدة طعام توضع عليها ضيافة العيد التي كانت تتكون بشكل أساسي من المكسرات والحلويات بأنواعها سواء المصنوعة من التمر أو القشطة أو المكسرات بالإضافة إلى العصائر وأخيرا وليس آخراً الشوكولا والسكاكر والملبس الذي تشتهر به سوريا على وجه الخصوص، ولم يكن في سوريا عائلة لا تشتري لأطفالها بل وأحيانا لجميع أفراد العائلة ثياباً جديدة لإسعاد الأطفال وإضفاء البهجة على وجوههم ولكي يشعروا أنهم في يوم مميز وسعيد، وكما قلب بشار الأسد وحاشيته حياة السوريين إلى جحيم قلب أعيادهم لمآتم تتجدد فيها أحزانهم، فعلى الصعيد النفسي لا يمر العيد على عائلة سورية دون مسحة الحزن والكآبة، فلا تكاد تخلو عائلة سورية من غائب واحد على الأقل، منهم من استشهد ومنهم من غيب وفي أفضل الحالات مهاجر أو نازح إلى بلد آخر، فيجدد العيد أحزانهم ويفتح جروحهم التي لم تندمل بعد ولم تستطع الأيام أن تنسيهم أحبتهم، أما على الصعيد المادي، فقد اختفت طاولة العيد من أغلب البيوت السورية، وبعض العائلات امتنعت عن استقبال الضيوف لصعوبة الأوضاع الاقتصادية، فقد وصل سعر الكيلوغرام الواحد من الحلويات (المعمول أو البرازق) الذي تشتهر فيه سوريا إلى أكثر من 60 ألف ليرة سورية وراتب الموظف السوري 40 ألف أي لا يكفي ثمن كيلوغرام واحد، وعندما قرر رئيس النظام السوري مساعدتهم قدم ما أسماه المكرمة لمساعدة الموظفين والعسكريين، 50 ألف ليرة سورية فقط أي إنها أيضاً لا تكفي ثمن كيلوغرام واحد من الحلويات، ما يؤكد لنا حالة الانفصام والانفصال الكلي عن الواقع التي يعيشها بشار الأسد وحاشيته، وأكثر ما فطر قلوب الآباء والأمهات في سوريا، عجزهم عن شراء ملابس العيد لأطفالهم وعدم قدرتهم على إسعادهم بثياب جديدة تشعرهم بفرحة العيد.
قمنا بجولة في الأسواق، للاطلاع على أسعار ملابس الأطفال التي باتت خيالية لا تمت للواقع بصلة فقد وصل سعر أرخص قطعة ملابس إلى 60 ألف ليرة سورية أي أنك تحتاج لكسوة طفل واحد حوالي 150 ألف ليرة سورية، وإذا كان لديك أربعة أطفال فتحتاج إلى أكثر من 600 ألف ليرة سورية ثمن ملابس لهم، ربما يستغرب المتابع هذه الهوة الكبيرة بين الأسعار ودخل الفرد وخاصة أن 90% من الشعب السوري تحت خط الفقر لكن هناك 10% ليسوا أغنياء فحسب بل أصحاب مليارات، فكما ألقت الحرب الملايين إلى ما تحت خط الفقر رفعت العشرات من أمراء وتجار الحروب إلى عروش الغنى فتجد الأسواق والأسعار تخدم هؤلاء وتتجاهل باقي فئات الشعب، كما أن انعدام الرقابة والغياب التام لحماية المستهلك، أغرق الفقراء في بحور الغلاء.
للأسف لم يعد للأعياد أي نكهة فقد سلب النظام حياتهم وقتل كل أنواع الفرح في قلوبهم والآن يحاربهم في لقمة عيشهم، الآن وقد أصبحت كل أيام السوريين متشابهة، فإن همهم الوحيد لا يموتوا جوعاً.
للأسف لم يبق في حياة السوريين متسع للأعياد في ظل ظروف الغلاء والأزمات التي تصفع المواطن السوري صفعة تلو الأخرى في بلاد جعلت لقمة العيش اليومية للمواطن حلماً وجعلت الجوعَ هاجساً يؤرق باله سائلاً نفسه ماذا سيحمل له هذا اليوم من أوجاع جديدة.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني