أصدرت ثماني منظمات دولية من بينها الشبكة السورية لحقوق الإنسان، ومنظمة العفو الدولية وهيومن رايتس، يوم الخميس 2 أيار 2024 بيان مشترك بعنوان “احترموا القانون الدولي في اتفاق الهجرة بين الاتحاد الأوربي ولبنان”، وذلك قبل زيارة رئيسة “المفوضية الأوروبية” أورسولا فون دير لاين إلى بيروت، وقالت فيه:” بأن على السلطات اللبنانية والاتحاد الأوروبي، احترام التزامات الجانبين بموجب القانون الدولي، وعدم إعادة اللاجئين قسراً إلى سوريا طالما لم تتحقق شروط العودة الآمنة والطوعية والكريمة”.
وأوضح البيان بأن الحكومة اللبنانية في الأشهر الأخيرة، دعت إلى اتفاق هجرة بين الاتحاد الأوروبي ولبنان، يقدم بموجبه الاتحاد، وفقا لتقارير إعلامية، دعما مالياً إضافياً للأجهزة الأمنية اللبنانية لمنع الأشخاص، بمن فيهم اللاجئون السوريون والأفراد اللبنانيون وغيرهم من المواطنين الذين يعيشون في لبنان، من محاولة الوصول إلى الدول الأوروبية، بالإضافة إلى أن الاتفاق سيوسع نطاق برامج مساعدة العودة إلى ما يسمى بـ “المناطق الآمنة” داخل سوريا لتحفيز عودة اللاجئين.
وأشار البيان بأن هذا الاتفاق هذا هو الأحدث في سلسلة اتفاقيات تعاون في مجال الهجرة تَفاوَض عليها الاتحاد الأوروبي وتسعى إلى تجنيد دول ثالثة للحصول على مساعدتها في مراقبة الحدود، وتقوم على التنازل عن المسؤولية تجاه الأشخاص الذين يبحثون عن الأمان.
وأكد البيان بأن هذه الصفقات تُعرِّض الأفراد لمخاطر حقوقية، وتقلل مستوى حماية اللجوء، وتقوّض نظام الحماية الدولي ومعايير حماية الهجرة ككل، كما تتهرب هذه الاتفاقيات من الرقابة العامة والبرلمانية والقضائية في الاتحاد الأوروبي والدول الشريكة، وتفتقر في جميع الحالات إلى آليات المراقبة والرقابة الكافية لضمان عدم تواطؤ الاتحاد في انتهاكات حقوق الإنسان.
وأوضح البيان أن الأمم المتحدة تواصل التأكيد على أن الظروف في سوريا “لا تساعد على العودة الآمنة والكريمة”، مشيرةً إلى أن وكالة الاتحاد الأوربي للجوء في نيسان 2024، وجدت أن مستويات عالية وكبيرة من العنف العشوائي ما تزال مستمرة في معظم مناطق سوريا، وأن خطر التعرض للاضطهاد ما يزال واسع النطاق، مؤكدةً أنه في الأشهر الأخيرة، شهدت سوريا أسوأ تصعيد في أعمال العنف منذ العام 2020، حيث أصدرت “لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سورية” ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان” تقارير أكدت أن سوريا ما تزال غير آمنة للعودة وأن العائدين مستهدفون تحديدا عند عودتهم.
وأضاف البيان بأن منظمات حقوق الإنسان الدولية تواصل توثيق ارتكاب قوات الأمن السورية والميليشيات التابعة للحكومة الاحتجاز التعسفي والتعذيب والإخفاء والقتل بحق اللاجئين العائدين، مشيرةً على أن هذه الانتهاكات غالباً ما تكون نتيجة مباشرة لما ينظر إليه على أنه انتماء إلى المعارضة، لمجرّد أن الأفراد قرروا مغادرة البلاد والبحث عن ملجأ في مكان آخر.
وأكد البيان بأنه في ظل هذه الظروف، فإن مساعدة الاتحاد الأوروبي الموجَّهة إلى تمكين أو تحفيز عمليات الإعادة إلى سوريا قد تؤدي إلى العودة القسرية للاجئين، ما يجعل لبنان والاتحاد الأوروبي متواطئين في انتهاكات مبدأ القانون الدولي العرفي بشأن عدم الإعادة القسرية، الذي يُلزم الدول بعدم إعادة الأشخاص قسراً إلى دول يتعرضون فيها لخطر الاضطهاد أو غيره من الانتهاكات الحقوقية الجسيمة.
وأكد البيان بأن السلطات اللبنانية منذ العام 2019، ترّحل اللاجئين السوريين إلى سوريا بإجراءات موجزة، تشمل الإعادة القسرية عند الحدود، في انتهاك لمبدأ عدم الإعادة القسرية، لذلك، فإن دعم الاتحاد الأوروبي للأجهزة الأمنية اللبنانية للحد من تحركات الهجرة إلى أوروبا قد يؤدي إلى لجوء السوريين إلى طرق أطول وأكثر خطورة لمحاولة الوصول إلى شواطئ أوروبا لتجنب الترحيل القسري إلى سوريا، ما يجعلهم يعتمدون على شبكات التهريب ويعرضهم للاتجار بالبشر.
وأوضح البيان بأن لبنان لا تزال هي الدولة التي تستضيف أكبر عدد من اللاجئين بالنسبة لعدد السكان، حيث تقدر الحكومة أن 1.5 مليون لاجئ سوري يعيشون حاليا في البلاد، وأن لبنان يكافح لمساعدة اللاجئين وسط أزمة اقتصادية حادة دفعت أكثر من 80% من السكان إلى الفقر، مشيرةً إلى أن الدول المانحة، خفضت تمويلها لبرامج اللاجئين، كما أن القرارات الأخيرة التي اتخذتها الولايات المتحدة وعديد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بتعليق تمويل “وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى” (الأونروا)، التي تقدم المساعدة إلى 250 ألف فلسطيني في لبنان يعيش 80% منهم أصلا تحت خط الفقر، إلى مزيد من الضغط على اللاجئين في لبنان.
وختم البيان بجملة من التوصيات منها أن التعاون المُدار جيدا مع الدول الشريكة – على أساس حقوق الإنسان وسيادة القانون – من الممكن أن يؤدي إلى تحقيق النمو الشامل والتنمية المستدامة، وتعزيز الشراكات الاستراتيجية، موضحاً بأن مثل هذه الشراكات يجب أن تتضمن تقييمات للمخاطر والآثار المترتبة على حقوق الإنسان، والمراقبة المستقلة، وشروط تعليق التعاون في حال حدوث انتهاكات.
وأضاف البيان بأن من التوصيات بأن أي شراكة بين الاتحاد الأوروبي ولبنان في مجال الهجرة ينبغي أن تهدف إلى حماية اللاجئين السوريين في لبنان بسبلٍ تشمل وقف عمليات الترحيل بإجراءات موجزة، وطالب البيان الاتحاد الأوروبي بالالتزام بتوفير تمويل إضافي لدعم اللاجئين والمجتمعات اللبنانية المضيفة، وإعادة توطين عدد أكبر من اللاجئين السوريين المقيمين في لبنان في أوروبا، وإنهاء عمليات الإعادة غير القانونية من دول الاتحاد إلى لبنان، وضمان تقديم الدعم الكافي للأونروا.