منظمات حقوقية سورية تدين ممارسة التعذيب بحق الموقوفين والسجناء السوريين في لبنان
أصدرت 15 منظمة مدنية وحقوقية سورية، من ضمنها “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، يوم الجمعة 9 أيلول 2022، بيان مشترك، أدانت فيه السلطات اللبنانية لاعتقالها لاجئاً سورياً، وتعذيبه حتى الموت، كما ناشدت المنظمات الموقعة على البيان، وبأشد العبارات، ممارسة التعذيب من أي جهة كانت، باعتباره خرقاً جسيماً لحقوق الإنسان، وطالبت كل من السلطات اللبنانية، والأمم المتحدة والمجتمع الدولي، بالعمل على تنفيذ جملة من المطالب المحقة.
وجاء هذا البيان بعد حادثة اعتقال جهاز الأمن اللبناني، اللاجئ السوري “بشار عبد سعود”، في يوم الثلاثاء 30 آب 2022، وتعذيبه حتى الموت، حيث تم تسريب صورة الضحية، وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، وآثار التعذيب واضحة على جسده، كما أكدت عدة تقارير صحفية أن الضحية “بشار عبد سعود”، قد تعرض لتعذيب وحشي، وحروق، وكدمات، غطت أنحاء جسده، ناجمة عن ضرب مبرح وجلد بأسلاك معدنية.
وتحدث البيان عن معاناة معظم السجناء والموقوفين السوريين في مختلف السجون اللبنانية وبشكل خاص في سجن رومية – وهو الأكبر في لبنان – في ظل ظروف اعتقال سيئة، بدءاً من سوء المعاملة والتعذيب أثناء التحقيق، مروراً بإجراءات التقاضي التي تسبب اكتظاظ في السجون، نظراً للجوء القضاة للتوقيف الاحتياطي، والتوقيف دون مبرر، وبطء عمليات المحاكمة.
كما أشار البيان إلى الظروف الصحية السيئة، والإهمال الطبي وغياب الدواء، الذي تسبب بانتشار الأوبئة ووفاة ثلاثة أشخاص وفقاً لمعلومات صحفية، موضحاً أن الدولة اللبنانية قد توقفت عن تقديم الطبابة والدواء للمساجين، حيث بدأت تظهر وصفات طبية ممهورة بجملة “على نفقة ذويه”، وذلك بحسب شهادة سجين قدمها أحد السجناء في سجن رومية.
ووفق ما ورد في موقع وزارة العدل اللبنانية، فقد بلغ عدد السجناء في لبنان، ما لا يقل عن 6,989 سجيناً موزعين ما بين 5,391 في سجن رومية المركزي والسجون الأخرى، و1,598 موقوفاً في النظارات وقصور العدل وأماكن الاحتجاز التابعة لقوى الأمن الداخلي.
وتشير عدة شهادات أدلى بها عدد من الموقوفين إلى أن عدداً كبيراً من المعتقلين والموقوفين السوريين، في السجون اللبنانية، قد سبق وتم اعتقالهم على خلفية أحداث مدينة عرسال اللبنانية، التي وقعت بتاريخ 2 آب/ 2014، علماً أنهم لا صلة لهم بأحداث عرسال بناءً على أقوالهم، أو حتى لم يكونوا متواجدين ضمن نطاق المنطقة حينها.
كما أوضح البيان بأن معظم الأجهزة الأمنية اللبنانية، تقوم بمداهمات مباشرة لمنازل السوريين في لبنان، تحت ذريعة: (الإرهاب – تخريب ممتلكات الدولة اللبنانية – خطف وقتل أفراد الجيش اللبناني والقوى الأمنية – تشكيل مجموعات مسلحة – تجارة السلاح).
ووفقاً لتقرير نشرته منظمة العفو الدولية تحت عنوان “كم تمنيت أن أموت: لاجئون سوريون احتجزوا تعسفياً بتهم تتعلق بالإرهاب وتعرضوا للتعذيب في لبنان” بتاريخ 23 آذار 2021، وجاء فيه بأن مخابرات الجيش والأمن العام اللبناني، قامت بتعذيب ما لا يقل عن 25 محتجزاً من اللاجئين السوريين، بدءاً من الحرمان من النوم، والطعام، والإذلال والضرب والتعذيب بالأجهزة الكهربائية، وغياب الرعاية الطبية.
المطالب والتوصيات:
طالب البيان السلطات اللبنانية، بإعلان نتائج التحقيقات بحادثة مقتل اللاجئ السوري “بشار عبد سعود”، ومحاكمة المسؤولين عن مقتله، وتكليف جهات مستقلة في التحقيق بالانتهاكات والتعذيب والقتل التي تعرض لها عدد من اللاجئين داخل هذه السجون.
كما أكد على ضرورة إعادة التحقيقات وفق الأصول والإجراءات القانونية، وإعادة النظر في الأحكام الصادرة، وإلغاء ما تم انتزاعه تحت التعذيب، مؤكداً على عدم تكرار الانتهاكات بحق المعتقلين، والالتزام بالمعايير الدولية.
ودعا البيان السلطات اللبنانية للتعاون مع مراقبي الاحتجاز الدوليين، ومراقبو انتهاكات حقوق الإنسان، ومنحهم حق الوصول إلى كافة مراكز الاحتجاز، لتنفيذ زيارات دورية وغير دورية، للوقوف على واقع حقوق الإنسان فيها.
كما أكد البيان على السلطات اللبنانية بضرورة تأمين الرعاية الطبية اللازمة للموقوفين، وإنشاء آلية لتلقي شكاوى المحتجزين في مراكز الاحتجاز اللبنانية.
وفي السياق ذاته، طالب البيان المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بتفعيل دور مكتب الحماية بشكل أكبر، وتقديم الدعم والتمثيل القانونيين، للدفاع عن قضايا اللاجئين أفراداً وجماعات، ومتابعة قضاياهم في المحاكم، لضمان محاكمات عادلة ومحايدة وشفافة.
وختم البيان بمطالبة المجتمع الدولي والمنظمات الدولية للمساهمة في الضغط على الحكومة اللبنانية، لاحترام وتنفيذ التزاماتها بحسب الاتفاقيات الدولية المصادق عليها، وتوفير الحماية والأمان لجميع السكان على الأراضي اللبنانية، بما فيهم اللاجئين السوريين.
كما دعا للعمل على زيارة السجون اللبنانية ولقاء الموقوفين السوريين، والوقوف على ظروفهم والانتهاكات التي تعرضوا لها، بغية الوصول لمحاكمة عادلة، والتأكيد على توفير برامج مساعدة ودعم قانوني للاجئين السوريين، تضمن حقهم في الدفاع عن أنفسهم أمام القضاء اللبناني.