fbpx

مقتلة الكيماوي السورية في ذكراها الحادية عشرة.. ماذا بعد؟

0 51

ربما كان للربيع العربي.. وخاصة الربيع السوري المتمثل بثورته العظيمة، وردة فعل النظام الدولي المافياوي المهيمن حياله..

الفضل المشهود له تاريخياً بكشف سوءات هذا النظام، وبناه المركبة التي تموضعت في بانوراما تشي بوحشية وبربرية وهمجية ما نسميه اليوم حضارة بشرية القرن الواحد والعشرين.

وربما كانت حروب القرون السابقة لهذا القرن التي ليس لها ما يبررها من وجهة نظر إنسانية أقل بربرية وهمجية، مما يتم تنفيذه في حروب هذا القرن وهو لازال في ربعه الزمني الأول، لا لشيء إلا لأننا اعتقدنا أن التطور التقني والثقافي ومستويات الوعي الذي حققته البشرية والتجارب التي اختزنتها من حروبها في القرون السابقة، ستجعلها أكثر إنسانية وأكثر قرباً من صورة الإله في الأرض تحقيقاً لخلافته وفق السردية الدينية.

وهو ما يجعلنا نعود للتذكير والتركيز على المعادلة التي تثبت دورها الفاعل والحاسم في كل المحطات الصراعية عبر التاريخ البشري، ألا وهي معادلة القوة والضعف ومقولة الحياة للأقوى الداروينية.

في هذا الفضاء والثقافة التي تمثله وتجلياتها الفكرية والذهنية، يقفز أمامنا كل عام في مثل هذا الشهر ومثل هذا اليوم وعلى مدى أحد عشر عاماً، مشهد الدم والموت والقتل العابث الذي صنعته مجزرة الغوطة الكيماوية بأيدي العصابة الأسدية العميلة، والأشلاء المتناثرة والجثث المختلجة والأجساد المرتجفة التي تحاول بأعلى درجات الألم التملص من الاختناق القابض على الصدور والحناجر، لا يفرق بذلك بين طفل أو امرأة أو كهل أو يافع، ولا يبخل أن يملأ أكبر مساحة ممكنة من الأرض أو الشوارع أو الأزقة أو المنازل.

أحد عشر عاماً، ويتكرر المشهد، وفي كل مرة يترك ويحفر في نفوس ومشاعر وأحاسيس الملايين من السوريين أطناناً من التصورات والتهيؤات والخيالات، تتراوح بين الشعور بالسحق والدونية والشيئية، وبين الحقد والتربص والغضب والانفجار، والإحساس بفوبيا العالم المعاصر، الذي يبدو لهم وكأنه ذاهب الى نهايته السرمدية.

لكن، وكما هي الحال البشرية التي قدمها لنا التاريخ، يبقى الأمل الذي يحكمها، يومض ببدايات جديدة، تؤسس لمراحل لاحقة من عمر حقب هذا التاريخ.

وضمن هذا التصور، نعتقد أن شعوبنا تمتلك من المخزون التاريخي الحيوي والحضاري الذي في حال استدعائه والتفاعل معه وتهيئة الأدوات المناسبة واللازمة لمنحه الحيوية والفعل، لتمكن من تغيير الواقع وامتلاك عنصر القوة الذي تقوم عليه معادلة الصراع البشري كما أسلفنا.

نعم.. لن نهذي أو نتوهم، ولن نصوب الذاكرة والفكر نحو مساحة حاضرة في تاريخنا أقرها العالم أجمع دون لبس أو شبهة في صدقيتها.

تلك المساحة التي تستنجد فيها سيدة عربية في بلدة عمورية الحادثة التاريخية المعروفة، منادية مركز قوة قومها وفخارها: وامعتصماه.

كذلك، هذا الصوت الذي يقر بالعجز المطبق على جمع هذه الحقبة التي نعيشها، من خلال رمزية السيوف الخشبية التي في حوزتنا، منادياً ابن الوليد وسيفه البتار رمزاً لقوة الأسلاف وحضارتهم.

عندما يقول يا ابن الوليد ألا سيفاً تؤجره فكل أسيافنا قد أصبحت خشباً..

غاية القول، لم يعد مقبولاً أن نجتر عجزنا وأن نأتلف مع ما يحاول أرباب مافيات النظام الدولي وناهبو الشعوب المكافحة أن يصقلوا وعينا وفق ما يصنعوه ويفبركوه لنا، من خلال النخب والرموز والنجوم التي ينتجونها في كواليس ثقافتهم التي عرتها ثوراتنا العربية.

لقد آن لنا أن نقطع مع حال الذل والهوان والركوع الذي يريدوه لنا، وأن نسترد وجودنا المهدد بالإبادة تحت مزاعم تفوق العنصر المهيمن. وأن نعيد حساباتنا بكل جرأة وعقلانية وإقدام، فحضارتنا وأمتنا وشعوبنا أولى بأن تستعيد زمام المبادرة التاريخية، فتجربتها الحضارية حافلة بكل عوامل النجاح والاستمرارية، لأنها أكثر إنسانية وأكثر عدلاً وأكثر تمثلاً للحرية والمساواة.

فهلّا نبدأ؟؟.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني