fbpx

معاناة مرضى السرطان في شمال غرب سوريا: البحث عن الأمل في وسط الحرب

7 333

تقرير: هنا القطيني وإبراهيم الخليل

على مدى ثلاثة عشر عاماً من الحرب لا يزال مرضى السرطان خصوصاً متعلقين بالأمل بما يتوفر من إمكانيات متاحة حيث تبرز معاناتهم ويواجهون تحديات هائلة للحصول على الرعاية الصحية والعلاج اللازم حيث يعتبر هؤلاء الأشخاص تحت وطأة هذه الحرب في بيئة معقدة تتخللها نقص حاد في الخدمات الطبية وتعقيدات تصعب عملية الوصول إلى الرعاية الصحية.

وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال ملح حول كيفية توفير الدعم اللازم لهؤلاء المرضى وضمان حصولهم على العلاج الضروري لمجابهة المرض والحفاظ على صحتهم؟

ولدعمهم وإعادة زرع البسمة على وجوههم، قام فريق شباب برو بتاريخ 5 فبراير 2024 وهو فريق شبابي جامعي سوري يهدف إلى دعم قدرات الشباب في مجالات قيادية وسياسية وتقنية شاملة وصولاً إلى تعزيز دورهم في بناء المجتمع والتأسيس لسوريا المستقبل، بالتعاون مع فرق تطوعية في مدينة إدلب بزيارة إلى المشفى المركزي قسم الأورام وذلك في اليوم العالمي للسرطان يحملون وردة من الأمل وكلمات دافئة علها تنسيهم ولو قليلاً ألم هذه الجرعة التي تجري في أوردتهم.

وفي لقائهم مع هؤلاء المرضى سمعوا قصصاً مؤثرة، كانت أغلبها تسرد ضيق الحال ومعاناة الوصول إلى العلاج.

إذ يقول أحد المرضى مبدياً استياءه من تكاليف العلاج التي تثقل كاهله، معبراً عن اليأس الذي يخيم على حالته المادية، حيث يواجه مشكلة الوصول إلى العلاج الذي يحتاجه، وسط غياب تام للدعم المالي والمساعدات الطبية.

وصوت آخر يوجعه المرض حيث تقول إحدى المريضات والتي كان يظهر عليها الإحباط والقلق والصعوبة في التحدث عن معاناتها الصحية أنها تفكر باستمرار حول مستقبل أسرتها في ظل أزمتها الصحية وصعوبة المعيشة وفقر الحال.

حيث تحولت حياتي إلى جحيم بسبب التكاليف المترتبة على علاجي. كل مرة أذهب فيها إلى المشفى، أجد نفسي مضطرة لدفع مبالغ طائلة من المال، ولا أستطيع سدادها دائماً.

أحياناً أجد نفسي في مواجهة وحدتي، بلا أي دعم أو مساعدة، وهذا يجعل الأمور أكثر صعوبة.

وتقول أنا أؤمن بأننا بحاجة إلى دعم يركز على تكاليف العلاج، لأنه هو الأمر الوحيد الذي يمكن أن يجعل حياتنا أفضل. نحن بحاجة إلى مساعدة لتخفيف العبء المالي الذي يثقل كاهلنا، ولذلك أقترح إنشاء صندوق لتغطية تكاليف العلاج في المشافي. هذا الصندوق سيكون مصدر أمل للعديد من الناس الذين يعانون مثلي من صعوبات مالية.

وعلى لسان أحدهم وفي أحد الأسِرّة وبوجه شاحب جداً يظهر عليه علامات القهر والضعف.

يقول أحد المرضى الذي يبلغ الخمسين من العمر إنه يعيش في مخيمات النزوح مع عائلته حيث تحدث عن صعوبة المعيشة في المخيمات مستذكراً أرضه وبيته اللذين هجر منهما وقال “لا يوجد في هذه المخيمات سوى القهر والمرض” على أمل الرجوع والعودة إلا أنه أمسى حلماً مستحيل التحقيق.

وفي غرفة مجاورة قالت إحداهن: أنا كأم ومريضة بالسرطان، أشعر بالتعب والضعف في كل يوم، وهذا الشيء يضاعف العبء على عائلتي. الجسم متعب والروح تشعر بالإعياء أكثر، والحاجة للعلاج ماسة. جهاز الرنين المغناطيسي، الذي يساعد في تشخيص حالتي بدقة، يعتبر أملنا الوحيد في معرفة مدى تطور المرض والخطوات القادمة للعلاج.

أما بالنسبة للوضع المالي، فالحقيقة أننا في حاجة ماسة للمساعدة. نحتاج إلى دعمٍ مالي يتيح لنا الوصول إلى العلاج الضروري بسرعة وبدون تأخير. يجب على الجميع أن يعمل معاً لتوفير العلاج والرعاية اللازمة لنا في جميع المناطق، فالحالات المرضية هنا تتطلب اهتماماً فورياً ومتابعة دقيقة.

وبينما يرسمون هذه الصورة المؤلمة للحياة تحت ظلال الحرب والمرض، يبحثون عن بصيص من الأمل والدعم، يضفون على أصواتهم نداءً ملؤه اليأس والأمل معاً، يتوسلون بأن يكون هناك من يرحم حالتهم ويمد لهم يد العون والمساعدة.

وخلال هذه الزيارة قامت هنا القطيني من أعضاء في فريق شباب برو، بإجراء مقابلة مع مسؤول قسم الأورام في مشفى إدلب المركزي الدكتور جميل الدبل، المتخصص في علاج مرضى السرطان.

وخلال المقابلة تم طرح بعض الأسئلة والاستفسارات وعند سؤال الدكتور جميل عن الصعوبات التي تواجه القطاع الطبي في مجال الأورام السرطانية؟.

أشار إلى أن هناك العديد من الصعوبات التي واجهها القطاع الطبي، وأوضح أن بداية العمل في هذا المجال كانت في عام 2018 وكانت التحديات كبيرة، ولكن تدريجياً بدأت تقل هذه الصعوبات. تطرق الدكتور إلى حاجة ماسة للأجهزة الطبية مثل الجهاز الشعاعي، مؤكداً على توفر جهاز الأشعة المسرع الخطي ولكنه أشار إلى أنه يحتاج وقتاً لتجهيز المكان للاستخدام وأشار بقوله: “يجدر التأكيد على أن جرعات العلاج المناعي تعتبر غالية للغاية ولا تكون متوفرة بشكل دائم. وبالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الأجهزة والأدوية ليست مجرد رغبة، بل هي حاجة ملحة للمرضى. على الرغم من أن مرضى السرطان في جميع أنحاء العالم يحصلون على حقهم في العلاج، إلا أن الوضع يختلف في بعض المناطق المتضررة مثل مناطق شمال غرب سوريا، حيث يواجهون تحديات في الوصول إلى الرعاية الصحية والعلاج المناسب”.

أما بخصوص السؤال عن نسب الشفاء بين المصابين هل يوجد احصائيات لعدد المصابين ونسب شفائهم؟

– بخصوص هذا الموضوع، أبدى الدكتور جميل القلق بشأن عدم توفر المعلومات الصحية الشاملة للمرضى، مشيراً إلى أن غالبية المرضى يتم تحويلهم إلى تركيا لتلقي العلاج، ما يجعل من الصعب تقدير النسب بدقة ووجود أكثر من مركز دون ترابط بينهم زاد الأمر صعوبة.

وفي سؤاله عن تقديرات لعدد المصابين ونسب الشفاء، أجاب الدكتور جميل: للأسف، ليس لدينا معلومات صحية شاملة لكل مرضى السرطان. غالباً ما يتم تحويل المرضى إلى تركيا لتلقي العلاج وخاصة العلاج الشعاعي، مما يجعل من الصعب تحديد النسب بدقة. وبالنسبة ليتباين مستوى الشفاء بين المرضى يكون ذلك حسب نوع السرطان ومرحلته. على سبيل المثال، يُعتبر سرطان الثدي من أنواع السرطانات غير الميلانوما مثلاً، وتختلف نسبة الشفاء منه بناءً على المرحلة التي يتم تشخيص المرض فيها. في المراحل الأولى، قد تصل نسبة الشفاء إلى 80 أو 85 في المئة، بينما تتراوح في المراحل المتقدمة ما بين 20 إلى 30 في المئة. يجدر بالذكر أنه من الصعب تحديد نسبة شفاء عامة بسبب تنوع أنواع السرطان وتطوراته المختلفة. ومع ذلك، يشهد العالم تطوراً ملحوظاً في علاج السرطان، ونحن نقوم بتطبيق نفس البروتوكولات العلاجية المتطورة، مما يسهم في ارتفاع معدلات الشفاء بشكل كبير.

وعند سؤال الدكتور جميل عن الجرعات الكيماوية بعد استفسارنا من المرضى حيث تم الذكر بأن بعض الجرعات مجانية وبعضها مأجور وبعضها قُدِم من فريق الاستجابة أو فرق الإغاثة الأخرى. فهل من الممكن اخبارنا عن التحديات التي تواجه الحصول على هذه الجرعات الكيماوية؟ وهل هي متاحة بشكل كافٍ؟ أجاب:

بالنسبة للجرعات التي يقدمها فريق الاستجابة الطارئة، فإنها تشمل الأدوية المناعية، وغالباً ما تكون غير مدعومة من المشفى. وفي بعض الحالات يتم تقديم هذه الجرعات بفضل تبرعات قليلة من بعض المنظمات، يستطيع من خلالها المرضى شراء العلاج المناسب.

كما أننا عانينا أثناء الزلزال من انقطاع دخول العلاج إلى مناطقنا من تركيا.

وهنا في مركز الأورام التابع للمشفى المركزي في إدلب لا يوجد إلا ثمانية أورام مدعومة العلاج ومجانية ولكن بعض الأورام غير مدعومة مثل سرطان المثاني إلا إذا كانت الأدوية متاحة من خلال التبرعات. وعندما لا تكون متوفرة، فإننا غير قادرين على تقديم العلاج الكيميائي المعين لهذا النوع من الأمراض في المشفى.

أما عن السؤال عن كيفية استجرار الجرعات الكيماوية؟.

الجرعات الكيميائية تأتي إلى المشفى المركزي في إدلب عن طريق منظمة سامز، وهي المسؤولة عن تأمين العلاج الكيميائي بالكامل لمرضى الأورام المدعومة الموجودين في المشفى. تعتمد منظمة سامز على طرق لوجستية خاصة بها لتأمين العلاج، سواءً عبر الموردين المعتمدين أو عن طريق عمليات المناقصة. وفي بعض الحالات النادرة، تصل بعض الأدوية المناعية الأساسية إلى المشفى عن طريق الهلال الأحمر القطري، وذلك بالتنسيق المشترك مع منظمة سامز.

وفي الختام طلب الأستاذ إبراهيم بشكل خاص من الدكتور جميل أن يذكر بعض التوصيات بخصوص القطاع الطبي بشكل عام وما الرسالة التي يحبون أن تصل إلى المنظمات والهيئات الدولية.

فأجاب:

الرسالة الأساسية التي نرغب في توصيلها هي ضرورة معاملة مرضى الأورام بنفس احترام ورعاية التي يتمتع بها مرضى السرطان في جميع أنحاء العالم. يعتبر حق الحصول على العلاج من الحقوق الأساسية للإنسان، ومن غير المقبول أن يكون مرضى السرطان في شمال غرب سوريا ضحايا لعدم توفر بعض أنواع العلاجات، حيث يفتقرون إلى بعض العلاجات الضرورية، مما يؤدي إلى فقدان بعضهم لحياتهم. لذا، نطالب بضرورة دعم هؤلاء المرضى على المستوى العالمي، وضمان توفير العلاجات اللازمة لهم.

وأخيراً، من الضروري إدراك المعاناة الكبيرة التي يتعرض لها مرضى السرطان في المناطق الشمالية الغربية من سوريا، والتي تتفاقم بسبب قلة الموارد والدعم الطبي المتاح. يجب علينا تقديم الدعم والرعاية اللازمة لهؤلاء المرضى، سواء من خلال توفير العلاجات الضرورية أو من خلال تقديم الدعم النفسي والمعنوي الذي يحتاجون إليه بشدة.

 ويجب تكثيف الجهود لدعم القطاع الطبي في هذه المناطق، وتوفير المعدات والأدوية اللازمة للعلاج الفعال والكفء، والتي تضمن أن يحصل المرضى على الرعاية الصحية المناسبة التي يستحقونها. فبدون هذا الدعم، فإن حياة المرضى ستظل مهددة والأمل في الشفاء سيبقى بعيد المنال.

7 التعليقات
  1. رؤوف ويس says

    جزاكم الله خيرا على هذا التقرير

  2. Ata'a says

    مقال رائع ومفيد نأمل ان يتم النظر في هذا الأمر ..شافى الله مرضى السرطان وكان عوناً لهم وجزاكم الله كل خير
    مبدعة آنسة هنا بالتوفيق والنجاح الدائم 💕

  3. Abdullah Mohamed says

    اللهم شاف كل مريض
    مبدعة آنسة هنا

  4. رنا قطيني says

    سلمت أناملك مقال رائع

  5. Ayman says

    بوركت جهودك انسة هنا و كل الشكر لفريق العمل و لفت الانظار لهذا الجانب الملح و المهم في القطاع الصحة .. دمتم بخير و شفاء عاجل باذن الله للمرضى

  6. عمر says

    جزاكم الله كل خير وسدد الله خطاكم

  7. أبي السوادي says

    جزاكم الله خيرا على هذه المبادرة
    بالتوفيق

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني