مستقبل الثورة السورية: استراتيجيات وتحديات من منظور الدكتور عبد الله النفيسي
مقدمة
في خضم الصراع الدائر في سوريا منذ عام 2011، تقدم محاضرة الدكتور عبد الله النفيسي، المنشورة بتاريخ 9 يوليو 2024 على قناة اليوتيوب “الراصد للأبحاث والدراسات”، تحليلاً استراتيجياً عميقاً لمسار الثورة السورية ومستقبلها. تُقدم المحاضرة رؤية ثاقبة للتحديات التي تواجهها المعارضة السورية، مع شرح للدور الروسي والإيراني والإسرائيلي إضافة للتنسيق والتخادم بين هذه الدول لضرب الثورة السورية، وتقترح خطوات عملية لتحقيق النصر على النظام وتحقيق تطلعات الشعب السوري في الحرية والكرامة والديمقراطية.
نقاط القوة في المحاضرة
تتميز محاضرة الدكتور النفيسي بالعديد من نقاط القوة، أهمها:
- التحليل الدقيق للواقع: تقدم المحاضرة تحليلاً دقيقاً للواقع الميداني والسياسي في سوريا، مع مراعاة مختلف العوامل المحلية والإقليمية والدولية المؤثرة على مسار الثورة.
- الرؤية الاستراتيجية الشاملة: تُقدم المحاضرة رؤية استراتيجية شاملة لمستقبل الثورة السورية، وتحدد الخطوات العملية الواجب اتباعها لتحقيق أهدافها.
- التركيز على نقاط محورية: تركز المحاضرة على نقاط محورية وهامة في مسار الثورة السورية، مثل توحيد المعارضة، ونشر خطابها، وتنشيط القوى العسكرية، ومواجهة الدور الإيراني.
- الواقعية والموضوعية: تتميز المحاضرة بواقعيتها وموضوعيتها، وتتجنب الشعارات والخطابات المُبالغ فيها، وتقدم تحليلاً موضوعياً للتحديات والفرص التي تواجهها الثورة السورية.
مناقشة النقاط
سأقوم بمناقشة بعض النقاط الواردة في المحاضرة بشكل تفصيلي:
أهداف التدخل العسكري الروسي في سوريا:
- مقاومة الدور الغربي، وخاصة الأمريكي، في سوريا.
- دعم نظام الأسد.
- القضاء على المعارضة المسلحة.
- استخدام الأزمة السورية كورقة مساومة في المفاوضات مع الغرب، خاصة فيما يتعلق بالعقوبات الاقتصادية وأوكرانيا.
- استعادة مكانة روسيا الدولية كقوة عظمى.
- زيادة سيطرة روسيا على منطقة الهلال الخصيب ذات الأهمية الجيو-سياسية.
- تعزيز الفكر القومي الروسي.
دور تركيا:
- تلعب تركيا دوراً حاسماً ومتناقضاً في الثورة السورية لأنها تأوي ملايين اللاجئين السوريين.
- يحث الدكتور النفيسي تركيا على عدم إهمال دورها في دعم الثورة.
دور إيران:
- هدف إيران هو تصدير الثورة وتغيير التركيبة الديمغرافية السكانية لسوريا من خلال تهجير السكان السنة واستبدالهم بالشيعة.
الرسالة العامة:
- تحتاج الثورة السورية إلى تغيير تكتيكاتها من أجل البقاء. والتركيز على نشر رسالتها في جميع أنحاء سوريا وحشد الدعم الدولي. كما يجب على الثورة ان تتغلب على الانقسامات الداخلية لتحقيق أهدافها.
توصيات للثورة السورية:
- تجنب المواجهة المباشرة مع النظام بسبب عدم التوازن في القوى.
- توحيد رسالة وأهداف المعارضة.
- التركيز على تحسين التواصل مع وسائل الإعلام الدولية.
- إنشاء شبكة من الاتصالات السياسية مع وسائل الإعلام الدولية.
- نشر الثورة جغرافياً في جميع أنحاء سوريا بدلاً من التركيز في إدلب.
- الاستفادة من الوضع الحالي، حيث تنشغل روسيا بأوكرانيا، لشن هجمات وتعطيل النظام.
نقاط إضافية من المحاضرة
- تجاوز تقييد المعارضة في شمال غرب سوريا وإدلب: دعوة الدكتور النفيسي لتجاوز تقييد المعارضة السورية في منطقة إدلب وشمال غرب سوريا. إنّ توسيع رقعة سيطرة المعارضة وانتشارها في جميع أنحاء سوريا ضروري لكسر الحصار المفروض على إدلب، ومنع حلفاء النظام الروس والإيرانيين من توجيه ضربات قاضية للمعارضة.
- توحيد خطاب المعارضة وأطياف الشعب السوري: إنّ توحيد خطاب المعارضة وجمع كافة أطياف الشعب السوري حول مشروع وطني موحد أمرٌ ضروري لتحقيق النصر على النظام. يجب على المعارضة أن تُقدم خطاباً واضحاً ومقنعاً يُجسد تطلعات الشعب السوري في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
- التركيز على الإعلام الخارجي: ضرورة تركيز المعارضة على الإعلام الخارجي لنقل صورة حقيقية وموضوعية عن الأحداث في سوريا. إنّ تغيير الصورة النمطية للثورة السورية في الإعلام الدولي أمرٌ ضروري لكسب المزيد من الدعم والتأييد الدولي.
- تكوين شبكة من العلاقات الخارجية: دعوة الدكتور النفيسي المعارضة السورية لبناء شبكة واسعة من العلاقات السياسية الخارجية مع الدول الداعمة للثورة السورية. ستساهم هذه العلاقات في تعزيز الدعم الدولي للثورة وتوفير مزيد من الزخم لها.
- نشر المعارضة على نطاق جغرافي أوسع: إنّ نشر المعارضة على كامل الجغرافية السورية، وليس فقط في الشمال الغربي وادلب، ضروري لكسر الطوق الجغرافي المفروض على مناطق سيطرة المعارضة. كما أنّ التنوع الجغرافي سيعزز من تمثيل المعارضة لكافة أطياف الشعب السوري.
- تنشيط القوى العسكرية في إدلب: التأكيد على تنشيط القوى العسكرية في إدلب، بما في ذلك تنفيذ عمليات ضد القوات الروسية، لتعزيز الموقف العسكري للمعارضة.
- خطورة الدور الإيراني في سوريا: حذر الدكتور النفيسي من خطورة الدور الإيراني في سوريا، والسعي لمواجهة التغيير الديمغرافي الذي تسعى إيران إلى فرضه في البلاد.
- تجاوز الفخ الجغرافي: ضرورة تجاوز الفخ الجغرافي والانتقال بالحراك الثوري إلى أكبر رقعة جغرافية ممكنة.
نقاط القوة الإضافية
- الوعي بالتحديات الداخلية: تُظهر المحاضرة وعي الدكتور النفيسي بالتحديات الداخلية التي تواجهها المعارضة السورية، مثل الخلافات والانقسامات، ويُقدم حلولاً عملية لتجاوز هذه التحديات.
- الدعوة إلى الحوار والمصالحة: يُؤكد الدكتور النفيسي على أهمية الحوار والمصالحة الوطنية بين جميع أطياف الشعب السوري لبناء مستقبل سوريا بعد الثورة.
- الأمل في المستقبل: تُقدم المحاضرة رسالة أمل للمعارضة والشعب السوري بأنّ النصر ممكنٌ من خلال الصمود والوحدة والعمل الجاد.
ملاحظات ختامية
تُقدم محاضرة الدكتور عبد الله النفيسي مساهمة قيّمة في الجهود الرامية لفهم مسار الثورة السورية ومستقبلها. كما تُقدم المحاضرة تحليلاً دقيقاً للواقع وتُقترح خطوات عملية لتحقيق النصر على النظام وتحقيق تطلعات الشعب السوري. إنّ تبني المعارضة السورية لهذه الرؤية وترجمتها على أرض الواقع سيزيد من فرص نجاحها في تحقيق أهدافها.
ختاماً، أودّ التأكيد على أنّ تحليل الدكتور النفيسي يُقدم إطاراً عاماً للنقاش، ويجب على المعارضة السورية أن تُطوره وتُكيّفه بما يتناسب مع الظروف المتغيرة على الأرض. كما أنّ نجاح الثورة السورية يتطلب جهداً جماعياً من جميع أطياف الشعب السوري، وليس فقط من المعارضة.