
محمّد صوان رئيس حزب الإصلاح الوطني الديمقراطي لـ نينار برس: لا يزال النظام السوري الجديد يعاني من الانقسامات السياسية والمجتمعية
لا يمكن فهم الوضع السياسي السوري العام خارج فهم احتياجات فئاته السياسية المختلفة ومكوناته العديدة، هذا ما تسعى إليه صحيفة نينار برس من خلال حواراتها الصحفية مع صانعي الرأي العام السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي في البلاد.
نينار برس طرحت أسئلتها التالية على السيد محمّد صوّان رئيس حزب الإصلاح الوطني الديمقراطي. وقد جاءت إجاباته واسعة ومفصّلة، وارتأينا نشرها كما هي.
السؤال الأول
مجموعة من الظروف الداخلية والخارجية أوصلت نظام الإبادة الأسدي إلى السقوط. هذه الظروف لا تزال تلعب دوراً في التأثير الكبير على العهد الجديد.
كيف تقرأون اللوحة السياسية الراهنة في سورية من ناحية القدرة على خلق الاستقرار السياسي والبدء بمشروع إعادة إعمار البلاد وتطبيق العدالة الانتقالية في ظل الإعلان الدستوري الذي اعتمدته القيادة السياسية في البلاد؟
الشرذمة تحكم القوى السياسية
يجيب رئيس حزب الإصلاح الوطني الديمقراطي السوري على سؤالنا الأول فيقول:
يمكن قراءة المشهد السياسي الراهن في سورية على أنه معقد ويواجه العديد من التحديات.
التحليل السياسي الراهن في سورية:
1.الظروف الداخلية والخارجية:
الظروف الداخلية: لا يزال النظام السوري الجديد يعاني من انقسامات سياسية ومجتمعية، حيث تزايدت المطالب الشعبية بتحقيق الاستقرار وتلبية احتياجات المواطنين. بالإضافة إلى ذلك، هناك غياب للتوافق بين القوى السياسية المختلفة حول مستقبل البلاد.
- الانقسامات السياسية: لا تزال القوى السياسية المختلفة متشرذمة، مما يعوق التفاوض والاتفاق على رؤية سياسية موحدة للمستقبل. هناك عدم ثقة بين النظام القائم اليوم والمعارضة الحالية، مما يجعل الحوار صعبًا.
- الاحتجاجات الشعبية: هناك صوت للمجتمع المدني والمجموعات الشبابية التي تطالب بالمزيد من الحقوق والحريات، مما يشير إلى أن الرغبة في التغيير لا تزال حية.
- التردي الاقتصادي: يعاني الاقتصاد السوري من أزمة خانقة نتيجة الحرب السابقة، والعقوبات الاقتصادية، وانعدام الأمن. هذا أدّى إلى تفشّي الفقر والبطالة، مما يؤثر على الحياة اليومية للمواطنين ويزيد من استيائهم.
يضيف السيد صوّان:
الظروف الخارجية: تتداخل مصالح القوى الإقليمية والدولية في سورية، مما يشكل تحدياً إضافياً أمام بناء استقرار سياسي شامل. الدعم الخارجي للنظام السابق أو لقوى المعارضة أضاف تعقيدات عديدة.
- التدخلات الإقليمية والدولية: تتراوح التدخلات من دعم عسكري إلى تقديم مساعدات إنسانية. القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا وإيران وتركيا تلعب أدوارًا معقدة تؤثر على الوضع السياسي والأمني والاقتصادي.
- العقوبات: العقوبات التي كانت مفروضة على النظام السوري لا تزال قائمة وتعرقل جهود إعادة الإعمار وتؤثر سلباً على حياة المدنيين، مما يخلق بيئة من الاستياء والتوتر.
ويوضح السيد صوان فكرته أكثر فيقول:
2.إمكانية خلق الاستقرار السياسي:
لتحقيق الاستقرار، تحتاج سورية إلى حوار شامل يضم جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك القوى التي كانت في المعارضة سابقاً وهي في الحكم اليوم. والقوى التي كانت بالحكم سابقا فهي في جهة المعارضة اليوم. يتطلب ذلك تفاهماً حول مبادئ أساسية مثل الديمقراطية والمواطنة المتساوية. جاء الإعلان الدستوري ليحل جزء كبير من المشكلة اليوم ويحتاج إلى تفاهمات أوسع لتضييق الفجوة القائمة بين النظام القائم والمعارضة.
- ضرورة الحوار الوطني: لبناء استقرار حقيقي، يجب أن يتضمّن الحوار جميع الأطراف: النظام، المعارضة، والأطراف المستقلة. الحوار يجب أن يقوم على أسس من المصالحة والشفافية.
- الإصلاحات الدستورية والقانونية: تحتاج سورية إلى إصلاحات حقيقية في النظام السياسي لضمان الديمقراطية وحقوق الإنسان، بما أن هذه الإصلاحات يمكن أن تساهم في بناء الثقة بين مختلف الأطراف. والإعلان الدستوري هو جزء من الإصلاحات المتوقعة.
3.مشروع إعادة الإعمار:
يتطلب إعادة الإعمار توافر الأمن والاستقرار السياسي. يجب أن تسعى القيادة السياسة إلى فتح قنوات التعاون مع المجتمع الدولي والشركاء الإقليميين، مع التركيز على إعادة بناء البنية التحتية ودعم الاقتصاد.
- التعاون الدولي: نجاح مشروع إعادة الإعمار يعتمد بشكل كبير على دعم المجتمع الدولي. يجب على الحكومة السورية الجديدة أن تعيد البناء بأسلوب يتضمّن الشفافية والمساءلة، ليتمكّن المجتمع الدولي من الوثوق في جهودها ومنح الدعم.
- استراتيجيات مالية: يجب تطوير استراتيجيات عديدة وتعديل للمراسيم والقوانين الناظمة للعملية الاقتصادية لجذب الاستثمارات وتفعيل المشاريع الصغيرة والمتوسطة لتعزيز الاقتصاد المحلي.
4.تطبيق العدالة الانتقالية:
- العدالة الانتقالية تعتبر خطوة مهمة لضمان عدم تكرار مآسي الماضي. لابد من إنشاء آليات قانونية واضحة لمحاسبة من ارتكبوا الجرائم بحق الشعب السوري، مع تقديم تعويضات للمتضررين.
آليات المحاسبة: تحتاج سورية إلى إنشاء محاكم خاصة أو لجان تحقيقية مستقلة لمحاسبة من ارتكبوا الفظائع. يجب أن تكون هذه الآليات شفافة وعادلة.
التمكين الاجتماعي: يجب أن تركّز العدالة الانتقالية على دعم الضحايا وإعادة إدماجهم في المجتمع، ما يساعد في بناء الثقة ويمنع تكرار أنماط العنف.
في النهاية، يعتبر الإعلان الدستوري خطوة إيجابية نحو بناء مستقبل مستقر، لكنه يحتاج إلى خطوات عملية على الأرض لضمان تطبيقه بشكل فعّال.
الطريق نحو الاستقرار في سورية محفوف بالتحديات، إلا أنه لا يزال هناك أمل. يتطلب النجاح تعاون جميع الأطراف المعنية ورغبة حقيقية في التغيير.