fbpx

مجزرة الساحل السوري: 803 قتلى في أربعة أيام من الفوضى والعنف الطائفي

0 37

سوريا الجديدة أمام اختبار العدالة والمحاسبة:

بين 6 و10 آذار/مارس 2025، شهدت سوريا واحدة من أكثر موجات العنف وحشية منذ سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024.

 في الساحل السوري، تحديداً في محافظات اللاذقية وطرطوس وحماة، نفّذت مجموعات مسلحة خارجة عن إطار الدولة ومرتبطة بنظام الأسد هجمات دامية استهدفت مراكز أمنية وعسكرية تابعة للحكومة الانتقالية، مما دفع القوات الحكومية إلى شنّ عمليات أمنية موسعة، إلا أن هذه العمليات سرعان ما خرجت عن نطاق السيطرة، متحولة إلى أعمال انتقامية طائفية، أفضت إلى مجازر بحق المدنيين، وأسفرت عن مقتل 803 أشخاص خلال أربعة أيام فقط.

التقرير التالي، الصادر عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان، يوثّق حصيلة هذه الانتهاكات، ويحلّل تداعياتها الحقوقية والإنسانية، ويقدم توصيات للحكومة الانتقالية والمجتمع الدولي لضمان المحاسبة والعدالة.

أولاً: خلفية الأحداث – تصاعد العنف في الساحل السوري

في 6 آذار/مارس 2025، شنت مجموعات مسلحة مرتبطة بنظام الأسد هجمات منسقة على مواقع أمنية وعسكرية للحكومة الانتقالية في الساحل السوري، في محاولة لإثارة الفوضى وخلخلة الوضع الأمني. وردّت القوات الحكومية بعمليات واسعة، شاركت فيها فصائل عسكرية محلية وتنظيمات إسلامية أجنبية غير منضبطة، إلى جانب مدنيين مسلحين انخرطوا في المواجهات دون قيادة مركزية.

لكن هذه المواجهات خرجت عن إطار العمليات الأمنية، وتحولت إلى أعمال قتل انتقامية ذات طابع طائفي، طالت المدنيين والطواقم الطبية والإعلامية، فضلاً عن عمليات تهجير قسري ونهب للممتلكات العامة والخاصة، وسط انهيار أمني غير مسبوق.

ثانياً: حصيلة الضحايا – أرقام صادمة لانتهاكات جسيمة

وثّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 803 أشخاص خلال أربعة أيام، بينهم 39 طفلاً و49 سيدة، وفق التفاصيل التالية:

172 عنصراً من القوات الأمنية والعسكرية، قُتلوا على يد المجموعات المسلحة المرتبطة بالنظام السابق.

211 مدنياً، بينهم عامل في المجال الإنساني، قُتلوا نتيجة عمليات إطلاق نار مباشر من تلك المجموعات.

420 شخصاً، بينهم 39 طفلاً و49 سيدة و27 من الكوادر الطبية، قُتلوا على يد الفصائل المسلحة غير المنضبطة الموالية للحكومة الانتقالية أثناء العمليات الأمنية.

التوزيع الجغرافي للضحايا:

اللاذقية: 185 قتيلاً، بينهم 15 طفلاً و11 سيدة.

حماة: 49 قتيلاً، بينهم 15 طفلاً و10 سيدات.

طرطوس: 183 قتيلاً، بينهم 9 أطفال و28 سيدة.

حمص: 3 قتلى.

كما تم توثيق استهداف تسعة نشطاء إعلاميين وستة مواقع مدنية، في انتهاك واضح للقانون الدولي الإنساني.

ثالثاً: أبعاد قانونية وحقوقية – غياب المحاسبة وصعود خطاب الكراهية

كشفت هذه الأحداث عن انتهاكات جسيمة للقانون الدولي، شملت:

عمليات قتل خارج نطاق القانون، وإعدامات ميدانية بحق مدنيين وأفراد عزل.

استهداف الطواقم الطبية والصحفيين، مما يعد جريمة حرب بموجب القوانين الدولية.

تصاعد خطير في الخطاب الطائفي، ما يهدد باندلاع دوامة جديدة من العنف والانتقام.

كما أظهرت هذه الانتهاكات ضعف الحكومة الانتقالية في ضبط الفصائل المسلحة الموالية لها، وعجزها عن فرض سيطرة أمنية فعالة، مما أدى إلى تفشي العنف وغياب المحاسبة.

رابعاً: التوصيات – ضرورة تحقيق العدالة وضبط الأوضاع الأمنية

1- للحكومة الانتقالية:

تشكيل لجنة تحقيق وطنية مستقلة، بمشاركة منظمات حقوقية، لضمان المحاسبة والشفافية.

ضبط القوات المسلحة والفصائل الموالية للحكومة، ومنعها من ارتكاب انتهاكات جديدة.

حماية المدنيين والصحفيين والعاملين في المجال الطبي والإنساني.

إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية والعسكرية، وتدريبها على معايير حقوق الإنسان.

2- للسلطات القضائية:

تعزيز استقلال القضاء لضمان محاكمات عادلة للمسؤولين عن الانتهاكات.

تأسيس صندوق لتعويض الضحايا وإعادة إعمار المناطق المتضررة.

3- للمجتمع المدني والمنظمات الحقوقية:

دعم توثيق الانتهاكات لضمان العدالة والمساءلة المستقبلية.

إطلاق مبادرات لتعزيز السلم الأهلي ونبذ خطاب الكراهية.

4- للمجتمع الدولي:

دعوة المفوضية السامية لحقوق الإنسان ولجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا إلى متابعة الأحداث وإجراء تحقيق دولي شفاف.

تقديم دعم عاجل للمتضررين، وضمان إيصال المساعدات الإنسانية للمناطق المنكوبة.

سوريا أمام مفترق طرق – إما العدالة أو الفوضى:

تكشف هذه الأحداث عن هشاشة الوضع الأمني في سوريا ما بعد الأسد، وتضع الحكومة الانتقالية أمام اختبار حقيقي لقدرتها على فرض سيادة القانون، وضبط الفصائل العسكرية، ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات.

إن الفشل في التعامل مع هذه الأزمة بحزم وشفافية سيؤدي إلى استمرار العنف، وترسيخ الإفلات من العقاب، وتعميق الانقسامات المجتمعية.

وفي الختام، تؤكد الشبكة السورية لحقوق الإنسان  التزامها بمواصلة توثيق الجرائم والانتهاكات، ومطالبة الجهات المعنية محلياً ودولياً بتحمل مسؤولياتها، لضمان تحقيق العدالة وإنهاء دوامة العنف في سوريا الجديدة.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني