مؤتمر بروكسل الثامن بعنوان: دعم مستقبل سورية والمنطقة
كانت فرصة مهمة أن أشارك مع عشرات السوريات والسوريين في مؤتمر دولي يستضيفه الاتحاد الأوروبي ويشارك فيه المسؤولون وصُنّاع القرار من الأمم المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي والدول المؤثِّرة في القضية السورية، لا سيما دول الجوار؛ تركيا و الأردن ولبنان.
الموضوع الأهم في المؤتمر كان “الحوار” بحدّ ذاته، حيث نجح الفاعلون الدوليون في جعل المنصات الدولية ملتقى لحوار السوريين فيما بينهم وتعرُّفهم على بعضهم بعضاً، الأمر الذي يخلق للفاعلين الدوليين أنفسهم أفكاراً وطروحات لإيجاد الحل السياسي في سورية، وقد كان واضحاً في نقاش المسؤولين للعنوان الأول في المؤتمر وهو “تنفيذ القرار الأممي 2254” أن الدول المؤثِّرة اليوم ذهبت إلى “الحوار” سبيلاً لتنفيذ القرار، وعدم فرضه على الأطراف.
إضافة إلى حوار السوريين فيما بينهم وحوارهم للمسؤولين الدوليين قد أوجد المؤتمر بأنشطته الجانبية (أنشطة على هامش المؤتمر) نوعاً من الجوانب الثقافية والفعاليات الفنية، والحاضر المميز فيها كان الألم الإنساني لما أحدثه النظام في سورية وخاصة في قضية المعتقلين والمفقودين.
على الجانب الآخر؛ فإن الشعور بالعجز كان حاضراً أيضاً، لا سيما عندما يستغرق تحليل الواقع ومآسيه معظم وقت المؤتمر، دون القدرة على الانتقال إلى عنوان المؤتمر بالحديث عن دعم مستقبل سورية والسوريين، وأدوات ذلك وإستراتيجياته، وما يجب أن يفعله الفاعلون المحليون والدوليون بدلاً من الحديث عما فعلوه، وما قامت به المنظمات من أعمال لم تغطِ الكثير أمام تقييم الاحتياجات.
ربما كان الواقع المأساوي للسوريين سبباً في استغراق الحوار للماضي وعدم نجاحه في الانتقال إلى واجبات المستقبل، غير أن السبب الرئيسي لذلك هو النظام الذي أوصل سورية والسوريين إلى ما هم عليه اليوم، في واقع رسمه المشاركون القادمون من مختلف المناطق في الداخل السوري ومنها مناطق سيطرة النظام التي تشتكي من الفوضى التامة، وغياب أي دور خدمي أو حكومي للنظام ومؤسساته.
بل يتضح دور النظام في إعاقة رسم مستقبل سورية من استغلاله لهذه المنصات الدولية، فهو بالتوازي مع تعطيله المستمر للحل السياسي، يدفع العديد من منظمات المجتمع المدني التي يسيطر عليها في مناطقه لتشارك في هذه المؤتمرات، ويكون دورها تحصيل أكبر قدر من أموال المانحين للنظام تحت عنوان “التعافي المبكر” وتحويل المؤتمر من دعم مستقبل سورية إلى الحديث عن آليات الاستثمار في قطاعات الماء والكهرباء والصحة والتعليم، وتوزيع المساعدات.