fbpx

لا عدالة دون محاسبة: الطريق نحو إنصاف الضحايا ومساءلة المتورطين في جرائم نظام الأسد

0 30

من أجل سوريا جديدة تسودها العدالة:

عانى الشعب السوري لأكثر من عقد من انتهاكات جسيمة ارتكبها نظام بشار الأسد وحلفاؤه، مخلفاً وراءه آلاف الضحايا وملايين المشردين.

اليوم، وفي ظل التحولات السياسية التي تشهدها البلاد، يبرز مطلب العدالة الانتقالية كركيزة أساسية لتحقيق الإنصاف للضحايا، ومحاسبة المتورطين في الجرائم ضد الإنسانية.

 التقرير الأخير الصادر عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان يكشف حجم المسؤولية الملقاة على عاتق المجتمع السوري والدولي في تحقيق هذه العدالة.

أولاً: توثيق الانتهاكات ومسؤولية القيادات العليا:

عملت الشبكة السورية لحقوق الإنسان طوال 14 عاماً على بناء قاعدة بيانات شاملة توثق انتهاكات نظام الأسد، هذه البيانات تتضمن أسماء أكثر من 16,200 شخص متورط في الجرائم، من بينهم:

6,724 فرداً من القوات الرسمية: الجيش وأجهزة الأمن.

9,476 فرداً من القوات الرديفة: ميليشيات ومجموعات مساندة.

التركيز على القيادات العليا:

ترى الشبكة السورية ضرورة تركيز الجهود القانونية والقضائية على القيادات العليا في الجيش وأجهزة الأمن، الذين أشرفوا على تنفيذ خطط الانتهاكات، ويجب أن يكونوا الهدف الأول في مسار المحاسبة، مع ضمان إتاحة الفرصة لكل الضحايا لملاحقة المسؤولين عن معاناتهم أمام القضاء، بغض النظر عن مواقعهم.

ثانياً: المحاسبة لا تستثني أحداً:

إلى جانب المسؤولين العسكريين والأمنيين، يشير التقرير إلى تورط فنانين، وكتّاب، وسياسيين دعموا جرائم النظام بوسائل مختلفة، بما في ذلك التحريض على القتل وتعزيز المعاناة. هؤلاء الأفراد، رغم عدم مشاركتهم المباشرة في الجرائم، ساهموا في خلق بيئة دعمت سياسات النظام.

المسار القضائي والعدالة الانتقالية:

دعا التقرير إلى تقييم أفعال هؤلاء المتورطين أمام القضاء ضمن إطار العدالة الانتقالية، لضمان أن تشمل المحاسبة جميع المتورطين، بغض النظر عن طبيعة أدوارهم.

ثالثاً: خطوات تحقيق العدالة:

حدد التقرير مجموعة من الخطوات التي يجب أن يتبعها المتورطون لضمان إحقاق الحق وتحقيق المصالحة مع الضحايا:

1- الاعتذار العلني والمباشر:

تقديم اعتذار رسمي وصادق يتضمن اعترافاً بدعم انتهاكات النظام، والإقرار بالمسؤولية عن المعاناة الناتجة عن دعمهم، وتعهد بعدم تكرار تلك الأفعال.

2- المساهمة في التعويضات:

 تقديم دعم مالي مباشر للضحايا وأسرهم، والمساهمة في إعادة بناء المجتمعات المتضررة، و تمويل برامج تعليمية ومبادرات للناجين.

3- دعم كشف الحقيقة:

تقديم شهادات حقيقية أمام لجان تقصي الحقائق، ودعم حملات توعوية تسلط الضوء على الجرائم المرتكبة.

4- الامتناع عن المناصب القيادية:

التعهد بعدم السعي لتولي مناصب حكومية أو قيادية في المستقبل.

5- التوقف عن الظهور الإعلامي:

عدم المشاركة في أي برامج إعلامية أو ثقافية قبل تنفيذ هذه الخطوات.

رابعاً: مسؤولية وسائل الإعلام والمؤسسات الثقافية:

يحمل التقرير وسائل الإعلام مسؤولية كبيرة في دعم مسار العدالة الانتقالية. يشدد على ضرورة التزام الإعلام بعدم استضافة الشخصيات المتورطة بدعم نظام الأسد قبل التزامها بالخطوات المذكورة.

دور الإعلام في تعزيز العدالة:

الامتناع عن تلميع صورة المتورطين.

تبني خطاب يعزز المحاسبة ويعكس تطلعات الضحايا.

رفض التطبيع مع من دعمت أفعالهم نظاماً ارتكب جرائم ضد الإنسانية.

نحو سوريا تسودها العدالة والكرامة:

إن تحقيق العدالة الانتقالية في سوريا ليس مجرد خيار، بل هو ضرورة لبناء دولة تحترم حقوق الإنسان وتضمن الكرامة لمواطنيها. لا يمكن لأي متورط في دعم الجرائم أن يتنصل من مسؤوليته، مهما حاول التهرب أو الإنكار.

من الضروري أن تواصل المنظمات الحقوقية، مثل الشبكة السورية لحقوق الإنسان، العمل على توثيق الجرائم وجمع الأدلة. على السوريين جميعاً، في الداخل والخارج، أن يتكاتفوا لتحقيق العدالة وضمان ألا تتكرر تلك الانتهاكات في المستقبل.

لأن العدالة، وإن تأخرت، ستبقى السبيل الوحيد لإنصاف الضحايا وبناء مستقبل مشرق لسوريا.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني