fbpx

كيف وصلت الثورة السورية إلى درك اللجنة الدستورية

0 177

بعد مرور تسع سنوات على الثورة السورية، ووقت طويل من الصد والرد حول تنفيذ بنود القرار الدولي 2254 بشأن حل الصراع السوري، جاءت الفكرة العبقرية للجنة الدستورية، هذه الفكرة هي إحدى سلال ديمستورا الأربع، حيث تراجعت عملية الانتقال السياسي، لصالح الدستور، الذي يجب أن تتم كتابته والاستفتاء عليه خلال المرحلة الانتقالية، وتشكيل هيئة حكم انتقالية محدودة المدة. لكن ذلك لم يحدث ومررت هيئة المفاوضات المنبثقة عن مؤتمر الرياض 2 مبدأ السلال الأربع الذي كان فخاً روسياً لاصطياد المعارضة.

من هي اللجنة الدستورية؟

توصف بأنها جمعية تأسيسية مرخصة من الأمم المتحدة، تسعى إلى التوفيق بين حكومة نظام الأسد وبين المعارضة السورية، فيما يوصف بسياق عملية السلام السورية، من خلال تعديل الدستور الحالي أو اعتماد دستور جديد، مؤديةً إلى تسمية الثورة السورية بالحرب الأهلية!؟ هذا الأمر يكشف عن ضعف هذه اللجنة وضعف هيئة المفاوضات المنبثقة عن الرياض2، إذ إن القبول بسلة الدستور قبل التوصل لانتقال سياسي هو انعطافة في بنية القرار وتحايل ديبلوماسي، مارسه ديمستورا تحت ضغط الروس. 

كيف بدأت؟

ورد بند تعديل الدستور السوري الذي تم تعديله عام 2012 في القرار الدولي رقم 2254، لكن في سياق عدة بنود، يتحتم تحقيقها وفقاً للأولوية، لكن التعنت الشديد الذي مارسه نظام الأسد كطرف في هذه المعادلة من جهة، والتوجه الروسي من جهة ثانية، أحال الوضع إلى حالة جديدة، رسخت معها وجود ما يعرف اليوم باللجنة الدستورية. هذه اللجنة أريد لها أن تتشكل في ظل غياب ميزان قوى يعمل لصالح المعارضة، لذلك كان من المتوقع عدم قدرتها على إنجاز أي تقدم فعلي على صعيد تغيير بنية الدستور الموجود حالياً.

تغيير الدستور عبر مفاوضات جنيف يفترض تفاهمات صريحة بين القوتين الكبريين الولايات المتحدة وروسيا، هذه التفاهمات لم تحدث، وهو ما جعل الروس يماطلون في فرض الأمر على النظام السوري الذي يحمونه.

ما قيمتها ودورها؟ 

بحسب الواقع، ليس لقرارات هذه اللجنة أي صفة إلزامية ولا أي وضع قانوني داخل سورية وتشكيل اللجنة لا يتماشى مع عملية التعديل الدستوري المحددة من الدستور السوري الحالي، يضاف إلى ذلك، افتقار اللجنة أيضًا إلى تفويض قانوني من المعارضة السورية هذا من جهة، ومن جهة أخرى، من يريد تغيير دستور بلد ما، يجب أن يكون لديه قوة تفرض هذا التغيير، وهو أمرٌ لا تمتلكه المعارضة، لهذا سيبقى عمل اللجنة مراوحة في المكان، مع تمرير أزمنة إضافية لبقاء النظام، وتآكل قوى المعارضة، التي فقدت اندفاعة ثورتها.

هل تدعم هذه اللجنة ثورة شعبها؟

الشك لا يزور أفئدة القارئين، تجاه سعي السوريين للوصول إلى حل، في ظل الاستعصاء السياسي والعسكري والاجتماعي حتى، الذي أوصلهم له حكم آل الأسد، على مدى السنوات الماضية، وإن كان انخراط المثقفين السوريين في فخ اللجنة، أمام استثمار نظام الأسد للوقت في سبيل فرض سيطرته، وتعطيل الثورة عن مبادئها الأولى، في الحرية والكرامة، لهو ضرب من الجنون، إلا أنه أمر واقع ومتشعب، استتبع معه لجان مصغرة وموسعة، وعمل دؤوب سيؤول في ختام الحال إلى عصا بشار الأسد، التي تقف ضد دوران عجلة الثورة، حيث لا تزال تمارس قتل الشعب السوري منذ قرابة عشرة أعوام.

هذه اللجنة ما الفائدة منها للشعب السوري الموزع على الخيام وبلدان اللجوء؟ أليس الأجدى من الانخراط بلعبتها هو استقالتها، والبحث عن طريق تفرض إرادة ولو جزئية للشعب السوري في مستقبل حياته ونظامه السياسي؟ أسئلة ملحّة، لا يمكن ركنها جانباً، بل المطلوب تفعيلها والإجابة عليها، وفتح الطريق أمام تغيير المعادلة القائمة في الصراع السوري، هذه المعادلة الخاسر الوحيد فيها هم كل السوريين، والرابح فيها نظام استقدم كل قوى الشر ليربح مقعد الحكم. 

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني